قبل أسابيع، راودت عدد من المغاربة شكوك حول تقديم شعيرة الأضحية هذه السنة، خاصة مع الدعوة التي وجهها حزب الطليعة الديمقراطي، لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني، بإلغاء الأضحية بسبب تداعيات جائحة كورونا. لم يبدد المواطنون شكوكهم، إعلان وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية، عن استمرار عملية ترقيم الأغنام والماعز المعدة لعيد الأضحى، انطلقت 22 أبريل الماضي حتى 15 يوليوز الجاري، شملت 7 ملايين و 200 ألف رأس. ودفعت جائحة كورونا وزارتي الداخلية والفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية، إلى فرض إجراءات خاصة للاحتفال بعيد الأضحى، تهم بالأساس إصدار دليل الإجراءات الصحية الوقائية ضد "كوفيد-19" الواجب تطبيقها يوم العيد. وتم إحداث أسواق مؤقتة إضافية لتعزيز الأسواق الموجودة خلال فترة عيد الأضحى، وتعزيز تدابير المراقبة على نقل الماشية المخصصة للعيد في جميع أنحاء البلاد، بل وسّعت نطاق الإجراءات الصحية، لتشمل المهن الموسمية المرتبطة بعيد الأضحى. أعباء إضافية قال محمد الخريصي، وهو مربي أغنام بمحافظة جرادة شرق المغرب، إن "جائحة كورونا كان لها أثر مباشر وغير مباشر على تربية الأغنام المعدة لعيد الأضحى". وأضاف الخريصي أن مربي الأغنام، عادة يسوقون منتجاتهم في شهر فبراير/ شباط وحتى مارس إلى المسمنين، لتهيئة الأضاحي للعيد، لكن بفعل الجائحة لم يتمكنو هذه السنة من البيع.و وأبرزأ عدم تسويق المربين لمنتوجهم، كان له أثر على التسمين، فأمام التكاليف المتنوعة التي يتحملها المربون، أثقلت كاهلهم عملية التسمين التي أضيفت إلى أعبائهم، وكان لذلك إنعكاس أيضا على حجم الأضاحي. من جهته، قال بكاوي بنيونس، مسؤول بوزارة الفلاحة؛ إن الوزارة قامت بتوزيع الشعير المدعم على المربين لضمان نشاط القطاع، ووزعت بالمحافظة التي يعمل بها فقط، حوالي 140 ألف قنطار من الشعير المدعم خلال هذا الموسم. وأشار "بنيونس" إلى أن الاجراءات التي قامت بها وزارة الفلاحة، وبالخصوص تقديم الشعير المدعم، هي إجراءات تتوخى حماية المربين من المضاربين، وبالتالي تجنب وضعه في أزمة. معاناة التسويق أوضح الخريصي، أن هناك معاناة غير مباشرة على المربين، تتعلق بالتسويق اليومي للأضاحي، والذي تأثر بفعل تراجع القدرة الشرائية للمواطن، بسبب تداعيات الجائحة، خاصة وأن الآلاف من العاملين في القطاع غير المنظم فقدوا أو توقفوا عن ممارسة أعمالهم. وما زاد الطينة بلة، هو عدم العودة الكبيرة للمغاربة القاطنين بالخارج إلى أرض الوطن، والذي كان له أثر كبير أيضا على تسويق الأضاحي وفق المربي المغربي، الذي يؤكد أن ذلك أدى إلى تراجع قيمة الأضحية بحوالي 50 بالمئة. وتراجع قيمة الأضحية، أكده عدد من مربي الماشية الآخرين، وضمنهم عبد القادر الزكراوي، الذي قال إن الأسعار هذه السنة منخفضة مقارنة مع السنة الماضية. ووفق الزكراوي، فإن الجائحة لم تؤثر على تسويق أضاحي العيد فقط، وإنما حتى على تسويق الأغنام الموجهة للاستهلاك في المناسبات كحفلات الزواج وغيرها. وقدر بكاوي بنيونس؛ نسبة التراجع بين 20 و 30 بالمئة، مقارنة مع السنة الماضية، وأرجع ذلك لارتفاع العرض في السوق، إذ بلغ هذه السنة في عموم محافظات الجهة الشرقية 940 ألف رأس، منها 104 آلاف بمحافظة وجدة وحدها. ويتفق المسؤول مع المربين، الذين يؤكدون أن ارتفاع العرض مرده هو تأثيرات الجائحة على المناسبات العائلية والأفراح، إذ كان لتوقفها بسبب انتشار الفيروس أثر كبير على رفع العرض في السوق وبالتالي تراجع الأسعار. لكن وإن كان المربون ينظرون إلى تراجع قيمة الأضاحي مقارنة مع السنة الماضية، بنوع من الحسرة، فإن تراجعها يعني بالمقابل، استفادة أكبر عدد من الأسر المغربية من فارق في الأسعار، يمكن أن يغطي تكاليف أخرى لازمة في هذه المناسبة.