مع اقتراب موعد الانتخابات الجزئية المقررة يوم الثلاثاء 22 أبريل الجاري، لشغل المقعد الشاغر بالدائرة الحضرية رقم 1 في المجلس الجماعي لأصيلة، بدأت معالم التنافس تتضح بشكل تدريجي، وسط توازنات دقيقة تعيد تشكيل الخريطة المحلية بعد رحيل أحد أبرز رموزها السياسية، محمد بن عيسى، الذي ظل لسنوات يعتبر هذه الدائرة معقله الانتخابي الأول. وكان الراحل محمد بن عيسى، وزير الثقافة الأسبق ورئيس جماعة أصيلة لعدة ولايات، يحظى بتأييد شبه مطلق في هذه الدائرة، وهو ما جعلها تُصنّف كقلعة انتخابية محصنة له منذ عقود. وقد افرزت وفاة بن عيسى، نهاية فبراير الماضي، خلق حالة من الفراغ السياسي داخل الدائرة، سرعان ما فتحت المجال أمام عدة أطراف محلية لإعادة ترتيب أوراقها استعدادا لهذا الاستحقاق الجزئي. ويبدو أن حزب الأصالة والمعاصرة، الذي ورث جزءا من الحضور السياسي الذي تركه بن عيسى داخل المجلس الجماعي، يسعى جاهدا للحفاظ على هذا الموقع من خلال ترشيح عبد السلام بلهرية، وهو اسم ينتمي إلى عائلة زيلاشية معروفة في المدينة. غير أن بعض التحفظات الصامتة تلاحقه داخل أوساط محلية، ما قد يؤثر على أدائه الانتخابي، خصوصا في ظل بروز منافسة وصفت ب"الشّرسة". في الجهة المقابلة، تراهن خولة المهدي، مرشحة حزب الاتحاد الدستوري، على رصيدها الميداني كوجه شبابي فاعل في مجالات اجتماعية متعددة، من بينها الرياضة، مدعومة بدينامية محلية وتحرك فعّال من المجتمع المدني، إلى جانب دعم هيكلي من طرف الحزب. ووفق مصادر متطابقة، فإن تفاعل ساكنة الدائرة مع ترشح المهدي جاء "لافتاً"، ما يمنح حملتها زخماً إضافيا. أما حزب الاستقلال، فقد قرّر دخول هذا السباق عبر ترشيح مصطفى الطليكي، في خطوة تهدف إلى استعادة موطئ قدم داخل واحدة من أكثر الدوائر حساسية ورمزية. وبينما لا يُنظر إلى هذا الترشيح كعنصر حاسم في معادلة التنافس الحالية، إلا أن بعض المراقبين يرونه محاولة لإعادة تموقع الحزب في مشهد محلي ظل مغلقا عليه طيلة سنوات. وتجري هذه الانتخابات في ظل انقسام نسبي في المزاج الانتخابي المحلي، وتحت أنظار المتتبعين الذين يعتبرون أن نتائج الدائرة 1 لن تكون مجرد تعويض بسيط لمقعد شاغر، بل قد تحمل في طياتها مؤشرات حول طبيعة التحولات التي يعرفها المشهد السياسي بأصيلة، بعد عقود من "الاستقرار الرمزي" الذي مثّله الراحل محمد بن عيسى داخل الجماعة. ويرى فاعلون محليون أن التحدي الأبرز يكمن في مدى قدرة المرشحين على بناء تواصل فعّال مع الناخبين في ظرف زمني قصير، وسط ما يُشبه "هدنة انتخابية مضغوطة"، لا تتجاوز أسابيع قليلة بين الإعلان عن شغور المقعد وموعد الاقتراع. ومع استمرار الترتيبات الحزبية واتضاح معالم الحملة، يبقى الباب مفتوحا أمام احتمالات متعددة قد تفرز مفاجآت في اللحظات الأخيرة، سواء على مستوى الترشيحات أو توجهات التصويت.