رئيس مجلس النواب يجري مباحثات مع وزير خارجية ألبانيا    مجلس حقوق الإنسان.. المغرب يؤكد بجنيف التزامه من أجل النهوض بحقوق الإنسان    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    «أنورا» يحصد خمس جوائز أوسكار..وفيلم يوثق نضال الفلسطينيين يفوز بجائزة أفضل فيلم وثائقي..    القنوات العمومية تهيمن على وقت الذروة خلال اليوم الأول للبرمجة الخاصة بشهر برمضان    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية بلغاريا بمناسبة العيد الوطني لبلاده    الدار البيضاء: متابعة 4 أشخاص بتهم المشاركة في جرائم التشهير والقذف والإهانة والتهديد    أزمة قلبية تنهي حياة قاصر أثناء خوضه لمباراة في دوري رمضاني بطنجة    ثلوج وأمطار رعدية مرتقبة بعدد من مناطق المغرب    وكالة الأنباء الإسبانية (إفي): ابراهيم دياز.. الورقة المغربية الرابحة لأنشيلوتي في ديربي مدريد    تساقطات ثلجية وأمطار قوية مرتقبة في عدد من مناطق المغرب    الدريوش: الحكومة تعمل على تقليص عدد الوسطاء في سوق السمك    وكيل الملك يكشف تفاصيل متابعة 4 متهمين وإيداع قاصر بمركز لحماية الطفولة    بعد إلغاء شعيرة ذبح أضحية العيد.. دعم وحماية الفلاحين مربي الماشية الصغار على طاولة وزير الفلاحة    المرتبة 102 عالميًا..ضعف المنظومة الصحية والتعليمية يُبطئ مسار المغرب في "مؤشر التقدم الاجتماعي"    للمشاركة في احتفالات الذكرى 96 لتأسيسه .. الاستاذ إدريس لشكر يزور المكسيك بدعوة من الحزب الثوري المؤسساتي    ثلاثة أعمال مغربية ضمن القوائم القصيرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب    أهدنا الحياة .. ومات!    مطالب باحترام إرادة ساكنة فكيك الرافضة لخوصصة مائها واستنكار ل"تغوّل" سلطة الوصاية    بعد "إلغاء الأضحية".."حماية المستهلك" تدعو لاتخاذ تدابير تحقق الأمن الغذائي وتحد من الغلاء    الصحافي الذي مارس الدبلوماسية من بوابة الثقافة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    حادثة سير مروعة بالطريق الساحلية تودي بحياة شاب من بني بوعياش (فيديو)    ضرورة تجديد التراث العربي    كولر يستبعد عطية الله ورضا سليم من لائحة الأهلي لمونديال الأندية    استقالة جواد ظريف نائب رئيس إيران    مقتل إسرائيلي بعملية طعن بمدينة حيفا ومقتل المنفذ    هل بدأ ترامب تنفيذ مخططه المتعلق بالشرق الأوسط؟    حارس أمن آسيوي يطرد مواطنا من مصنع صيني ويثير جدلا واسعا    رمضان في الدار البيضاء.. دينامية اقتصادية وحركة تجارية في الأسواق ومتاجر القرب    وزير الثقافة الإسرائيلي يهاجم فيلم "لا أرض أخرى" بعد فوزه بالأوسكار    فيروس كورونا جديد في الخفافيش يثير القلق العالمي..    قراءة فيدورة جديدة من بطولة القسم الثاني : الكوكب تعزز صدارتها وتوسع الفارق …    توقعات أحول الطقس اليوم الإثنين    حكيمي ينافس على جائزة لاعب الشهر في الدوري الفرنسي    النصيري يسجل هدفا في فوز فريقه أمام أنطاليا (3-0)    إحداث كرسي الدراسات المغربية بجامعة القدس، رافد حيوي للنهوض بالتبادل الثقافي بين المغرب وفلسطين (أكاديميون)    ترامب يبحث عن الإجراءات الممكن اتخاذها ضد اوكرانيا    من هو "الأخطبوط" الذي "ينخر" هذا القطاع؟.. النقابة الوطنية للصحة تفجر "فضائح" حول الوضع الصحي بمراكش    مجلة إيطالية: المغرب نموذج رائد في تربية الأحياء المائية بإفريقيا والبحر الأبيض المتوسط    ناقد فني يُفرد ل"رسالة 24 ": أسباب إقحام مؤثري التواصل الاجتماعي في الأعمال الفنية    نتائج قرعة دور ربع نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي 2025    سؤال التنمية ولماذا كل هذا الاستعصاء؟    