نفذ صبر شريحة واسعة من ساكنة الفنيدق، حيال ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في هذه المدينة التي ارتبط ازدهارها الاقتصادي لعقود طويلة، بأنشطة التهريب المعيشي انطلاقا من باب سبتة، الذي قرر المغرب إغلاقه بشكل نهائي في سنة 2019، فخرج العشرات من شباب هذه الحاضرة الصغيرة في احتجاجات واجهتها السلطات العمومية بالقوة العمومية بدعوى "حالة الطوارئ الصحية". وفي نظر العديد من المراقبين، فإن هذه الاحتجاجات لم تكن مفاجئة بالمرة، في ظل التأخر الكبير في إخراج مشروع منطقة الأنشطة الاقتصادية والتجارية بإقليم المضيقالفنيدق، إلى حيز الوجود، والذي تراهن عليه السلطات العمومية في أن يشكل بديلا حقيقيا لوقف أنشطة التهريب المعيشي، انطلاقا من بوابة الثغر المحتل من طرف إسبانيا. وفي الوقت الذي سبق أن حددت الجهات المسؤولة، صيف العام الجاري، موعدا لانطلاق الأنشطة الاقتصادية بالشطر الأول لهذا المشروع، الذي تم رصد غلاف مالي قيمته الاجمالية 200 مليون درهم، فإن هذا الرهان يبدو بعيدا، بسبب التأخر الكبير في أشغال إنجاز هذا الورش، الذي من شأنه أن ينتشل آلاف الشباب والأسر من الوضع الاقتصادي الذي آلت إليه هذه المدينة التي كانت في طليعة الحواضر المزدهرة تجاريا بمنطقة شمال المغرب إلى حدود السنوات الأخيرة. وتقول الجهات الحكومية، إن هذا المشروع الذي تسهر وكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال على تنفيذ الأشغال الخاصة به، وأسندت مهمة المكلف بالأشغال المفوض للوكالة الخاصة طنجة المتوسط، في توفير بدائل مدعومة بإنشاء منصة لنقل السلع القادمة من مدينة سبتة عبر ميناء طنجة المتوسط. ويندرج هذا المشروع في إطار البرنامج المندمج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لإقليم تطوان وعمالة المضيقالفنيدق، الذي يروم إلى إنعاش الاستثمار من أجل خلق فرص الشغل وتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للساكنة المستهدفة، خاصة النساء والشباب. غير أنه مقابل الصورة الوردية التي تقدمها الدولة لهذا المشروع، فإن نشطاء من المجتمع المدني، يرون أنه من الضروري في انتظار جاهزية المشروع، اتخاذ تدابير عاجلة للتخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي حلت بأهالي المدينة، ما دفع بالكثير منهم إلى ركوب مغامرة الهجرة السرية، وضمنهم 6 شباب قضوا خلال إحدى محاولات "الهرب" من هذا الوضع. ويبلغ عدد العاملين الذين توقف نشاطهم، بمعبر باب سبتة، منذ حوالي سنتين، نحو 4000 شخص، بحسب إحصائيات لمنظمات حقوقية، وهم بالتالي يعتبرون معيلين لمئات من الأسر التي يقدر عدد أفرادها بالآلاف داخل مدينة الفنيدق ومناطق مجاورة لها، تأثرت هي الأخرى بتبعات قرار وقف "التهريب المعيشي".