أعجب لبعض الناس الذين بدأت تزعجهم مظاهر رمضان التي تعودنا عليها منذ صغرنا و كانت تسعدنا كثيرا، و لا يمكننا تصور رمضان بدونها، بل كنا و لا زلنا نعتبرها هي رمضان في مظهره. بعض الناس سامحهم الله اليوم صاروا يرفضون " الطَّبَّال" و " النّْفَّار" و يطلبون منهم عدم المرور بأحيائهم، و يتشاجرون معهم في غالب الأحيان، لأنهما صارا يزعجانهم بما تحدثانه آلتيهما من أصوات كان الناس من قبل يعتمدون عليها لمعرفة وقت الصحور، و صاروا يعتبرونهما علامة من علامات التخلف، بحيث - حسب رأي البعض - في الوقت الذي تطورت فيه المنبهات التي لم تعد اليوم تقتصرعلى الساعات فقط، بل تجاوزتها إلى الراديوهات و الهواتف النقالة... و التي أصبح بالإمكان الاعتماد عليها في إيقاظ النائم المُتَحَضِّر، لا زال الطبال و النفار يتجولان بين الأحياء، و يحدثان ضجيجا يزعج الأطفال و يقلق راحتهم. و سبحان الله، فبعد أن كنا في الماضي و نحن أطفال صغار نلح على آبائنا السماح لنا بالسهر حتى يمر الطبال و النفار، صرنا اليوم نرفضهما بدعوى إزعاج أطفالنا و إيقاظهم من النوم. و إذا ما طلبنا رأي الأطفال لوجدنا العكس، فالأطفال كلهم يحبون رؤية طبال الصحور و نفاره. و الحقيقة أنني لا أتخيل رمضان بدون طبال و لا نفار، كما لا أتخيله بدون حريرة و لا شباكية. و أخشى أن يتمادى هؤلاء في تَحَضُّرِهِم حتى يطلبوا من المؤذن عدم الآذان وقت الفجر، واعتماد الراغبين في الصلاة على المنبهات أيضا، بعد أن طالب البعض بمنع استعماله لمكبر الصوت. تقبل الله صيامكم