الصين: إجمالي حجم الاقتصاد البحري يسجل 1,47 تريليون دولار في 2024    ترامب يعلن إدراج خمس عملات مشفرة في الاحتياطي الاستراتيجي    دوبلانتيس يعزز رقمه العالمي في القفز بالزانة    كرة القدم: كوريا تتقدم بطلب تنظيم كأس آسيا 2031    مسلسل "معاوية".. هل نحن أمام عمل درامي متقن يعيد قراءة التاريخ بشكل حديث؟    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    إحباط محاولة تهريب حوالي 26 كيلوغراما من مخدر "الشيرا"    هذا هو موضوع خطبة الجمعة    النائب البرلماني محمد لامين حرمة الله يشيد بهذا القرار الملكي    الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين يستغرب فرض ثلاث وكالات للأسفار بأداء مناسك الحج    المياه الراكدة    "حضن الفراشة" .. سلاح فتاك لمواجهة التوترات النفسية    بعد مليلية.. مخاوف من تسلل "بوحمرون" إلى سبتة    متى تحتاج حالات "النسيان" إلى القيام باستشارة الطبيب؟    دراسة علمية تكشف تفاصيل فيروس جديد لدى الخفافيش وخبير يطمئن المواطنين عبر "رسالة24"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عاجل:قصة قصيرة ل ميلود بنباقي


قصة قصيرة:
عاجل.
أقتعد صخرة يتيمة و أرنو متعبا للعشب النامي فوق قبرها العريان... أقول لها: " ما مت يا حنة و ما قرب الموت ناحيتك! ".
أسمع عظامها تطقطق بحرقة مخيفة. أمسح غبشا حط فوق جفوني المتورمة فأكاد- من فرط الشوق- أراها... تهش بيديها النحيفتين على نمل جسور يعبث بخصلاتها الحمراء و دود يخرج من الأرض الجافة بغير حساب. تقول لي: مت يا وليدي من زمان. و انتهى خبري.
أضع يدين مرتجفتين على شفتي و أسألها: و هاذي الحشائش؟ و هذا النوار ؟ كركاز و كرطوفة و شيح
و خضير جمال و ذيل الخروف...؟ هذا يطلع من الموت أو من الحياة؟ في هذا العام سقط مطر كثير يا حنة , و نبت عشب كثير و الموت من الناس ابتعد قدر ما تبتعد السماء عن الأرض.
تشيح بوجهها. أنا مت. أكلني النمل و الدود و غطاني التراب. أنت تعرف ذلك و الناس كلهم يعرفون. لكن يا عفريت لا تراوغني. قل لي هل وفيت بوعدك أم لا؟
أي وعد يا حنة؟ أي وعد؟ وعودي كثيرة و ما وفيت إلا بالقليل. ذكريني يا حنة. نسيت. أي وعد؟
تشيح بوجهها. أنا كبرتكم و تعبت و شقيت من أجلكم. ذقت الحلو و المر و سهرت الليل. شفت و سمعت و رحلت من بلاد لبلاد و تهجرت. وكان الموت يقرب مني ثم يفزع و يخاف. يطير و ما يمس مني شعرة. كنت قوية مثل الرجال و أكثر من الرجال. لكني كبرت و عييت و نخرني المرض. غلبني الموت و أخذني معه في عام لم يمت فيه أحد سواي. هذا هو موت الرجال. ما ندمت و ما تأسفت لحالي و مآلي. بنيت لكم
و لعمك عمران دارا و حيطانا... بالطوب و الطين و عرقي. و قلت لك يا مجيد- يا ابني – الله يرضى عليك, لما تنهي دراستك و تتوظف, و يصير لك مرتب في آخر الشهر و عطلة في بداية العام و نهاية العام. و تصير من المخزن. تلبس المكوي و النظيف و تلمع حذاءك و تمشط شعرك مرة من اليمين لليسار, و مرة من اليسار لليمين. و مرة تتعب و تمل من اليمين و من اليسار و تمشطه للوراء... قلت لك يا مجيد لما تسترخي على الكرسي و ترخي بطنك و تدليها و تنفخها و تغير ملحك و خبزك و طعامك...لما تغير وجهك إذا ما عجبك وجهك و تبدل جلدك إذا لفحت الشمس جلدك...ابن لإخوانك و لعمك عمران دارا غير هذه الدار. ابنها بالحجر و الحديد و الإسمنت. و علها في السماء حتى ما يعلو عليها في القرية كلها غير صومعة الجامع. ابن دارا فيها سطح و حوش و أدراج و زليج يلمع مثل الذهب. ما فيها تراب و لا قش. ما تقطر في المطر و ما تدخلها ريح. و ما يخاف أحد تسقط عليه في العواصف و الرعود.
