يدخل المنتخب الوطني المغربي، بعد أقل من أسبوع، غمار منافسات الحدث القاري الأكبر لكرة القدم في نسخته ال31 بالغابون وكله طموح للذهاب بعيدا في نهائيات هذه الكاس القارية التي يحضرها للمرة 16 وفك عقدة الخروج من أدوارها الأولى التي لازمته في الدورات الأربع الأخيرة. المنتخب الوطني بصم على مسيرة موفقة في مرحلة التصفيات، حيث لم يتلق أي هزيمة، بفضل الحضور القوي الذي سجله خطا الدفاع والهجوم، إذ لم تهتز شباكه سوى مرة واحدة، مقابل تسجيل عشرة أهداف، ليتصدر المجموعة السادسة برصيد 16 نقطة، أمام منتخبات الرأس الأخضر، وليبيا وساوتومي، ليضمن بذلك تأهله قبل النهاية الرسمية للمباريات الإقصائية بدورتين. التأهل بشكل سهل للنهائيات، ودون عقبات كبيرة، لن توازيه بالتأكيد مشاركة سهلة للعناصر الوطنية، عندما تبدأ رحلة البحث عن التألق من بوابة الدور الأول ضمن المجموعة الثالثة، بمواجهة منتخبات قوية مثل كوت ديفوار، حامل اللقب، والطوغو والكونغو الديمقراطية. مسيرة المنتخبات التي تتواجد في نفس مجموعة الفريق الوطني ميزتها نتائج متباينة خلال التصفيات، فالمنتخب الايفواري تأهل بصعوبة بعد منافسة قوية مع فرق المجموعة التاسعة، التي ضمت كلا من السيراليون والسودان، حيث لم يفز سوى مرة واحدة واكتفى بالتعادل ثلاث مرات، ليتصدر مجموعته برصيد 6 نقاط، وبفارق نقطة واحدة عن السيراليون ونقطتين عن السودان. بالمقابل لم يجد منتخب الكونغو الديمقراطية، عناء كبيرا في بلوغ النهائيات، عندما حل أولا في المجموعة الثانية برصيد 16 نقطة، متفوقا على منتخبات افريقيا الوسطى، وأنغولا، ومدغشقر. أما المنتخب الطوغولي، فقد انتزع بطاقة التأهل، كأحسن الفرق المحتلة للمركز الثاني بجمعه 11 نقطة، خلف المنتخب التونسي الذي تصدر المجموعة الأولى برصيد 13 نقطة. مما لا شك فيه، أن هذه المعطيات لن يكون لها تأثير كبير خلال النهائيات، وستذوب الفوارق مع انطلاق المنافسات، حيث تظل حظوظ جميع منتخبات المجموعة متساوية في محاولة للبصم على مشاركة متميزة، لأن الواقع الجديد لكرة القدم الافريقية، لم يعد يؤمن بوجود منتخبات قوية وأخرى ضعيفة. واقع لربما يصب في مصلحة المنتخب المغربي، الذي يتوفر على ملامح فريق قادر على إثبات الذات، رغم مشاركاته المتعثرة في النسخ الأخيرة، التي تحكمت فيها جزئيات صغيرة، وغيابه عن دورة 2015، بسبب رفض الكونفدرالية الافريقية طلب التأجيل الذي تقدم به المغرب، إلا أن المتتبعين والجماهير المغربية، دائما ما تلبس الأسود ثوب المنتخب القوي، نظرا للأسماء المتألقة التي تضمها تشكيلته، وحضورها اللافت في الدوريات الأوربية. أسماء تتطلع إلى فك عقدة الاقصاء من الدور الأول، التي لازمت أسود الأطلس في المشاركات الأربع الأخيرة، في دورات مصر (2006)، وغانا (2008)، والغابون وغينيا الاستوائية (2012)، وجنوب افريقيا (2013)، وكلها عزم من أجل الذهاب بعيدا في مسار (الكان)، والتوقيع على مشاركة متميزة تعود معها كرة القدم المغربية إلى سابق عهدها على الساحة الافريقية، حينما كانت تضرب لها منتخبات القارة ألف حساب. وبالنظر إلى التركيبة البشرية للمنتخب الوطني، يلاحظ أنها تتوفر على جميع المقومات التي تجعل منها رقما صعبا في معادلة كأس افريقيا، بدءا بالناخب الوطني هيرفي رونار الذي برهن خلال حضوره مع منتخبي زامبيا وكوت ديفوار، أنه ربان يعرف جيدا كيف يواجه الصعوبات والتقلبات، بعد أن قاد هذين المنتخبين اللذين أشرف على تدريبها سابقا إلى برالأمان، محققا التتويج بالكأس الغالية في مناسبتين. خبرة رونار وحنكته ستجعل من الغيابات المؤثرة للمحارب نور الدين امرابط، وأسامة طنان ويونس بلهندة، وسفيان بوفال، حافزا لتحميس اللاعبين الشباب الذين يشاركون لأول مرة، مع الاستعانة بخبرة المهدي بنعطية، وكريم الأحمدي، وامبارك بوصوفة، ويوسف العربي من أجل مساعدة الوافدين الجدد على الاستئناس مع الأجواء الافريقية، واكتشاف دروب المغامرة دروبها، واستيعاب الجمل التكتيكية التي سيعتمد عليها المدرب الفرنسي، والوقوف على أدق التفاصيل المتعلقة بكل مباراة، وإذكاء روح الفوز لدى المجموعة المغربية. كلها عوامل من شأنها أن تحفز كل لاعب نال شرف حمل القميص الوطني،وترجمة الطموح الذي أبانت عنه العناصر الوطنية في تمثيل مشرف لكرة القدم المغربية على أرضية الملعب واسترجاع تلك اللحظات الاستثنائية التي تربط دائما الجماهير المغربية الشغوفة مع فريقها الوطني، وإعطاءها نشوة الافتخار بفريق قادر على التوهج في الاستحقاقات التي سيخوضها في قادم السنوات.