تصنف مدينة برشلونة، وفق مؤسسات دولية ذات مصداقية ، كثاني مدينة ذكية في العالم بعد سنغفورة ، بفضل استعمالها للإمكانات الضخمة لتقنيات الإنترنت والتيكنولوجيا الدقيقة ، وهو الامر الذي ييسر حياة ساكنيها وزائريها ، ويحول الكثير من هذه الاحتمالات والمتمنيات إلى جزء من الواقع اليومي. وبحسب بيانات رسمية، تمكنت مدينة برشلونة بفضل كل هذه البرامج الرقمية من توفير المال والتقليل من استهلاك المياه والطاقة ، إذ يقدر إسهام أنظمة الإنترنت في توفير 58 مليون دولار في استهلاك المياه، وزيادة عائدات وقوف السيارات بمبلغ خمسين مليون دولار في العام، وتوفير 47 ألف وظيفة جديدة، كما وفرت أنظمة الإنارة الذكية 37 مليون دولار سنوي ا. ومنذ عام 2012 تمكن مجلس المدينة بدعم من الحكومة المحلية في كاطالونيا ومتدخلون أخرون من استعمال تقنيات جد متطورة لتنظيم مختلف المصالح والخدمات الحضرية من النقل إلى الإنارة في الشوارع والمياه والطاقة و تدبير المخالفات وولوجية الاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة . ومكنت هذه الابتكارات من توفير قدر مهم من الميزانية، وتحسين نوعية حياة السكان والزوار، فضل ا عن تحول برشلونة إلى مركز بارز للشركات الناشئة في قطاع الإنترنت. كما وظفت برشلونة التكنولوجيا لإنشاء نظم حضرية ذكية تعتمد على أجهزة الاستشعار وتحليل البيانات. ومنذ سنوات قليلة مضت تم تشكيل فريق أطلق عليه اسم “سمارت سيتي برشلونة” يتولي مهمة دمج المشروعات الموجودة ، والتعرف على فرص جديدة لتحسين الخدمات للساكنة والمقاولات على حد سواء. وحدد الفريق اثنى عشر مجال ا للتدخل ، يشمل النقل والمياه والطاقة والنفايات ، كما أطلق اثنين وعشرين برنامج ا، يتضمن ثلاثة وثمانين مشروع ا م تميز ا للنظم الحضرية. ووفق بيانات صادرة عن الحكومة المحلية ، أطلقت برشلونة برنامجا للإنترنت يتمثل في خمسمائة كيلومتر من كابلات الألياف الضوئية الم متدة عبر مجموع أحياء المدينة . وفي الوقت الراهن ت وفر شبكة الألياف الضوئية 90 في المائة من تغطية الألياف الضوئية للمنازل، وت مثل العمود الفقري للأنظمة الم تكاملة في المدينة، كما ت عتبر الرابط الم باشر بالإنترنت لسكان برشلونة وزوارها. وقد استفادت برشلونة من شبكتها الواسعة للألياف الضوئية من أجل تحسين كفاءة استهلاك الطاقة بحيث وضعت حوالي 20 ألف عداد ذكي لمراقبة استهلاك الطاقة وتحسينها في عدد من المناطق الم ستهدفة. وفي مجال إدارة النفايات يتم طرح م خلفات المنازل في حاويات قمامة ذكية ز ودت بأجهزة استشعار لم راقبة مستوى النفايات فيها من أجل تحسين مسارات شاحنات جمع النفايات، كما و ضعت خطط لتطوير س بل الاستفادة من أجهزة الاستشعار في رصد المواد الخطيرة والضارة في النفايات. وفي ما يتعلق بالنقل، قامت مصالح مدينة برشلونة بتنفيذ استراتيجية م تعددة الوسائط ، بحيث شجعت على استخدام السيارات والدراجات الكهربائية ، كما عملت على تحسين أنظمة الحافلات وتوقف السيارات. كما وفرت نظام ا لإرشاد السائقين حول المواقع الشاغرة الم تاحة لوقوف السيارات. وي مكن لأجهزة الاستشعار الم ثبتة في أسفل الطرق تحديد انشغال موقع معين لوقوف السيارات، وبالتالي ت وجيه السائقين إلى المساحات الخالية. وبحسب تقرير لمجلس المدينة ، فإنه يجري حاليا تطوير نظم الإنارة في الشوارع من خلال مخطط أحدث في عام 2012، يعمل بتقنيات ذكية من أجل تحسين كفاءة أعمدة الإنارة وفوائدها. وبحلول عام 2014 تحول أكثر من ألف من أعمدة الإنارة في شوارع برشلونة إلى استخدام مصابيح “ليد” ما يقلل من استهلاك الطاقة. وتتوافر هذه الأعمدة على أجهزة استشعار لعدد المشاة للتعرف على مدى الازدحام قرب عمود الإنارة ، مما يمكن تلقائيا من خفت مستوى الإضاءة تدريجي ا تبع ا لعدد المشاة ، مما يساهم كذلك في المحافظة على الطاقة. كما تساهم تقنيات الانترنت في تحقيق مستوى أعلى من الكفاءة في تدبير حدائق برشلونة من خلال الاستشعار عن ب عد والتحكم في الري في الحدائق ومستويات المياه في النوافير العامة. ويستعين المسؤولون عن الري في الحدائق بأجهزة استشعار ت تابع مستويات الأمطار والرطوبة، وي حددون اعتماد ا على بياناتها مقدار المياه اللازم لكل منطقة. ولعل أهم ما يميز " ذكاء " هذه المدينة ، هو ولوجية ذوي الاحتياجات الخاصة ، بحيث أن ضعاف البصر والمقعدين بإمكانهم التجول في جميع أنحاء المدينة بدون أدنى عائق. فلضعاف البصر ممرات خاصة بهم سواء في الشوارع على مستوى أعمدة التشوير ، أو ميترو الانفاق ، تمكنهم من معرفة طريقهم ، ولحظة توقفهم . لكل هذا ، ولأشياء أخرى ، لا غرابة في أن تكون برشلونة من المدن الاكثر استقطابا للسياح في العالم. *و م ع