تحتدم المنافسة بشكل قوي بين شركتي "ريانير" و"العربية للطيران" في الأجواء المغربية، حيث تسعى كل منهما لتعزيز حضورها في السوق المحلية وجذب أكبر عدد من المسافرين. وبحسب مراقبين، فإن المنافسة ظاهرة تعتبر إيجابية من منظور تنمية القطاع السياحي وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمسافرين، إلا أنها تفرض تحديات كبيرة على الشركات المتنافسة، خاصة في ظل الفروقات الكبيرة في القدرة التشغيلية والأسعار المقدمة. وشرعت شركة "ريانير" الإيرلندية، المعروفة بتكاليفها المنخفضة، في تنفيذ خطط توسعية طموحة في المغرب، حيث اطلقت 11 خطًا جويًا داخليًا جديدًا ضمن برنامجها الصيفي الذي يتضمن 35 خطًا جويًا، بهدف تعزيز الاتصال الداخلي وزيادة حركة المسافرين. هذا التوسع يأتي في إطار استثمار كبير بقيمة 1.4 مليار دولار، مما يتيح للشركة تشغيل 14 طائرة في المغرب ونقل أكثر من 5 ملايين مسافر، بزيادة قدرها 33% عن العام السابق. وتقدم "ريانير" أسعارًا تنافسية للغاية، تبدأ من 330 درهمًا (حوالي 30 يورو) للرحلات الداخلية، ما يشكل تحديًا كبيرًا لشركة "العربية للطيران". من جهة أخرى، تواجه شركة "العربية للطيران" التي تأسست عام 2009 كأول شركة طيران منخفضة التكلفة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تحديات كبيرة في مواجهة هذا المد التوسعي. وقد تمكنت "العربية للطيران" من السيطرة على جزء كبير من السوق المحلي بفضل خدماتها الجيدة وأسعارها المعقولة الى حد ما. غير أن دخول "ريانير" إلى السوق المغربي بأسعار تنافسية جدًا اجبر "العربية للطيران" على إعادة النظر في استراتيجياتها التشغيلية والتسويقية للحفاظ على حصتها السوقية. وتبدي الحكومة المغربية، ترحيبا كبيرا بدخول "ريانير" إلى السوق الوطنية، وتعتبر أن ذلك سيساهم في تحقيق الهدف الاستراتيجي المتمثل في استقبال 26 مليون سائح بحلول عام 2030. وفي تصريحات صحفية، أشادت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد التضامني، فاطمة الزهراء عمور، بقدرة "ريانير" على تعزيز القدرات الجوية للمغرب محليًا ودوليًا، مؤكدة أن السوق المحلي يتيح فرصًا كبيرة للنمو لجميع شركات الطيران العاملة فيه. في نفس الوقت، ترى "الخطوط الملكية المغربية" في دخول "ريانير" فرصة لتطوير القطاع السياحي وتعزيز تنافسية السوق، على الرغم من التحديات التي قد تفرضها هذه المنافسة على المدى القريب. مع استمرار المنافسة المحتدمة بين "ريانير" و"العربية للطيران"، يبقى السؤال مطروحًا حول قدرة الشركات الوطنية على التكيف مع هذه التغيرات وتقديم خدمات عالية الجودة بأسعار تنافسية. ومن المتوقع أن تسهم هذه المنافسة في تحسين تجربة السفر للمسافرين المغاربة والأجانب على حد سواء، مما يعزز من مكانة المغرب كوجهة سياحية جذابة على الصعيدين الإقليمي والدولي.