– محمد سعيد أرباط: جان فرنسوا بورتايل (Jean-Francois Portaels) هو أحد الرسامين العالميين المشاهير، ومؤسس المدرسة "الاستشراقية" البلجيكية، وهو من الرسامين الكبار الذين زاروا طنجة مرارا ورسموا بها بعضا من لوحاتهم الشهيرة. واشتهر هذا الرسام البلجيكي بشكل كبير في رسم البورتريهات، حيث كانت تلهمه ملامح البشر وطريقة لباسهم إلى اتخاذهم كمادة للابداع بالريشة والالوان، خاصة عندما يكون صاحب البورتريه امرأة "مشرقية" تفتن بجمالها. خلال تواجده بالمغرب في ثاني زيارة له، والتي استمرت اربع سنوات ما بين 1870 و 1874، رسم الفنان "بورتايل" عدد من البورتريهات، خاصة بمدينة طنجة، لفتاة تدعى "عويشة"، حيث تضم مجموعته التشكيلية المعروفة ب"الجمال المشرقي" أزيد من لوحتين للفتاة نفسها. وهذه اللوحة صاحبة هذا الموضوع هي واحدة من أشهر البورتريهات التي رسمها الفنان البلجيكي، وهي واحدة من اثنين اخرين رسمت ل"عويشة" في وضعيتين مختلفتين وبزيين مختلفين يبرز فيهما جمال هذه الفتاة التي تمثل "نوع" المرأة في طنجة خلال فترة زيارة الرسام. وهذه اللوحة المعروضة هنا، رسمها بورتايل في سنة 1874، وتحمل اسم "عويشة، موريسكية من طنجة"، وتجسد مظهر فتاة "جبلية" ملتحفة بلحاف أبيض يغطي كامل جاسدها وتضع "الشاشية" على رأسها، وهو تصوير دقيق للمرأة الجبلية ولباسها في هذه الفترة التاريخية. ولم نعثر على تفاصيل هوية هذه الفتاة "عويشة" التي رسمها الفنان البلجيكي خلال زيارته إلى طنجة، غير أنه من المرجح أنها تنتمي إلى أسرة يهودية طنجاوية، نظرا للأصل الموريسكي التي وصفت به، ونظرا لانفتاح اليهود أمام الاجانب وقبولهم بوقوف بناتهم أو نسائهم امام ريشة رسام أجنبي دون الشعور بأي حرج -على عكس المسلمين- وهو أمر سبق وأن حدث مع العديد من الرسامين وعلى رأسهم الفرنسي أوجين دو لاكروا. وتتوزع لوحات الرسام البلجيكي على العديد من المتاحف العالمية، ومن بينها لوحات "عويشة" التي تعرض في متحف الفنون الجميلة بمدينة مونتيريال الكندية واخرى على متاحف بلجيكا، وتدخل بورتريهات "عويشة" ضمن أفضل البورتريهات التي رسمها بورتايل. وجان فرنسوا بورتايل، هو رسام بلجيكي كما سلف الذكر، ولد في 3 أبريل من سنة 1818 بمدينة فيلفورد، وزار المغرب في مناسبتين، الاولى كانت في العقد الرابع من القرن 19 ضمن زيارة عابرة إلى اسبانيا وايطاليا والجزائر، والثانية كانت ما بين 1870 و 1874 حيث قضى 4 سنوات بالمغرب.