– محمد سعيد أرباط: تشتهر طنجة بسوقين، السوق الداخلي (الصغير) الذي يقع داخل أسوار المدينة القديمة، والسوق البراني (الكبير) الذي يقع خارج الأسوار القديمة للمدينة، وهذا الاخير اثار الكثير من الرسامين العالمين الذي زاروا طنجة وألهمهم لرسم لوحات عديدة عنه بسبب نشاطه الحركي وكثرة الالوان وتنوع المشاهد به. ومن بين الرسامين الذين جذبتهم "جعجعة" هذا السوق، الرسام والمصمم الامريكي الشهير "لويس كومفورت تيفاني" الذي يعد أحد أشهر الرسامين والمخترعين ورجال الاعمال الامريكيين، واحد الفنانين الذين زاروا طنجة ورسموا بها في أواخر القرن التاسع عشر. وتعد لوحته الذي عنونها تيفاني باسم "يوم السوق خارج أسوار طنجة" واحدة من أشهر اللوحات التي رسمت عن السوق الكبير الشهير باسم السوق "دبرا" والمعروف رسميا حاليا بساحة 9 أبريل، وكان قد رسمها الفنان المذكور في سنة 1873 في زيارة له إلى طنجة. وتظهر اللوحة التجمعات البشرية في السوق حيث يجتمع الباعة والمشترون القادمون من مختلف المناطق المجاورة لطنجة لبيع سلعهم وشراء حاجياتهم اليومية، ويظهر الناس بملابسهم التقليدية حيث تغلب "الجلابة" على مظهر معظمهم، إضافة إلى حضور الدواب من الجمال البغال والحمير، وهو ما يعطي المظهر الحقيقي للسوق المغربي في هذه الفترة من التاريخ. ويمكن من خلال هذه اللوحة رؤية باب الفحص والسور المحيط بالمدينة القديمة وهيأتهما في هذه الفترة، كما يمكن ملاحظة قلة الكثافة السكانية بالمدينة حيث تظهر المنطقة القريبة من باب العصا غير مأهولة بالسكان بشكل كبير وهو ما كان يجعل العديد من الرحالة والرسامين والكتاب الذين زاروا طنجة في هذه الفترة يطلقون عليها مصطلح "البلدة" نظرا لصغر المدينة أنذاك. وتوجد هذه اللوحة الان في متحف سميثسونيان الامريكي للفن بالعاصمة الامريكيةواشنطن، وتتجلى قيمتها في كون صاحبها أحد المشاهير الامريكيين الذي ينتمي إلى اسرة بارزة في المجتمع، وتمتلك اسرته شركة "تيفاني" لصناعة الخزف وزخرفة الزجاج، ويعد صاحب اللوحة أحد المشاهير الذين صمموا زخارف بعض الوجهات الزجاجية للبيت الابيض. وقد ولد لويس كومفورت تيفاني في 18 فبراير 1848 بمدينة نيويوركالامريكية ودرس هناك، واشتهر في المجتمع الامريكي كمصمم للزخارف وأحد الرسامين الموهوبين، إضافة إلى عمله بشركة أسرته كرجل أعمال، وقد توفي 17 يناير من سنة 1933.