– هشام الراحة: من بين سلسلة من المعالم الأثرية والتاريخية الخالدة في صحف حضارة مدينة البوغاز الساحرة، توجد معلمة لم يتبقى منها سوى الأطلال، هي مدينة أخرى يتم طمس معالمها وإخفائها وراء الأسوار عمدا، وتُعرف لدى المؤرخين وعلماء الاثار باسم مدينة "كوطا". تقع مدينة "كوطا" على بعد 10 كلومترات جنوب مدينة طنجة، في منطقة محاذية لمغارة هرقل ومنطقة أشقار. وتعود أقدم المستويات بالموقع إلى القرن الثالث قبل الميلاد، كما تدل على ذلك الاثار التي كشفت عنها حفريات العلماء. الموقع حاليا يتكون من مجموعة من البنايات ومرافق من أبرزها الحمامات ومباني ذات أروقة ومعبد، إلا أن بقايا هذه المدينة تشهد، حسب تصريح عبد السلام الشعباوي، نائب رئيس مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة لصحيفة "طنجة 24"، يشهد تعديا سافرا من أحد الخواص الذي عمد إلى تسييج الموقع والسطو عليه. هذا الأمر تأكد ل"طنجة24" بعد زيارة قامت بها لموقع "كوطا"، حيث أكد أحد رجال الشرطة المكلفين بحراسة الموقع، أن هذا الأخير أضحى ضمن ممتلكات قصر أحد الخواص الأجانب الذي عمد إلى بناء جدار بعلو يقارب المترين، وعلى مساحة شاطئية يُمنع المشي فيها. و"كوطا" حسب الشعباوي، كانت عبارة عن مجمع صناعي خاص بتمليح السمك، يتكون من عدة أحواض يصل عمقها إلى مترين، وقد عرف هذا النشاط في عهد الملك (يوبا الثاني) النوميدي الذي ولد حوالي 52 ق.م تطورا كبيرا أدى إلى ظهور صناعات أخرى كاستخراج مادة الملح. وكان حين يقل السمك تتحول أحواض التمليح إلى أحواض لاستخراج مادة التلوين الأرجوانية التي جسدت شهرة (يوبا الثاني)". ونظرا لهذا الارث التاريخ لهذا الموقع فإن مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة يشدد على ضرورة إعادة الإعتبار لهذا الموقع ويدعو إلى منح الموقع لسلطة تدبير الآثار من أجل الاشراف عليه، والعمل على حمايته وتأهيله بشكل يسمح بزيارة الزوار والمهتمين. هذا وتزخر مدينة طنجة بالعديد من المعالم الأثرية المماثلة التي تعرف تدهورا سافرا وتناسيا مستمرا من طرف الجهات المعنية، مما يجعل المدينة تذهب باستمرار نحو فقدان عبقها التاريخي الغني من طرف بعض المستغلين الخواص كصاحب "كوطا".