قبل أيام من إجراء الانتخابات الجزئية المقررة يوم الثلاثاء 22 أبريل الجاري لشغل المقعد الشاغر بالدائرة الحضرية رقم 1 في المجلس الجماعي لمدينة أصيلة، تعيش المدينة على وقع احتدام غير مسبوق في التنافس الانتخابي، بعد انسحاب مفاجئ للمرشحة خولة المهدي عن حزب الاتحاد الدستوري، وتعويضها بوجه جديد يُعد من أبرز المنافسين على المقعد. وتأتي هذه الانتخابات بعد وفاة محمد بن عيسى، الوزير الأسبق ورئيس جماعة أصيلة لعدة ولايات، الذي ظل يحظى بنفوذ انتخابي واسع داخل هذه الدائرة، ما جعلها تُوصف على امتداد عقود ب"القلعة الانتخابية" الخاصة به. وكان اسم خولة المهدي، وهي شابة ناشطة في الحقل الجمعوي والرياضي، قد أثار تفاعلا ملحوظا عقب إعلان ترشحها، قبل أن تُقدم على سحب ترشيحها بشكل مفاجئ، في قرار نسبته مصادر متطابقة إلى تعرضها ل"ضغوطات مهنية مباشرة" على خلفية عملها كحَكمة رياضية. وقد أثار هذا الانسحاب موجة تضامن واسعة، وفتح نقاشا محليا حول حدود التنافس المشروع في الانتخابات. وعلّق الكاتب المحلي لحزب الاتحاد الدستوري، الزبير بن سعدون، على الواقعة قائلاً إن المرشحة "نالت ثقة سكان المدينة القديمة عن جدارة"، معتبرا أن انسحابها تم "تحت ضغط جهة ضاغطة"، وأن السياسة "لا يجب أن تُمارس عبر قطع الأرزاق"، في إشارة إلى ما اعتُبر تهديدات بفصلها تعسفيا عن العمل بغطاء سياسي. وسارع الحزب إلى ترشيح عبد الرحيم لوديي، وهو فاعل محلي ينشط في المجال الجمعوي، ويبدو أن دخوله إلى السباق لم يكن لتعويض شكلي، بل لتحصين موقع الحزب في مواجهة مرشح حزب الأصالة والمعاصرة عبد السلام بلهرية، الذي بدوره يُعد من الوجوه البارزة في ذات الفضاء الجمعوي. ورغم اختلاف الألوان الحزبية، فإن لوديي وبلهرية سبق أن اشتغلا معاً في إطار نفس الهيئة الجمعوية، وهو ما يضفي على التنافس بينهما طابعا شخصيا إلى جانب طابعه السياسي، ويجعل من الصعب الفصل بين الحسابات التنظيمية والعلاقات السابقة التي تربط الفاعلين المحليين. وتُجمع مصادر محلية على أن حظوظ المرشحين الرئيسيين تبدو متقاربة، في ظل انقسام واضح في المزاج الانتخابي داخل الأحياء المعنية، وهو ما يجعل التكهن بمآل الاقتراع أمرا معقدا، ويزيد من حالة الترقب التي تخيم على الساحة السياسية بالمدينة. من جهته، يخوض حزب الاستقلال السباق بمرشحه مصطفى الطليكي، في محاولة لاستعادة حضور سياسي كان غائبا لسنوات عن دائرة ظلت مغلقة أمامه، إلا أن فرصه في كسب المقعد تظل محدودة، بحسب مراقبين. وتجري هذه الانتخابات في ظرف زمني مضغوط نسبيا، بعد أسابيع قليلة من إعلان شغور المقعد، مما يضع المرشحين أمام تحدي بناء تواصل فعّال مع الناخبين في وقت قياسي. ويرى متابعون أن نتائج الدائرة 1 لن تكون مجرد استحقاق جزئي عابر، بل قد تشكل مؤشرا مبكراً على طبيعة التحولات التي يشهدها المشهد المحلي في أصيلة، بعد سنوات من "الاستقرار الرمزي" الذي جسّده محمد بن عيسى داخل المجلس الجماعي.