كشف مسؤول بوزارة الثقافة، اليوم الخميس بالرشيدية، عن إعداد مشروع قانون يهم المحافظة على التراث الوطني الثقافي وحمايته و تثمينه. وقال يوسف خيارة، مسؤول بوزارة الثقافة، خلال ورشة جهوية تحسيسية حول الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، تنظمها الوزارة على مدى يومين، ان الأمر يتعلق بمشروع قانون جديد يهم المحافظة على التراث الوطني الثقافي و حمايته و تثمينه، ويروم إرساء إطار يتماشى مع متطلبات التدبير الجيد الحديث لقطاع التراث مسايرة للتطور الاجتماعي والمؤسساتي للبلاد. وأبرز أن مكونات هذا المشروع تهم تحديد مفهوم جديد للتراث الوطني بأبعاد و امتدادات جديدة تستحضر تطور مفهوم التراث الثقافي و الذي بمقتضاه سيتم الأخذ بعين الاعتبار أصنافا جديدة من الموروث الثقافي، واحداث سجل وطني للجرد يلزم القيمين على التراث بإغنائه و اثرائه وفق آجال قانونية محددة ، وانشاء لجنة وطنية للتراث الثقافي ذات طابع استشاري مهمتها الأساسية الإدلاء برأيها حول البرامج و المشاريع المتعلقة بحماية التراث و المحافظة علية و ترميمه و تأهيله و كذلك حول طلبات الترخيص لأبحاث و الحفريات الأركيولوجية. كما يشمل المشروع التأكيد على خلق شرطة لحماية التراث الثقافي بكل أصنافه ، وتشديد العقوبات على المخالفين للقانون خاصة ما اتصل بالتنقيب الأركيولوجي غير الرخص و سرقة التحف و تخريب و إتلاف المعالم التاريخية و الأثرية. وقال السيد خيارة وهو منسق وطني لاتفاقية 1970 لليونيسكو الخاصة بالإتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافي، ان هذه الورشة التحسيسية تندرج في اطار برنامج تدعيم الكفاءات الذي يتطلع لتمكين المغرب من موارد بشرية متخصصة في مجال التصدي للجريمة ضد التراث المنقول، على مستوى عال من التأهيل و الحنكة، مشيرا الى أن هذا اللقاء يأتي " في ظرفية دولية خاصة يشهد فيه العالم استشراء غير مسبوق لآفة الاعتداء على التراث الثقافي المادي من اهم تجلياته استفحال الإتجار بالمنقولات العراقية و الأفغانية و الاعتداءات التي طالت المعالم الأثرية السورية". واعتبر المسؤول بوزارة الثقافة ان "فتح الحدود و الاهتمام المتنامي لدى حائزي التحف بالمنقولات الأثرية و القطع الفنية، على ندرتها ، و الازدهار الاقتصادي لدى بعض الدول في العشرية الأخيرة و الذي صاحبه توافر للسيولة والنقدية و اختلاف التشريعات القانونية و التنظيمية بين الدول، كلها عوامل ساهمت الى حد كبير في ازدياد طلب السوق العالمي على الممتلكات الثقافية خاصة تلك المتواجدة بدول الجنوب حيث قلة الإمكانيات و ندرة الكفاءات و الخبرات و ضعف التغطية الأمنية". وأكد في هذا الاطار أن المغرب يعد من الدول المعنية بشكل كبير بحماية التراث الثقافي وطنيا و دوليا وذلك بسبب غنى المخزون التراثي للمملكة و الذي يعد أحد مكونات التراث العالمي و وموقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يجعل منها أقرب نقطة تواصل بين افريقيا الغنية بثرواتها الثقافية و اوروبا حيث الأسواق العالمية للمقتنيات الثقافية. من جهتها، اعتبرت سناء عالم ، عن منظمة الاممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة-مكتب المغرب العربي، أن اختيار مدينة الرشيدية كمحطة اولى لاحتضان ورشات التحسيس حول الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية ينبع من غنى وتنوع الموروث الثقافي والحضاري لجهة درعة تافيلالت. ودعت السيدة عالم في هذا الاطار الى تضافر جهود مجموع البلدان المعنية بموضوع الاتجار غير المشروع في الممتلكات الثقافية من اجل ضمان اجتثاث هذه الظاهرة وحماية الموروث الثقافي العالمي علاوة على تفعيل اتفاقية سنة 1970 ذات الصلة بالوسائل التي تستخدم لحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة، مبرزة ان استراتيجية اليونيسكو منذ 2010 تهم تعزيز قدرات الشركاء الوطنيين من اجل تمكينهم من اليات حماية والمحافظة على التراث الثقافي. وبعد أن أشارت الى أن الهدف من هذه الورشة التي ستعقبها ورشات أخرى بمدن فاس وطنجة ومراكش يكمن في التحسيس واطلاع من جهة عموم الجمهور حول مختلف الاليات القانونية الدولية ذات الصلة خاصة اتفاقيات سنوات 1970 و 1995 و2000، ومن جهة أخرى حول التشريعات الوطنية حول حماية التراث، اشادت السيدة عالم بالجهود التي يبذلها المغرب والاهتمام الذي يوليه لحماية وتثمين التراث الثقافي وللتعاون الدولي في هذا الاطار. وتعد هذه الورشة الأولى من ضمن أربع ورشات جهوية أخرى، لفائدة شريحة من الفاعلين الجهويين والمحلين بالإدارات العمومية وفعاليات المجتمع المدني، والمنظمات غير الحكومية وحائزي التحف وتجار المنقولات العتيقة وأساتذة جامعيين وصحفيين. ويشرف على الورشة مجموعة من الخبراء الوطنيين، من وزارة الثقافة ووزارة العدل والحريات والدرك الملكي والمديرية العامة للأمن الوطني وإدارة الجمارك، بالإضافة إلى خبير من مكتب اليونيسكو بالرباط، والذين سيعملون على شرح وتيسير المفاهيم للإلمام بالأدوات المعيارية والأخلاقية لحظر استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة والتي تطال في المقام الأول المواقع الأثرية والمباني العتيقة بالمدن والأرياف.