رسم مشاركون في ندوة "مأزق الوضع العربي الراهن .. الممكنات والآفاق"، المنعقدة ضمن فعاليات موسم اصيلة الثقافي الدولي الاربعين، صورة قاتمة للحالة الراهنة التي تعيشها عدد من البلدان كتداعيات لما سمي بحراك "الربيع العربي"، الذي عصف بالمنطقة العربية منذ 2011. وقدم المتدخلون امس الاربعاء، خلال الجلسة الاولى للندوة المندرجة في اطار النسخة 33 لجامعة المعتمد بن عباد الصيفية، وتستمر حتى غد الجمعة، تصورات "من شانها ان تنهي هذا المازق وتضع حدا لهذا النزيف". وبالنسبة للأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، فان المأزق الراهن لذي تعيشه الدول العربية اليوم هو نتيجة لفشل الانظمة العربية، الذي يتجلى في سوء الإدارة وغياب حقوق الناس وتفشي الفساد وغياب سيادة القانون والتعليم والخدمات والعدالة، ما يؤدي إلى تراكم الأخطاء وانفحار الأوضاع. واعتبر موسى، الذي سبق ان تحمل مسؤولية وزير الخارجية في جمهورية مصر العربية، على ان الخروج من المأزق الحالي، يقتضي البحث عن بناء نظام عربي جديد وإصلاح المجتمعات العربية. من جهتها، اعتبر ت وزيرة الدولة لشؤون الاعلام في مملكة البحرين، سميرة ابراهيم بن رجب، ان الازمة التي تعيشها الدول لعربية "جاءت من الداخل لذا لا حل لها إلا من الداخل، باعتبار أن الخارج استغل الاستياء الداخلي بسبب رفض ممارسات معينة من أجل محاولات التسرب والتدمير". واعتبرت الوزيرة البحرينية، ان مازق هذه الدول، وصل الى حالة من الفوضى تهدد بالانهيار والفشل أو نصف انهيار في بعض الحالات أو على الأقل الشك في إمكانية النجاة. ولم يذهب الكاتب الاردني صلاح القلاب، في مداخلته بعيدا عما سبق، اذ تحدث عن "انفجار هائل أخطر ما فيه أنه حول البلاد العربية إلى ساحات صراع دولية وإلى ميادين للصراع المذهبي الطائفي والصراع الإقليمي"، علاوة على آفة الإرهاب. واعتبر القلاب، وهو وزير اعلام سابق في بلاده، ان الطائفية اكبر تهديد يواجه الدول العربية، معبرا ان هذا التحدي يعتبر أكبر صراع في التاريخ لا يقوم على أساس، وغياب أحزاب وطنية تستقطب جماهير واسعة وتؤطرها، وفشل أحزاب ترتدي لبوس الدين أو القومية أو الأممية في أداء الأدوار المناط بها القيام بها". وقال المحلل السياسي اللبناني محمد قواص، من جانبه، إن البلدان العربية شهدت وتشهد مأزقا دائما متواصلا، عاما بعد عام، وتعرف براكين متفجرة، إلا أن بعضها تمكنت من إيجاد "علاجات محلية مثمرة" و"ترياق" للأزمة، فيما عجزت أخرى عن ذلك. وأضاف قواص، المقيم في لندن، أن القضية الفلسطينية، وهي الموضوع الذي ينظم علاقات العرب بالعالم وبأنفسهم، شكلت على مدى عقود موضوعا للمزايدة من أجل التحكم أو المعارضة أو تبرير الإرهاب والإسلام السياسي. أما محمد تاج الدين الحسيني ،أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، فقد رأى أن انتكاسة يونيو 1967 لم تكن انتكاسة عربية عسكرية فحسب، بل انتكاسة معرفية واقتصادية واستراتيجية. وأضاف أن العرب يعيشون أزمة ثقافية ومعرفية حقيقية تتجلى في إشكالية التربية والتعليم، مشددا على أن بداية الإصلاح تبدأ من إصلاح الإنسان العربي، إذ هو المركز الاستراتيجي في المجتمعات. وأكد على ضرورة تجاوز أخطاء الماضي وأسباب الوضع العربي الراهن، وذلك بالسير قدما في طريق طويل يتطلب الكثير من التضحيات.