– المختار الخمليشي: في ساحة منتزه غابة "الرميلات"، القصية غربا عن مدينة طنجة، بمسافة سبعة كيلومترات، لا تغفل عين الزائر من بعيد مشهد تلك البناية المطلة من فوق هضبة على مياه مضيق جبل طارق، والمشيدة على شكل منزل أو قصر من فترة القرون الوسطى .. منظر هذه البناية يغري الكثير من الزوار المغاربة والاجانب باختراق الأشجار والأحراش، من أجل الوصول إليها واستعادة تفاصيل تلك الأحداث التي طبعت تاريخ هذه الغابة، التي استمدت تسميتها العالمية منها .. غابة "بيرديكاريس". "سأبني لك قصرا في أجمل أماكن العالم"، بهذا الوعد الذي قطعه "إيون بيرديكاريس"، وهو ديبلوماسي ورجل أعمال أمريكي، لزوجته التي كان يعشقها إلى حد الموت، بدأت قصة هذه البناية، التي يوحي مظهرها الخارجي أنها عبارة عن قصر فخم، غير أن مساحتها، لا تتعدى مساحة منزل متواضع من منازل عامة الناس من الطبقة المتوسطة، لكن مع هذا وذاك، فإن هذا المنزل المتواضع أو القصر الفخم، كان مسرحا لقصة مثيرة كانت هذه الغابة مسرحا لفصولها المثيرة. قرر الديبلوماسي الأمريكي، إيون بيرديكاريس، مغادرة بلده الأصلي اليونان، رفقة زوجته إلى المكان الذي وعدها بأنه أجمل مكان في العالم، وهذا المكان لم يكن سوى تلك الغابة القريبة من مدينة طنجة، حيث عين قنصلا لبلاده، وفيها بنى ذلك القصر ، الذي كان كان يمني نفسه أن يكون قصر أحلامه الرومانسية، قبل أن يتحول إلى مسرح كابوس لم ينسه طوال حياته. لم تمضي فترة طويلة على استقرار إيون بيرديكاريس رفقة زوجته، في قصرهما الرومانسي بغابة "الرميلات"، فقد كانت هناك عيون "ثعلب" بشري تترصدهما منذ مجيئهما إلى هذا المكان. كان ذلك هو مولاي احمد الريسوني، وكان يتحين الفرصة المناسبة لاختطاف زوجة الملياردير الأمريكي، سعيا وراء فدية ضخمة تعينه على تجهيز قواته لتعزيز سيطرته المطلقة على مناطق "جبالة" في شمال المغرب. ولم يتأخر الريسوني كثيرا في تنفيذ مخططه، إذ سرعان ما حانت تلك اللحظة المناسبة التي طالما انتظرها، فنفذ غارته المفاجئة على قصر إيون بيرديكاريس، واختطف زوجته، ثم اختفى هو وأعوانه بها في لمح البصر، تاركين وراءهم الزوج المكلوم وهو يحاول استيعاب هذا الكابوس، فالحادث لم يكن هينا بالنسبة إليه ، لأن الأمر يتعلق باختطاف زوجته ومعشوقته التي من أجلها صرف الملايير لإسعادها في هذا المكان الذي لم يعد بعد ذلك أجمل بلد في العالم. قصة الاختطاف المذكورة، يجسدها فيلم شهير، تحت اسم " العاصفة والأسد" ولعب فيه الممثل الإنجليزي شين كونري دور الريسوني، غير أن هذا الشريط ركز على وجه آخر للاختطاف وهو قصة حب للمرأة تجاه خاطفها بعد أن أعجبت بأخلاقه ونبله حيث كان يحميها وابنها كما لو كانت أسرته، اعتبرته مقاوما للوطن ضد الجبروت والطغيان. قصة الحب غير مؤكدة بينهما، لكن الأكيد أنها تعاطفت معه ولم تندم على فترة الاختطاف.