من المفترض أن يكون الإطار الحقوقي أول من يدافع عن الديمقراطية فكرا و مبدأ و ليس ممارسة تُلبس قبعة الغباء كل من ينخرط فيها بعيدا عن أي ممارسة واعية و مبدئية ، وانسجاما مع قناعة أي مناضل بأن العمل الحقوقي عمل مبدئي قبل أن يكون مؤسساتيا يؤسفني أن أقول أن المؤتمر العاشر للجمعية المغربية لحقوق الإنسان لم يكن سوى مسرحية باخراج رديئ حضرها أزيد من 500 متفرج ،راجيا في نفس الوقت أن أكون مخطئا في تقديري، و إلا فإن مداخيل الجمعية التي تقدر ب 15708549,25 درهم قد صُرفت في اقتناء قبعات الغباء من مختلف الألوان و الموديلات لإرضاء أذواق الشباب و الشيوخ من الرجال و النساء على حد السواء دون كوطة أو تمييز ، لكن لا بأس فمبلغ كهذا كاف لإرضاء كل هذه الأذواق و الرغبات، ويتم توزيع هاته القبعات أثناء المخيمات الصيفية و الجامعات التكوينية الوطنية و الدولية التي تنظمها الجمعية في الفنادق المصنفة ومن خلال الأنشطة الحقوقية التي تضمن لك ترف الغنيمة بالقبعة.. قبعة ثمينة تحجب عنك حرقة معاناة الطبقة الشعبية و تحول دون مشاركتهم حرقة الحق في العيش الكريم وفي السكن والصحة والتعليم... تحجب عنك أشعة المعاناة الضارة لتتضح الرؤية أمامك وترى أن الحقوق المهضومة هي حق في التخلي عن مواطنتك التي هي التزام قبل أن تكون حقا أو اختيارا، أو أن تدافع عن حق زواج المثليين الجنسيين أو الإفطارعلنا في شهر رمضان أوأن تدعو إلى دولة علمانية … لا أنكر أن لهذه المطالب أولويات عند المدافعين عنها، إنها حقوق النخبة و البرجوازية التي لم يسلبها أحد يوما حقها في العيش الكريم أو في السكن والصحة والتعليم... فهي التي تتابع دراستها في مدارس و جامعات البعثة وتسكن فيلات العاصمة الراقية وتقضي العطل خارج أرض الوطن، المؤسف أن من أُلبسوا هذه القبعات ليسوا من هؤلاء النخبة بل أغلبهم من الطبقات الشعبية الكادحة إلا أنهم أخطؤوا التقدير حينما ظنوا أن المعاناة أكبر وأعمق من أن تنتهي أو أن تُرفع بالنضال الحقوقي المبدئي، فرضوا بارتداء قبعة الغباء. إن جدلية السياسي و الحقوقي جدلية تاريخية وأقصد بذلك حقوق الإنسان كغاية ، لا كوسيلة لتحقيق غايات تكريسا للمبدأ الميكيافيلي ، فلا بأس من العمل الحقوقي من داخل السياسي و ليس العكس الذي يجعل الأطر الحقوقية مجرد أحزاب تريد تسويق قبعات الغباء للجميع ..... .