بعد أشهر من خضوعه لعملية ترميم تحت إشراف المؤسسة الوطنية للمتاحف، فتح متحف "القصبة" بمدينة طنجة، أبوابه أمام زواره في شكل جديد، يستحضر أكثر العمق المتوسطي لمدينة "البوغاز" في أبعادها التاريخية والحضارية. وفي البناية التاريخية، بحي "القصبة" العتيق بمدينة طنجة، جرت مساء اليوم الخميس، مراسيم افتتاح متحف الثقافات المتوسطية، بحضور مدير المؤسسة الوطنية للمتاحف، المهدي قطبي، ومدير متحف محمد السادس للفن المعاصر والحديث بالرباط، عبد العزيز الإدريسي، إلى جانب عمدة مدينة طنجة، محمد البشير العبدلاوي. ويصنف متحف "القصبة" للثقافات والحضارات المتوسطية، بمدينة طنجة المغربية، كإثرث ثقافي أساسي وجزء من الذاكرة الجماعية للبحر الأبيض المتوسط، باعتباره واحدا من أقدم المؤسسات الثقافية، التي تشهد على ثراء وتنوع المنطقة المتوسطية. وقال مهدي قطبي، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، خلال ندوة صحفية بمناسبة حفل الافتتاح، أن عمليات الترميم التي خضع لها متحف "القصبة"، من شأنه أن يساهم في ضخ دماء جديدة في الحياة الثقافية بمدينة طنجة. وأضاف قطبي، أن افتتاح المتحف، الذي بات يحظى بسينوغرافيا جديدة، سيشكل فرصة أمام المغاربة والأجانب، للتعرف على فصول غنية من التراث الحضاري لمدينة طنجة، في إطار متحف ذو جودة عالية. مضيفا أن هذا تطوير الصرح الثقافي ينسجم مع الأهداف الرامية إلى جعل الحوض المتوسطي فضاء للاحتفال بالفن والثقافة. من جهته، أبرز إبراهيم السالمي، محافظ متحف القصبة للثقافات والحضارات المتوسطية، في تصريح لجريدة طنجة 24 الإلكترونية، أن المعرض الذي يضمه المتحف، شهد تغييرا هيكليا خاصة على مستوى المعرض، الذي أصبح يقدم نظرة تكميلية ومدققة عن محاور البحر الأبيض المتوسط، وكذا الدور الذي لعبته مدينة طنجة بالمنطقة منذ مراحل ما قبل التاريخ إلى حدود اوائل القرن العشرين. وأشار السالمي، إلى أن إعادة ترميم المتحف، أعطت أهمية كبيرة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة (حاملي الإعاقة)، على اعتبار أن المباني التاريخية على شاكلة المبنى المحتضن للمتحف، يصعب على أفراد هذه الفئة من المجتمع الولوج إليها. ومن جانبه، اعتبر عمدة مدينة طنجة، محمد البشير العبدلاوي، في تصريح مماثل، أن افتتاح متحف "القصبة" للثقافات والحضارات المتوسطية في شكله الجديد، يأتي ليواكب التحولات العميقة التي تعرفها هذه المدينة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وأضاف العبدلاوي، أن هذا الصرح الثقافي يجسد التاريخ العريق لهذه المدينة، من خلال الوثائق والمجسمات التي يزخر بها، والتي يعود تاريخها إلى فترات مختلفة، سواء فترة العصر الحجري القديم أو العصر الحجري الحديث، بالإضافة إلى مختلف الحضارات التي تعاقبت على المدينة، مثل الحضارات الرومانية والبيزنطية والفنيقية، وكذا الفترة البرتغالية والاسبانية، ثم العصر الإسلامي. مبرزا أنه "من النادر أن توجد مدينة في العالم بكل هذا الثراء التاريخي والثقافي الذي يميز مدينة طنجة".