افتتحت اليوم الخميس بطنجة ورشة وطنية حول التهريب غير المشروع للثروات الثقافية ،من تنظيم وزارة الثقافة ومكتب منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) للمنطقة المغاربية. وتندرج هذه الورشة ،التي تأتي بعد ورشتي الراشيدية ومراكش ، في إطار حملة وزارة الثقافة من أجل تعزيز قدراتها في مجال حماية التراث الثقافي الوطني وتطبيقا لالتزامات المملكة المغربية بتنفيذ اتفاقية اليونسكو سنة 1970 المتعلقة بالإجراءات الواجب اتخاذها لحظر ومنع الاستيراد والتصدير ونقل الملكية غير المشروعة للثروات الثقافية. كما تندرج هذه الورشة في إطار الدعم التقني لليونسكو والوكالة الإسبانية للتعاون الدولي في التنمية لفائدة تعزيز الكفاءات الوطنية في مكافحة التهريب غير المشروع للثروات الثقافية. وتعد الورشة اللقاء الثالث من نوعه في سلسلة أربع ورشات حول التهريب غير المشروع للثروات الثقافية، تهم مختلف المتدخلين والفعاليات المؤسساتية المعنية ، خاصة الإدارات والمصالح الجهوية المعنية بموضوع الورشة ، والمنظمات غير الحكومية، وتجار التحف الفنية والأثريات، والجامعيين ورجال الاعلام والصحافة. وقال مدير التراث الثقافي بوزارة الثقافة عبد الله العلوي في كلمة تليت نيابة عنه ان هذه الورشة تندرج في نطاق برنامج تكويني وتوعوي أقرته الوزارة بتنسيق مع منظمة اليونيسكو لتمكين المغرب من موارد بشرية متخصصة على مستوى عال من التأهيل في مجال التصدي للجريمة ضد التراث المنقول ،وكذا بناء الوعي وإثارة الانتباه للمخاطر التي تستهدف الهوية الوطنية عبر المس بالجانب المادي للإرث الحضاري الذي راكمته المملكة عبر تاريخها الطويل والعريق. واضاف ان هذه الورشة تأتي في ظرفية دولية خاصة يشهد فيها العالم استشراء غير مسبوق لآفة الاعتداء على التراث الثقافي المادي ومن اهم تجلياته استفحال الإتجار بمنقولات الدول التي عاشت أو تعيش حالة عدم الاستقرار السياسي ،مبرزا ان المغرب من الدول المعنية بشكل كبير بحماية التراث الثقافي وطنيا ودوليا لغنى المخزون التراثي للمملكة والذي يعد احد مكونات التراث العالمي ،ولموقع المغرب الجغرافي الاستراتيجي الذي يجعل منه اقرب نقطة تواصل بين افريقيا الغنية بثرواتها الثقافية وأوروبا حيث الاسواق العالمية للمقتنيات الثقافية . واعتبر ان حماية التراث الوطني يعد بالنسبة للمغرب اولوية استراتيجية وإحدى أولويات تدبير الشأن التراثي ،وما انفك المغرب يدعم آليات العمل بما يتطلب من نجاعة لجرد ورصد ومراقبة وحماية التراث الوطني على جميع مستويات الاجهزة الوطنية ،خاصة المصالح المختصة لدى وزارة الثقافة والاجهزة الامنية والجمركية والقضائية ،وتكثيف تعاون المملكة مع شركائها للتصدي للأطماع المتزايدة لنهب وسرقة والتصدير غير الشرعي للممتلكات الثقافية . واشار عبد الله العلوي ف بالمناسبة الى ان وزارة الثقافة عمدت مؤخرا إلى إعداد مشروع قانون جديد لحماية وتثمين التراث الوطني الثقافي بأبعاده وامتداداته الجديدة المتعارف عليها دوليا ،وذلك لإيجاد إطار يتماشى ومتطلبات التدبير الجيد والحديث لقطاع التراث ليساير التطور الاجتماعي والاقتصادي والمؤسساتي للمغرب . من جهته ،قال مندوب وزارة الثقافة بطنجة، العربي المصباحي أن هذا اللقاء يهدف إلى تعزيز مهارات مختلف الجهات المعنية في هذا المجال والمتدخلين في شأن حماية التراث الوطني المادي بما فيهم فعاليات المجتمع المدني وممثلو مختلف المهن القضائية والمنتخبون للحد والتصدي لأي محاولة للاتجار غير المشروع في الممتلكات الثقافية ، وكذا لإنشاء شبكة وطنية من الخبراء في القضايا القانونية والاقتصادية المتعلقة بهذه الآفة. وأضاف أن هذه الورشة تهدف أيضا الى تمكين المشاركين من تعميق اطلاعهم على المفاهيم والآليات المعيارية والأخلاقية والمهنية من أجل مكافحة سرقة ونقل الممتلكات التراثية ، وحتى يكتسب المتدخلون المؤسساتيون وغيرهم الخبرات والمهارات اللازمة لحماية تراث المملكة الثقافي المادي . و من جانبها أكدت المكلفة بالمجال الثقافي لدى تمثيلية اليونيسكو بالمغرب سناء العلام أن اختيار مدينة طنجة لاستضافة هذا الحدث يعود الى مواقعها الاستراتيجي كبوابة عبور كل السلع التجارية والثقافية، مشيرة إلى أن كل الدول مدعوة إلى بذل المزيد من الجهود من أجل التنفيذ الفعال لاتفاقية اليونيسكو لسنة 1970 واتفاقية أونيدروا لعام 1995 ومن أجل حماية تراثها الخاص، الذي هو ايضا تراثا إنسانيا. وفي هذا السياق أكدت التزام اليونسكو بمضاعفة جهودها لدعم استراتيجيات المغرب لحماية التراث الثقافي ، من أجل التصدي لهذه الآفة التي تهدد التراث الحضاري والهوية الوطنية في مختلف دول العالم . وتهدف الورشة إلى تقديم مختلف الاتفاقيات والهيئات الدولية العاملة في مجال نهب الخيرات الثقافية، وكذا الإجراءات القانونية والإدارية المرتبطة بالتهريب غير القانوني والتي تطبقها السلطات المختصة. وستتيح الورشة أيضا تعميق فهم الفاعلين المعنيين بتيمة المفاهيم والأدوات المعيارية والأخلاقية والعملية من أجل مكافحة السرقة ونقل الملكية غير المشروعة للثروات الثقافية، بشكل يمكن المملكة من التوفر على كفاءات من أجل صيانة تراثها الثقافي.