الكوكايين، الهيروين وحبوب الهلوسة والقنب الهندي، كلها أنواع من المخدرات يعرفها الجميع، لكن يصعب الحصول عليها بسبب غلاء ثمنها، وتركيز السلطات الأمنية على محاربة ترويجها واستهلاكها. لذا لجأ المدمنون والمروجون الشباب في المغرب إلى أصناف جديدة من المخدرات محلية الصنع، لا تختلف في ضررها عن الأنواع المعروفة، بل أن سهولة تحضيرها واستهلاكها، يجعلانها أشد فتكا بالشباب. "المعجون".. خلطة ضحك غدت مخدراً قوياً عرفه المغاربة في وقت سابق باسم "التقاوت"، وهو خلطة محلية تحولت اليوم لمخدر قوي جداً، وتستعمل فيها مواد تجعل من مدمنها يعيش عالما من نسج خياله وكأنها حقيقة. "التقاوت"، أصبحت "المعجون"، وهي نفس الخلطة التقليدية الأولى، لكن بإضافة كمية أكبر من مخلفات نبتة "الكيف"، كي يكون مفعولها وتأثيرها على مستهلكيها أقوى. سمير (ح)، مروج سابق لمخدر "المعجون"، يؤكد ل"أصوات الكثبان"، أن من يعدونه ذهبوا بعيدا في البحث عن "التمييز"، وذلك بتحضيره بمكونات جديدة تجعل مفعوله قوياً. وأوضح سمير، أن مخلفات نبتة "الكيف" مخدرة، ويمكن أن ينتج عنها بعد الاستهلاك موجة ضحك غير عادية، وتجعل أي كلمة تقال مقابلها السخرية، لكن ليست هي من تمنح للمدمن "تذكرة السفر في خيال يخاله واقع". كيف انقطعت عن الترويج ل"المعجون"؟ سؤال طرحه "أصوات الكثبان" على سمير، وكان جوابه مؤثراً، حين قال "شهر مايو من عام 2014 بلغنا في الحي وفاة شاب في السادسة والعشرين. محسن كان يتردد علي دائما لأخذ جرعته من (المعجون)، وتطور استهلاكه بعد أيام، ليصل إلى 5 في اليوم الواحد، وهي كمية قاتلة مع مرور الوقت. محسن سقط من الطابق الثالث خلال دوام عمله، وقال من كانوا معه إنه لم يكن في حالته الطبيعية، وأعتقد أن (المعجون) لعب بعقله، لأنه يخيل لك أشياءً لا وجود لها، كوجود درج أمامك عليك صعوده. أو تغير ملامح وجهك بشكل غريب. بل يمكن أن يجعلك تهرب من جيش يخال لك أنه يطاردك بالأسلحة. بعد وفاة الشاب شعرت وكأني أنا المسؤول مباشرة. قررت أن أتوقف، وأتجه لتجارة الخضر والفواكه". ويتراوح سعر جرعة "المعجون" ما بين 5 إلى 15 درهماً، حسب موقع بيعه وما راكمه المروج من سنوات في بيع سمه. "الكالة".. مصيدة الإقلاع عن التدخين كانت إلى وقت قريب غريبة عن المجتمع من منطلق طريقة استهلاكها. وقال عدد من المدمنين على "الكالة"، إن قرار "الإقلاع عن التدخين أوقعهم في مصيدة إدمان الكالة، فجرعة منه تعطي مفعول النيكوتين في الجسم، لكن مع مرور الوقت، حتى إذا عاد الشخص إلى التدخين لا يقوى على التخلص نهائياً من الكالة، نظراً لقوة مفعولها. فهذا النوع من المخدر ينتقل مباشرة إلى المخ عبر الأوردة الدموية". وتؤدي "الكالة" إلى الإصابة بأمراض اللثة وقد تصل إلى مرحلة "الأورام الخبيثة". "الشمة"... شقيقة "الكالة" القاتلة لا يختلف استعمال "الشمة" عن "الكالة"، لكن مفعولها أقوى. وينتشر الإدمان عليها في مدن تقع شرقي المغرب مثل "وجدة، بركان، أحفير، السعيدية"، ويمكن شراء مادتها الأولية من محلات التبغ المرخص لها ببيعها. ويبدأ سعر "الشمة" من درهم واحد للجرعة، ويتجول مروجوها في وضح النهار، يحملونها داخل قطع صغيرة من أكياس البلاستيك، بل تجد أن سكان المناطق المذكورة يألفونها ويشترونها من الأرصفة ومن مروجيها داخل المقاهي، وكأنهم يقتنون البسكويت أو العلكة. ومثل مخدر "المعجون"، أدخل المروجون على "الشمة" مواد أخرى لتقوية وتركيز مفعولها ما يجعل منها سماً حقيقاً يفتك بالجسد ببطء. رأي الطب ويؤكد الطبيب محمد بورطال، أن "هذه المخدرات أخطر من المعروفة، ليس لأن الأخيرة غير قاتلة أو مفعولها أقل، لكن لسهولة الحصول عليها كما أن المواد التي تصنع منها متوفرة ويمكن الحصول عليها بسهولة". ويرى بورطال أن مفعول هذه المخدرات لا يختلف عن التقليدية منها والمعروفة، لكن سهولة تداولها وترويجها، بل حتى تحضيرها، تفاقهم عدد ضحاياها. ويوضح بورطال أن "الأمراض التي تنتج عن مثل هذه المخدرات يمكن أن تصل حد الإصابة بالسرطان، كما هو الحال بالنسبة للمدمنين على الكالة أو الشمة، فهؤلاء معرضون بدرجة كبيرة للإصابة بتقرحات في اللثة تتطور إلى أورام خبيثة". كما يمكن أن تؤدي الأنواع الأخرى إلى الإصابة بالخرف أو فقدان الذاكرة كما هو الحال عند مدمني "المعجون". *ينشر باتفاق مع بوابة "أصوات الكثبان"