اجتمع رؤساء وممثلو البرلمانات في الدول الإفريقية الأطلسية بالعاصمة الإدارية الرباط من أجل مناقشة ودعم "مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية" وإعطائه الزخم السياسي بما يسرع تفعيله على الأرض في مشاريع ملموسة تجسد طموح شعوب القارة في التقدم وتحقيق الاندماج الإقليمي والقاري، وقرروا إحداث شبكة برلمانية تمثَّلُ فيها البرلمانات الوطنية لتنسيق اتصالاتها، وتوثيق أعمالها في هذا الاتجاه، وترصيد التراكم والخطوات التي تحققها، وإحداث كتابة تقنية لتتبع الخطوات المقبلة للشبكة. كما عبروا، وفق الإعلان الذي أعقب الاجتماع عن تقديرهم ل"مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية" الذي أطلقَ بمبادرة من الملك محمد السادس عاهل المملكة المغربية من أجل تحويل الواجهة الأطلسية الإفريقية إلى فضاء للتواصل الإنساني والتكامل الاقتصادي، والازدهار الاجتماعي، والجاذبية الاستثمارية الدولية؛ وهو ما يتكامل مع مبادرة الملك محمد السادس بشأن تمكين بلدان الساحل الإفريقي من الولوج إلى المحيط الأطلسي. واستحضر رؤساء وممثلو البرلمانات في الدول الإفريقية الأطلسية السياقات الدولية والقارية والإقليمية التي تحيط بالمشروع، خاصة ما يميز السياق الدولي الراهن من حالات اللايقين، والعودة إلى سياسات الأقطاب، والمحاور والأحلاف الدولية، وكذا التحديات التي تواجه إفريقيا، بما في ذلك نزعات الانفصال والنزاعات الداخلية والعابرة للحدود، وما ينجم عنها من تطرف وإرهاب، فضلا عن انعكاسات الاختلالات المناخية على القارة. كما شدد "إعلان الرباط"، الذي توصلت به هسبريس، على أهمية تعزيز انفتاح القارة الإفريقية على باقي الاقتصادات الدولية، وأهمية الشراكات العادلة والمتوازنة، والدينامية القائمة على الربح المشترك، والمُحَقِّقة لنهضة إفريقيا من خلال توطين الاستثمارات، ونقل التكنولوجيات والمهارات والمعارف، وتيسير تَمَلُّكها من قبل الكفاءات الإفريقية، بما ييسر لحاق إفريقيا بباقي التكتلات والقوى الاقتصادية الدولية، ويسد الفجوات الصناعية والتكنولوجية والرقمية التي تفصلها عن عدد من الفضاءات الجيوسياسية الأخرى. وأكد الإعلان ذاته على المبادئ الأساسية التي ينبغي أن تحكم العلاقات بين الدول الإفريقية، وبالتحديد احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية وسلامة أراضيها باعتبار كل ذلك الحجر الأساس في العلاقات الدولية، مثمنا نُبْلَ المسلسل الذي ينطوي على رهانات تاريخية وجيوسياسية من خلال استثمار الإمكانيات التي تتوفر عليها البلدان الإفريقية 23 المشاطئة للمحيط الأطلسي، معتبرا هذا المسلسل مبادرة جد طموحة، ورافدا مهيكلا للاندماج القاري الإفريقي، ورافعة لتعزيز وتقوية "منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية"، وإحدى بواباتها الكبرى نحو العالم. وأورد رؤساء البرلمانات الإفريقية الأطلسية أن هذا المسلسل يتوفر على جميع فرص ورافعات النجاح، وخاصة منها الأهمية الاستراتيجية للمحيط الأطلسي بالنسبة لإفريقيا، وما يختزنه الساحل الأطلسي الإفريقي من ثروات فضلا عن موقعه الجغرافي المتميز، وقابليته لاستقطاب استثمارات عالمية لإقامة المنشآت والمشاريع الضخمة، وما يتميز به هذا الساحل من أمن واستقرار وحركة آمنة للأشخاص والبضائع. كما عبر الإعلان عن تطلع رؤساء البرلمانات المجتمعين إلى أن يمكن هذا المسلسل من تحويل الواجهة الأطلسية الإفريقية إلى قطب دولي جاذب للاستثمارات والخدمات والسياحة ومنصة للمبادلات الدولية، معتبرا أن مما يزيد من أهمية المسلسل ونجاعته هو تكامله مع مبادرتين ومشروعين إفريقيين مهمين؛ أولهما مشروع أنبوب الغاز نيجيريا- المغرب الذي سيربط 13 بلدًا إفريقيا وأوروبا، يشكل شريانا لاقتصاد المنطقة، وكذا مبادرة تمكين دول الساحل الإفريقي من الولوج إلى المحيط الأطلسي. وأكد الإعلان عينه على قناعة المجتمعين أن المسلسل يشكل "دعامة أساسية لمستقبل بلدانهم المشترك، وسيطلق ديناميات كبرى في اقتصادات بلدانهم، ويساهم في تجهيزها بالطرق والموانئ وباقي المنشآت الأساسية، وفي الخدمات المرتبطة بالدينامية-التجهيزية، وما سينتج عن ذلك من انفتاح وتشبيك للمواصلات وربط عصري، بحري وبري وجوي بين بلدانهم، مع باقي دول القارة وبلدان العالم، ومن فرص تشغيل هائلة. كما ثمّن المصدر ذاته "الخطوات المحققة بين حكومات بلداننا لتحقيق هذا المشروع الطموح، ونؤكد على أهمية المقاربة الإشراكية والتشاورية المعتمدة من أجل بلورته، وندعو إلى تنويع آليات التفكير والتخطيط المشتركة، قصد تملك المشروع من طرف كافة المؤسسات الوطنية في الدول المعنية"، داعيا إلى التعريف بالمسلسل على الصعيد القُطري في البلدان المعنية، ولدى باقي القوى الاقتصادية، حتى يصبح جزءا من الأجندات الاقتصادية والإضافات الإنمائية العالمية، وجعله في صلب اهتمامات المستثمرين الدوليين من دول ومؤسسات مالية، ومقاولات دولية. وختم الإعلان بالتأكيد على تصميم والالتزام في الترافع الدولي من أجل المسلسل، خاصة في أوساط المجموعة البرلمانية الدولية، من أجل قضايا إفريقيا العادلة، وكذا التشبث بترسيخ روابط التضامن والتآزر بين البلدان الإفريقية داعيا إلى السعي دائما، وفي جميع الحالات، إلى تسوية الخلافات بالحوار والطرق السلمية وتجنب اللجوء إلى القوة.