سابقت ظلاً بجناحين مرفرفين على عرض ساحة "وطاء حمام" .. وسرت ما شاء لي أن أسير.. وأنا أسير هذه المشاهد التي تخلب وتجلب الغاشي وهو يمشي.. لفظتني الدروب الزرقاء إلى شرفة "رأس الماء".. إن للماء رأساً قبل أن ترمي به الظروف في قاع الواد.. الواد هواد.. هواد.. في القريقية تلك.. على مرمى زفير.. يتجلى الشيخ كامل الأوصاف مولانا عبد الكريم الطبال يسبح في قطرة ماء.. يغرق نفسه فيها.. - لماذا؟ قالت الشقراء أم خيال وخيلاء. - لكي يرى شمس العشق، قلت أنا الذي طن في رأسي ما يشبه "الضوء".. أما صنوه "الماء" ففي الواد هواد.. إلى قاع البحر.. ومن البحر جاءنا كل هذا الريح.. طوبى.. طوب. من وراء جبل تيسوكة طلت شمس الصباح.. الليل راح.. وفسح للتي ابيضّ وجهها لماّ صفا لها الجو.. ترحرحت وأطلقت سوالفها الذهبية على المدينة المعلقة في سرة الجبل.. رأسها ماء.. ودونه شجر وحمام وشحرور شارد يتلو آيات الطبيعة المنفلتة من جنائن غرناطة الكبرى.. هي الشاون، أخت غرناطة من الشعر، لا تبدو للغادي والجائي إلا في كامل زينتها.. محافظة على وضوئها.. تماماً كقصيدة الشاعر الكبير التي هي، دائماً، في مهب الصلاة. النحرير محمد الأزرق، الطنجوي في الشاون.. الشوني في طنجة، يخيط حواشي الشارع بسروال إلا ربع.. الشارع الممتد على الخط.. خط أريان ابن الدردارة.. دردارة الوادي .. المحرفة بالماضي.. يا قلبي الذي دخله الريح الغربي ولم يفسد منه السويداء.. رغم الداء والأعداء.. *** سبحان الله.. بعض الفنانين لا يجمعون، على هامش مهارج الأصباغ، لا أموال طائلة ولا ضئيلة، ومع ذلك هناك من (يطالب)، من أشباه الفنانين، ولو بفرنك واحد.. قالها شباب 20 فبراير ولم يكذبهم أحد: "الله على دولة.. المفاهيم فيها حولا" أين ذهبت (الهمزة) المجتزأة من كلمة (حولاء)؟ سطا عليها منظمو المهرجان لكي يخللوا بها أسنانهم.. وربما أظافرهم، في زمن ما تدير خير ما يطرأ بأس.. والعياذ بالله. *** أحب الشاون لأنها نوارة.. وأحب من يحبها لأنه للنوار يؤول.. وطز في بلعمان.. أنا لست عنصرياً البتة.. ولكني (إقليمي) بما تحتمل الكلمة وما لا تحتمل، إقليمي بالمفهوم الجغرافي وما تكتنز الجغرافيا من تاريخ وثقافة وخصوصية. وأنا رأيت، بأم عيني التي سيملؤها تراب شمال الروح، الزين بين الجبال.. يسلب لب النساء والرجال.. يغني للمساء الرطب: يا الشاون يا نوارة.. - نلتقي !