الصورة: صورة لتمثال "علي باي العباسي" في منطقة بني مكادة خلال السبعينات طنجة 24 – محسن الصمدي: "لا مكان للتماثيل بمدينة طنجة".. هذا لسان حال غالبية العينة المشاركة في استطلاع للرأي، أجرته صحيفة "طنجة 24" الإلكترونية، خلال الأسبوع الماضي، والذي يهدف إلى معرفة رأي الساكنة في إقامة تماثيل لشخصيات تاريخية بالميادين العمومية للمدينة. وعبرت نسبة 89.21 في المائة، تمثل 7901 من المشاركين في هذا الاستطلاع الذين وصل مجموعهم 8856 مشارك، عن رفضهم لهذه الفكرة الخارجة عن المألوف مستندين في ذلك على العادات والتقاليد وكذا القيم الدينية والأخلاقية، بينما رأت نسبة 10.78 في المائة، تمثل 955 مشارك، أن هذا الإقتراح سيضيف جمالية على المدينة وسيساهم في خلق ثقافة للإعتراف بمجهودات شخصيات وصمت في التاريخ. ومما لا شك فيه أن بين النسبتين المشار إليهما، هناك الكثير من الكلام، خلاصته أن الغالبية العظمى لسكان المدينة متشبثين بفتوى علماءهم (هيئة علماء طنجة) اللذين أقروا سنة 1961 بتحريم التماثيل شرعا، وذلك في خضم المسابقة التي أقيمت في نفس السنة من أجل نحث تمثال للملك الراحل محمد الخامس. وكان بنسالم حميش وزير الثقافة الأسبق، قد دعا، في رسالة وجهها لفقهاء البلاد، إلى إعادة النظر في فتوى تحريم إقامة تماثيل في الفضاءات العمومية بمدن مغربية، وذلك خلال مقال للرأي نشره مؤخرا في إحدى الصحف الوطنية، حيث أكد هذا الأخير على مراجعة هذه الفتوى الصادرة في ستينات القرن الماضي، ومحاولة مواكبة العصر عبر نصب تماثيل لشخصيات مشهورة. ويرى حميش أن على المغرب الاقتداء ببلدان عربية كثيرة كانت مهدا للإسلام، حيث أقيمت في شوارعها تماثيل لشخصيات طبعت مسار هذه البلدان، ضمنها مصر وسوريا، مؤكدا أن المملكة على عقيدة هذه البلدان ومذهبها، مما يخلق شكا في المسوغات الشرعية التي تحلل فيه ما تحلله هي وتجيزه. فيما يؤكد عبد الله عبد المومن، أستاذ الدراسات الأصولية والاجتهادية بجامعة القرويين، أن موقف الشرع من التماثيل وحكم نحتها وتصويرها بكافة الوسائل، موقف واضح مرتبط بعلة منصوصة، نبهت إليها نصوص كثيرة، كلها لا تخرج عن مقتضى النهي والوعيد على الفعل، وذلك لقصد المضاهاة لصنعه سبحانه والتشبه بخلقه عز وجل، ثم لما ورد من التنبيه مطلقا في القرآن والسنة على الاحتراز في بيئة الإسلام من مظاهر الوثنية بكل أشكالها وحماية مقاصد التوحيد، فيكفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله"، وغيره من نصوص صحيحة في الباب. وأضاف عبد الله في حديث ل "طنجة 24"، أن الإمام ابن العربي رحمه الله، أحد علماء المالكية، قال "الذي أوجب النهي في شريعتنا، والله أعلم، ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان والأصنام، فكانوا يصورون ويعبدون فقطع الله الذريعة وحمى الباب". وحسب الدكتور عبد المومن، فإنه إذا قيل بارتفاع هذه العلة، فمقصود فتاوى أهل العلم بالتحريم، هو عين مقصود الشرع، بالحماية والاحتياط والتحرز مما سيؤول إليه الحال، ليس بالنظر إلى الواقع فحسب، ولكن، إلى المتوقع أيضا، مما لا يدع مجالا لاحتمال وقوع مفاسد في المآل، لا يمكن أن نعيها الآن، فيكون سد الذرائع والذي هو مبدأ قرآني ومنهج نبوي وسنن اجتهادي ضامن لسلامة عقائد الناس وتصوراتهم ونقاء المجتمعات المسلمة من كل المظاهر المشتبهة، مع وجود بعض الإستثناءات، فالفقهاء قاموا بإستثناء اللعب بالتماثيل للأطفال كالدمى وغيرها، حيث جرى العمل بجواز ذلك ولا ريب.