يعد العالِم المغربي رشيد اليزمي صاحب بصمة مهمة في صناعة الهواتف الذكية، بعدما اخترع قبل نحو ست سنوات شريحة من الليثيوم تعتبر اليوم من مكونات بطاريات الهواتف النقالة الأساسية، ما جعله ضمن أهم عشر شخصيات مسلمة في العام 2015. وكان اسم اليزمي برز علمياً في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، عندما عمل على تطوير بطاريات الليثيوم وجعلها لأول مرة قابلة للشحن، الأمر الذي شكل مقدمة لتطور علمي وصناعي كبير في المجال التكنولوجي عرفه العالم لاحقاً. هذا الاختراع دفع كثيرين، حول العالم، إلى وصف المخترع المغربي ب"أب بطاريات الليثيوم". والمعروف أن البطاريات التقليدية التي كانت تستعمل في الأجهزة الإلكترونية والهواتف القديمة، على الرغم من أنها كانت أيضا قابلة للشحن، فإنها لم تكن تواكب مميزات الهواتف الحديثة والأجهزة المتطورة مثل ما تقدمه بطارية الليثيوم التي طورها اليزمي. لكن الإنجازات العلمية للمهندس المغربي تجاوزت حدود البطاريات القابلة للشحن، المستخدمة في الهواتف الذكية والحواسيب اللوحية. فقد توصل أخيراً إلى اختراع تقنية جديدة وغير مسبوقة، تُمكّن من شحن بطاريات السيارات الكهربائية في زمن قياسي، لا يتجاوز مدة "الجلوس في باحة محطة الاستراحة لاحتساء كوب من القهوة". هذه التقنية الجديدة اعتبرتها شركة "تيسلا موتورز" الأميركية، المتخصصة في صناعة السيارات الكهربائية، "حلاً سحرياً" لمنتجاتها التي تغزو العالم شيئاً فشيئاً. وبإمكان هذه البطاريات، التي تطلبت من اليزمي 8 سنوات من البحث، أن تشحن السيارات الكهربائية في مدة لا تتجاوز 20 دقيقة، بدلاً من ساعة المعمول بها حاليا في عدد من دول العالم، من بينها الولاياتالمتحدة. وأثير اسم اليزمي قبل نحو سنتين، عندما فاز ثلاثة من زملائه شاركوا معه في تطوير بطارية الليثيوم بجائزة "نوبل" في الكيمياء لعام 2019. وأثير جدل عربي، حينها، عن "إقصاء عنصري للعالم المغربي" عن الجائزة، على الرغم من أنه كان مشرفاً على مشروع تطوير البطارية وتمت بتوجيه منه. في حين برّر آخرون الأمر بأن قواعد الحصول على "نوبل" لا تسمح بمنحها لأكثر من ثلاثة أشخاص. كفاح علمي ومسيرة حافلة ولد اليزمي في مدينة فاس عام 1953، وفيها تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي، وبدأ حياته الجامعية في جامعة "محمد الخامس" في الرباط، قبل أن يغادرها عام 1972 نحو فرنسا، لبدء رحلة عملية جديدة كانت مقدمة لسطوع نجم المخترع المغربي في العالم. وفي بلاد نابوليون، التحق الشاب الطموح بالأقسام التحضيرية التي أهلته بعدها للتخصص في هندسة الكيمياء بمعهد "غرونوبل للتكنولوجيا" حيث تابع دراساته العليا حتى نال شهادة الدكتوراه في الكيمياء عام 1985 من المعهد ذاته. هذا الاختراع دفع العديدين لوصف المخترع المغربي ب "أب بطاريات الليثيوم". أبحاث علمية مرموقة وبراءات اختراع في مجال الكيمياء، أهّلت المخترع المغربي لأن يكون واحداً من أبرز الباحثين في "المعهد الوطني للبحث العلمي" في باريس، ومديرا للبحوث فيه بين عامي 1998 و2007. إلى جانب ذلك، عمل اليزمي في جامعات دولية مرموقة في عدد من دول العالم، كجامعة "كيوتو" اليابانية ومعهد "كاليفورنيا للتقنية" (كالتك) الأمريكي. كما تعاون في مجال البحث مع وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، في برنامج يهدف لإرسال مركبات فضائية تعمل بالبطاريات القابلة للشحن إلى كوكب المريخ. وتُوّجت تلك البحوث عام 2005، بإرسال مركبة إلى المريخ تستعمل بطاريات ليثيوم تشحن بالطاقة الشمسية، لأول مرة. وفي عام 2010، استقر اليزمي في سنغافورة، مديراً للبحوث في الطاقة المتجددة بجامعة "نانيانغ" للتكنولوجيا. اختراعات وجوائز المسيرة العلمية الحافلة للعالم المغربي، تخللها نيل أكثر من 120 براءة اختراع في الكيمياء، إضافة إلى نشره أكثر من 200 بحث علمي في مجلات علمية مرموقة. إلى ذلك، تقلد اليزمي أوسمة وجوائز عالمية ومحلية، من أبرزها وسام "جوقة الشرف" في فرنسا، والوسام الملكي للكفاءة الفكرية من ملك المغرب. كما نال في 2014 جائزة "دريبر" التي تمنحها الأكاديمية الأمريكية للهندسة في العاصمة واشنطن. وفي 2016، تم تكريم المخترع المغربي من قبل رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس ، بأعلى درجة تكريمية يمكن للحكومة الفرنسية منحها للمخترعين. وعلى رغم بلوغه ال68 من العمر، ما زال اليزمي ينكب على إجراء بحوثه، بلا كلل، علّها تتوج بإنجازات علمية في المستقبل القريب.