ابتسمت لي يا مجيد و قلت آمين. فقط ادعي لي يا حنة, أتوظف و أصير من المخزن و أبني الدار
و أعليها على ديار الجيران. و أطليها و أزينها. تعجبك و تعجب الناظرين. احتضنتك يا مجيد و مسدت شعرات رأسك و فليتها. قصعت الصيبان و القمل و دعيت. دعيت لك يا مجيد.
أشيح بوجهي. يا حنة, خطفك الموت من زمان و نهش النمل و الدود عظامك, و ما نسيت هذا الوعد؟ يا حنة أنت قلت, و أبي قال, و الناس كلهم يقولون: الدار قبر الدنيا.
يا حنة, أبني قبرا و أدفن فيه أهلي و ناسي؟
تشيح بوجهها. و قبري أنا يروقك؟
يروقني يا حنة.
تزورني فيه؟
أزورك فيه. غلي الماء و اعصري الشاي في الإبريق الصغير, و أنا أزورك.
أشيح بوجهي و أنهض. أزورها في قبرها؟ تطقطق علي عظامها و أتمدد كالميت؟ أحسست بأسناني تصطك و بركبتي ترتجفان. رأيت القبور تفتح أفواهها و رأيتني أركض مثل الأرنب المفزوع. أتعثر في خوفي و أسقط. أتمرغ في التراب. أنهض و أركض. تفتح القبور أفواهها و تتبعني.
أرى أمي تغلي الماء. تعصر الشاي في إبريق صغير لا يلمسه أحد سواها. أتذكر موعدي. أقف مفزوعا. أمسح مؤخرتي بيدي. أمسح حبات التراب و أعواد التبن على رأسي. أرفع بصري إلى سقف الغرفة. الأرضة تأكل أخشاب الأكالبتوس و تنخر القصب. مياه الأمطار القديمة رسمت خطوطا على الجدران
و حفرت عليها أخاديد.
أرى أمي تغلي الماء و تعصر الشاي كأنه القهوة. أتذكر موعدي مع جدتي. أركض مثل الأرنب المفزوع. أجثو على الصخرة و أتملى العشب النامي فوق القبر. أقول لها: يا حنة, ما غليت الماء و لا عصرت الشاي.
تشيح بوجهها. و أنت ما وفيت بوعدك و ما بنيت لإخوانك و عمك عمران دار الإسمنت. صرت من المخزن تلبس النظيف و تسترخي و صار لك مرتب و ما وفيت بوعدك!
أشيح بوجهي. سأوفي يا حنة , سأوفي. فقط اغلي الماء و اعصري الشاي. ابتسمت و فتحت لي قبرها. التفت إلى القرية خلفي. رأيتها بعيدة و صغيرة. صعدت دمعتان إلى عيني. مسحتهما على عجل قبل أن تفضحاني. أحنيت رأسي و انزلقت داخل القبر. قامت جدتي و أغلقت فتحته. تمددت جنبها. شربت الشاي. قعدت تفلي رأسي. تفجر الصيبان و القمل بأظافرها. طربت لصوت الانفجارات المتتالية. رأيت الدخان يصعد. يلف و يدور و يخنقني. رأيت سيارات الجيش و الشرطة و الإسعاف و المطافئ تولول و تركض مثل الأرنب المفزوع. رأيت الشريط الأحمر يأخذ مكانه على شاشة التلفزيون. قرأت فوقه خبرا عاجلا. أغمضت عيني. لم أفتحهما أبدا.
كان ذلك هو الخبر العاجل الذي ظهر على الشريط.
ميلود بنباقي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.