احتضن متحف الأوداية بالرباط أمس الثلاثاء أشغال يوم دراسي حول الاتجار غير المشروع في الممتلكات الثقافية، نظمته وزارة الثقافة بمناسبة اليوم العالمي للمتاحف الذي يصادف 18 ماي من كل سنة. وخلال الجلسة الافتتاحية أكد وزير الثقافة، محمد الأشعري، أن الغاية من اليوم الدراسي هي وضع استراتيجية شاملة يكون من شأنها الحد من ظاهرة الاتجار في الممتلكات الثقافية للمغرب، وتأخذ بعين الاعتبار التعاون والتنسيق بين جهود كل العاملين في قطاع التحف والمآثر التاريخية، بما في ذلك الجمارك المغربية والدرك الملكي والسلطات المحلية وغيرها، بالإضافة طبعا إلى وزارة الثقافة. ودعا الأشعري إلى بناء حزام أمني حول ممتلكاتنا الثقافية للحيلولة دون تسريبها إلى الخارج والاتجار فيها بشكل غير شرعي، على اعتبار أنها تشكل جزءا من هويتنا، ورصيدا هاما من تاريخنا. كما اعتبر في الوقت نفسه أن ممتلكاتنا الثقافية أصبحت في خطر، وأن رصيدنا الاحتياطي من المخطوطات والتحف والمآثر التاريخية أصبح مهددا بالبيع والشراء غير الشرعيين، ما لم تتضافر جهود كل المعنيين للحد من هذه الظاهرة التي تتغذى من خصوصيات المغرب الثقافية والحضارية. وقامت وزارة الثقافة خلال الأربع سنوات الأخيرة باسترجاع بعض التحف التي تم تهريبها إلى الخارج، والتي كانت معروضة للبيع في بعض مؤسسات المزاد العلني كمؤسسة سوتبي بلندن، كما قامت بعدة إجراءات صبت في الهدف ذاته منها اقتناء التحف ومراجعة القوانين الخاصة بالمحافظة على التراث الثقافي. غير أنها مع ذلك ما زالت غير متوفرة لحد الساعة على الرقم التقريبي لعدد التحف واللوحات والقطع الأثرية المهربة إلى الخارج بشكل غير شرعي، في الوقت الذي تتحدث فيه بعض المصادر عن أن نسبة هامة من المخطوطات المغربية والممتلكات الثقافية قد هربت إلى الخارج منذ عهد الحماية الفرنسية للمغرب، وما بعدها، عن طريق مساومة صاحبيها وإغرائهم بأثمنة عالية لبيعها، ومن ثم أصبحت الجهود المفروضة على وزارة الثقافة مضاعفة أولا من حيث جرد وإحصاء هذه الممتلكات المهربة والموجودة بمتاحف أوروبية، كما هو الحال في فرنسا التي تضم متاحفها نسبة هامة من المخطوطات المغربية، والدخول ثانيا في مفاوضات مباشرة مع هذه الأطراف لاستعادتها وتمكين الباحثين المغاربة من الاستفادة منها. وذهبت بعض التدخلات في اليوم الدراسي إلى أن الجهود المبذولة حاليا للحد من تهريب الممتلكات الثقافية إلى الخارج والاتجار فيها بشكل غير شرعي ما تزال غير كافية، مما يستدعي حسب المتدخلين أنفسهم إعطاء هذه الممتلكات ما تستحقه من العبر والمعاني، على اعتبار أنها تؤرخ لمرحلة من مراحل تاريخ المغرب وتشكل موروثا حضاريا لا غنى عنه، وهو ما يفرض على الإعلام المغربي الانخراط في الدعوة إلى التصدي لكل أشكال ظاهرة التهريب بما فيها تهريب الممتلكات الثقافية. جدير بالذكر أن عددا من المخطوطات المغربية تم تهريبها وبيعها للأجانب من مدن مغربية كفاس ومكناس ومراكش وتطوان، كما أن عصابات أخرى لتهريب المواد نفسها ما تزال تواصل سرقة خصوصياتنا المغربية، زاعمة العمل على استخراج الكنوز في الجنوب المغربي خاصة. عبد الرحمان الخالدي