في الوقت الذي دخل مشروع قانون 09/01 المتعلق بإحداث المؤسسة الوطنية للمتاحف، قبة البرلمان، وأصبح خاضعا لمناقشة الفرق البرلمانية، بعدما جرت المصادقة عليه في المجلس الوزاري بتاريخ 7 ماي 2009اجتماع جمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث وجه أبو القاسم الشبري، رئيس جمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، رسالة إلى نواب الأمة، وإلى الصحافة، لاطلاعهم على الوضع الكارثي، الذي أصبحت عليه المتاحف، والمطالبة بإلغاء ذلك القانون، وإحداث وكالة وطنية للتراث، بدل مؤسسة وطنية للمتاحف، ومؤازرة جمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث للتصدي لهذا المشروع، الذي صيغ على عجل، ومن وراء ظهر وزارة الثقافة، وفي سرية وإقصاء تامين للممثلين القانونيين لمحافظي المتاحف والمواقع التاريخية، وهو القانون الذي تغافل، برأيه، مشروع قانون إحداث الوكالة الوطنية لتنمية التراث الثقافي، التي اقترحها وزير الثقافة السابق محمد الأشعري، على الأمانة العامة للحكومة في شهر أكتوبر من سنة 2003. وأوضح أبو القاسم الشبري، الذي عنون رسالته المفتوحة ب"المتاحف المغربية في مهب الريح"، في تصريح ل "المغربية"، أن البرلمانية مباركة بوعيدة عن فريق الأحرار، ورئيسة لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية، بالغرفة الأولى بمجلس النواب، اجتمعت به وبأعضاء من الجمعية، الأسبوع الماضي، وطلبت منهم توضيحات في الموضوع، لتعرض الأمر على المناقشة، وهو فعلا ما حدث، ولكن بعض الفرق البرلمانية طلبت تأجيل الأمر إلى يوم الخميس 17 دجنبر الجاري، للإحاطة أكثر بموضوع المتاحف. وأشار الشبري في رسالته إلى أن الجمعية التي يرأسها "لا تقف ضد تطوير عمل المتاحف أو ضد تأهيل تراثنا الوطني، فعلى العكس من ذلك ظلت دوما تطالب بتدبير التراث الوطني المادي وغير المادي بعقلية احترافية، ووفق منظور براغماتي ونزعة اقتصادية واضحة، غير أن مشروع القانون 09/01، الذي حرر بالفرنسية ثم ترجم إلى العربية ترجمة بلهاء، جاء دون مرجعية قانونية، وطلع علينا بمؤسسة لا تخضع لأية وصاية للدولة، ويهمش وزارة الثقافة بشكل واضح، وسيصعب غدا على عتاة القانون وفقهائه التصدي لخروقات هذه المؤسسة. ونحن ننطلق من مبدأ لن نحيد عنه وهو أن التراث الوطني يدخل ضمن سيادة الدولة والوطن ولا يمكن تحت أية طائلة خوصصته أو تفويته ولو بمنطق التدبير المفوض. فهو مثله مثل الحدود الترابية والعلم الوطني والعملة والقوات المسلحة الملكية وغير ذلك من رموز السيادة". وأضاف أنه مهما بلغ تراثنا الوطني من تردي، فهذا لا يسوغ أبدا الإلقاء به في أياد غير آمنة، مثل المؤسسة الوطنية للمتاحف، التي أوحى بها البعض بحجة رغبة ملكية في تطوير المتاحف المغربية. وقال في رسالته "إذا كنا نثمن عاليا العناية المولوية السامية بموروثنا الحضاري على عادة الملوك العلويين، فإننا أشد ما يكون إلى التمسك بإحداث وكالة وطنية للتراث الثقافي تضم في اختصاصها كل الموروث الحضاري المغربي بشقيه المادي وغير المادي. وإننا نقدر أن هذا التصور يتماشى وفلسفة التوجيهات الملكية لجلالة الملك حفظه الله بإحاطة التراث الوطني بما يليق من عناية وترميم وتدبير وتأهيل وإشعاع وإدماج في التنمية المستدامة والشاملة". وسبق لجمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث أن رفعت ملتمسا إلى جلالة الملك محمد السادس في مطلع سنة 2009 بإحداث وكالة وطنية للتراث، نظمت يوما دراسيا يوم ثاني أكتوبر الماضي بالرباط، تمخضت عنه توصيات مهمة تسير في نفس طرح الجمعية الرافض للمشروع 09/01، وها هي هذه الرسالة المفتوحة والموجهة لنواب الأمة، تطالب فيها الجمعية إما بإلغاء هذا المشروع بالمرة، لفائدة مشروع قانون إحداث الوكالة الوطنية للتراث الثقافي، أو العمل على إدخال أقصى ما يمكن من تعديلات على المشروع الحالي بشكل يجعله يعتمد على المرجعية القانونية الوطنية والمواثيق الدولية، (وهو ما غاب كليا في مشروع 09/01)، ويحول المؤسسة في طرحها الحالي إلى "مؤسسة التنمية المتحفية" ويجعلها صراحة ونصا تحت وصاية وزارة الثقافة، التي يجب أن يرأس وزيرها المجلس الإداري للمؤسسة المزمع إحداثها. كما يجب مراعاة وضعية محافظي التراث، وكذا ضرورة تمثيلهم باللجنة المديرية وبالمجلس الإداري للمؤسسة. تعيش المتاحف الوطنية، التابعة لوزارة الثقافة الوصية على القطاع، التي تبلغ 17 متحفا) ستة منها متاحف إتنوغرافية، وخمسة متاحف متخصصة، وثلاثة متاحف أركيولوجية، وثلاثة أخرى أركيولوجية وإثنوغرافية(، وضعا صعبا، لأنها لا تلقى الاهتمام ولا العناية اللازمين، بسبب ضعف الميزانية المرصودة للقطاع الثقافي بشكل خاص، وغياب سياسة ثقافية بشكل عام، ما يجعل تلك المتاحف، بتقدير العديد من المهتمين، مجرد مقابر للآثار والتحف، وليست متاحف بمعنى الكلمة.