– السعيد قدري: أشهر قليلة على إنشاء مكتب لها بولاية امن طنجة ، وتوليها لزمام أمور كل صغيرة وكبيرة بخصوص الجريمة الالكترونية ، استطاعت الفرقة الجنائية المحدثة لهذا الغرض أن تبصم بطريقة احترافية على أولى خطوات النجاح من خلال تأكيد توفرها على خبرة في التصدي للجريمة المعلوماتية . أولى ملامح نجاح الفرقة في إستراتيجيتها الخاصة في مكافحة الجرائم الالكترونية بدأت تلوح في الأفق قبل نحو شهرين حينما استطاعت تفكيك رموز عصابة إجرامية بالمدينة في ظرف وجيز لم يتعدى الأسبوع ،الفرقة الجنائية المكلفة بالجريمة المعلوماتية والتابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن طنجة عاودت الكرة وتمكنت- بالرغم من قلة مواردها البشرية- من تحقيق الهدف المنشود والذي من اجله أنشئت بعدما وضعت يدها خلال هذا الأسبوع على شاب لا يتعدى عمره 24 سنة استطاع الظفر بعشرات الملايين بناءا على عملية نصب نسج أولى خيوطها بمنزله الخاص وسط المدينة. الفرقة وبعد توصلها بشكاية عاجلة من لدن احد الخليجيين، بادرت إلى اقتفاء آثار الشاب من خلال رصد كل الطرق التي سلكها في تنفيذ جريمته الالكترونية عن طريق استغلال وسائل تكنولوجية حديثة، تمكن بواسطتها - الشاب المتهم- من إسقاط سعوديين وقطريين وإماراتيين، في فخ النصب والاحتيال بعدما ربط بهم الاتصال إلكترونيا من طنجة، وطلب منهم أداء رسوم إدارية عن أغراض ثمينة يوهمهم بأنهم سيحصلون عليها في القريب العاجل من إحدى الشركات بالعاصمة السعودية التي حاول تمرير فكرة كونه يعمل لديها للمصالح الأمنية بطنجة دون جدوى ، وحصل على 26 حوالة مالية عبر وكالات دولية لتحويل الأموال. الشاب الطنجاوي الذي ظل منذ حوالي خمس سنوات يمارس هوايته المفضلة، كان متيقنا من نفسه وهو يسبر أغوار النصب والاحتيال بعدما تناهت إلى علمه أن لا احد يراقبه في أفعاله ، كان بحسب اعترافاته أمام الضابطة القضائية يصطاد في كل مرة زبون ، يتواصل معه عبر الانترنيت، دون أن يفارقه حاسوبه، الذي يعتبر بالنسبة إليه مكتبه الخاص المكيف . هذا الشاب الذي يقول عنه اقرب مقربيه انه عبقري، هادئ، ولا يتكلم كثيرا ، استطاع رسم طريق النجاح بواسطة الأنظمة المعلوماتية، والتي سهلت له المهمة الإجرامية . هذا الشاب الذي يعتقد الجميع انه خبيرا في هذا المجال وخريج معهد عالمي، كما اعتقدته الفرقة الأمنية، من قبل أن تكتشف انه مجرد شاب لا علاقة له بالخبرة في مجال المعلوميات، غير انه استطاع في ظرف وجيز التواصل مع زبناء الشركة السعودية من خلال انتحاله صفة ممثلها التجاري، وتمكنه من اختراق النظام المعلوماتي للشركة، حيث أوهم عدد الخليجيين بأنهم ربحوا جوائز عبارة إما عن حواسيب وهواتف متطورة أو رحلات سفر، باعتبار أنهم سجلوا نقط جيدة مع الشركة. الهدايا الوهمية والتي لم تصل بعد لأصحابها، إلى جانب تحرك الشركة السعودية ببلاغ، وتقديم شكاية عاجلة للسلطات المغربية ، أوقع مصالح الأمن بطنجة في ورطة البحث واكتشاف الأمر بسرعة ، تلك الورطة لم تكن لتتفكك لولا فريق امني صغير يساير مثل هذه الجرائم من مكتبه الخاص بالطابق الثاني لولاية امن طنجة . عناصر الفرقة المكلفة بالجرائم المعلوماتية تمكنوا من رصد أولى أهدافهم، بعدما توصلوا لهوية المعني بالأمر مباشرة بعد الشكاية العاجلة ، هنا افتضح أمره وأصبحت مسالة إيقافه مسالة وقت فقط ، في المقابل تمكن عناصر الفرقة الأمنية من جمع جميع الأدلة والمعلومات الكاملة من بينها حوالات مالية تصل قيمتها بين ألفي و11 ألف ريال سعودي، وهي المبالغ التي كان يتوصل المتهم بها عبر وكالة لتحويل الأموال. البحث الذي باشرنه فرقة مكافحة الجريمة المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن طنجة، كشف عن قيام هذا الشاب بالنصب على سبعة ضحايا يتواجدون بكل من السعودية وقطر والإمارات، كما تبين لديها ومن خلال الاطلاع على كشوفات التحويلات التي توصل بها من الخارج طيلة الفترة الأخيرة، استلامه حوالي 26 حوالة مالية بمبالغ مختلفة. بداية عمل الشاب استطاع تأكيده منذ سنة 2009 حث أسقطت في شباك عملياته الإجرامية مجموعة من الضحايا الطامعين في الحصول على جوائز وهدايا، قبل أن يسقط في قبضة أمن طنجة ويتم تقديمه للقضاء لمواجهة تهمة النصب والاحتيال عن طريق الأنترنيت المنسوبة إليه. تبقى الإشارة إلى أن مواجهة هذا النوع من الجرائم يقتضي ضرورة إعداد أطر أمنية وقضائية للبحث والتحقيق والمحاكمة مع تطوير التشريعات الجنائية بإدخال نصوص التجريم والعقاب لمواجهة هذا النوع من الجرائم المستحدثة، إضافة إلي توقيع اتفاقيات مع دول أخرى لتسليم مقترفي هذا النوع من الجرائم، وهو الأمر الذي انتبهت إليه السلطات المغربية وتحاول جاهدة تجاوزه لاسيما مع حداثة الجرائم ذات الصلة بالحاسوب والمتسمة بحداثة أساليب ارتكابها وسرعة تنفيذها وسهولة إخفائها. كما نشير إلى أن عناصر الفرقة الأمنية بولاية امن طنجة، تعد من بين الفرق الوطنية التي تمكنت من بسط سيطرتها على عدد من الجرائم الالكترونية بالمدينة وحتى خارج المدينة حيث قدمت معلومات هامة لكافة المصالح الأمنية بالمغرب ، الأمر لم يكن وليد الصدفة بل جاء اثر تكوين حديث في المجال تلقته عناصر الفرقة في معاهد الشرطة والخاصة بتكوين الأطر المتخصصة في جرائم الحواسب أو الدورات التدريبية، في تكوينها على آخر التقنيات في البرمجة والمعالجة الإلكترونية للبيانات، فضلا عن أمن الحواسيب ووسائل اختراقها.