لا أظن ان مدربا من الذين تعاقبوا على تدريب النخبة الوطنية قد ناله التسلط، والتجني، والوقاحة غير المبررة بالحوار والتقييم الصريح، اكثر مما ناله امحمد فاخر... غريب حقيقة هذا الهجوم العنيف من اناس لهم تكوين في مجالات غير رياضية اصلا، دون ان يكون لهم اي إلمام بالجوانب التاكتيكية او التقنية كرويا، الى درجة الغثيان واستباق الحدث، ووضع مانشيتات عريضة من نوع : إقالة فاخر.. وكأن هؤلاء اصبحوا ينطقون حتى بلسان الاجهزة المسؤولة عن القطاع الكروي، معتقدين ان مثل تلك الاشاعات يمكنها ان تؤثر، تماما كما أثرت في خلق بلبلة واضحة صاحبت مسيرة سابقه بادو الزاكي... نحن لا ننحاز جهة اليمين ولا جهة اليسار، لكن ما نبحث عنه هو البرهان والاقناع، فإذا كان الرجل في كل تصريحاته يتحمل مسؤولياته ويدافع عن توجهاته واختياراته، مقدما التبرير تلو الآخر ، ومؤكدا إياها بالفعل على ارضية الميدان والنتائج، فإننا للاسف نفتقد هذا النوع من الدفاع عن وجهات النظر من قبل بعض الاخوة الصحفيين، ونستعملها كلفظة مجازيا في حق الاغلبية، لعل خير دليل عن الاضطراب فيها احدى حلقات برنامج ( مستودع) التي استضافت فاخر واحد الصحفيين ضمن جريدة يومية حزبية، فكان معد البرنامج والصحفي يلومان فاخر لكونه لم يعط فرصة للاعبين من البطولة الوطنية والبطولات الاجنبية، وحين سألهما فاخر ان يدليا له باسم لاعب يرونه مستحقا للانضمام للنخبة الوطنية، وقع الشفوي في ورطة، وعجزا تماما عن الرد، اللهم معد الحلقة الذي حاول تدارك الورطة بذكر اسم المختاري، فما كان من فاخر الا ان سرد معطيات معقولة، تبرر بالفعل كون عدم وجود اللاعب المذكور ضمن الوفد الذي سافر الى الزيمبابوي كانت بعيدة عن مسؤولياته كمدرب... بل من سوء الادب وقلته، ان يستضيف برنامج رياضي تلفزيوني كالبرنامج المذكور مدربا وطنيا بعد مباراة رسمية، وفي فقرة اقوال الصحف يسمع المشاهد ويرى المقالات النارية التي تنتقد الضيف دون ان يعرف المشاهد بقلم من هي، ودون ادراج ولو مقالة من المقالات التي لم تكن حادة في اسلوبها او على الاقل كانت مهذبة، علما بأنه في الوقت الذي هاجمت فيه اقلام توجهات فاخر لا يعقل ان نعدم من يقرأ الاحداث باتزان وعقلانية... فهل الاثارة هي المجال الاوحد لتسويق منتوج اعلامي رياضي غير احترافي في بناءه وغير بريء في وقاحته غالبا؟ نحن لا نقول بأن امحمد فاخر نكرة، لأن الرجل له بصمات عجز عنها الكثير من امثاله في البطولة الوطنية، اهمها فوزه مع فريق لم تكن له سوابق مع الالقاب الوطنية ببطولتين متتاليتين، واعادته التوازن لفريق عتيد فقد توهجه منذ سنوات، وعجز مدربون اجانب عن اعادته الى الواجهة، قبل ان يفك فاخر عقم صيام الجيش الملكي عن الالقاب.. معنى ذلك ان ريبرتوار فاخر فيه بطولات وطنية، كأس العرش، وكأس افريقية، وهذا يعني ان الذي يجب ان ينتقد عمله كمدرب لا يجب ان يكون نكرة في مجال قواعد التدريب و الاختيارات التاكتيكية، وهو عكس الحاصل لدينا للاسف... مجمل القول، ان الاطر الوطنية لا تجد في الاصل متاعب على مستوى الاشتغال الا من قبل التشويش الذي تقوم به بعض الوسائل الاعلامية للاسف، وهي اضحت معروفة، بعضها من باب الاثارة وترويج المنتوج الورقي، وبعضها من باب ( خالف تعرف) على مستوى الاعلام التلفزي ( نستثني هنا للموضوعية القناة الاولى ونوجه اصابع التشكيك في المصداقية لقناتين)، والبعض الاخر يقتبس حديث المقاهي والنوادي العامة من اجل الادلاء بدلوه حتى لا يبقى معزولا... نعم لانتقاد المدرب الوطني، لكن وفق ما فيه نقد بناء، موضوعي ونزيه، وقابل للنقاش ، مع حجج وادلة تبتعد ما أمكن عن اسوأ انواع الجمل التي لامحل لها نهائيا في قاموس الاعلام الرياضي وهي طبعا الجمل الانشائية بنوعيها، اما حكايات الشارع فإنها حين تجد لها مرآة عاكسة في منابرنا ووسائلنا الاعلامية، فإن ذلك معناه اننا في حاجة الى قراءة لطيف جديد، فبعد الاول الذي كان وحدوي الطابع، لابد من قراءة ثان على مصير اعلامنا الرياضي الذي لا يعكس عقلانية في الطرح والتأويل ، ولا يستعمل الحجاج والبرهنة وتقديم البديل، بقدرما يلوك نفس ما تجود به قريحة الرأي العام العادي، الذي وكما قال الاطار الوطني عبد الخالق اللوزاني يوما: حين تلعب مباراة فإن كل سكان المغرب يتحولون الى محللين رياضيين... بل اصبحنا نجازف اليوم بكثير من البلاهة والحمق بمصطلحات اكبر كمصطلح الخبير الرياضي ، هذا لمصطلح الذي سأكون شاكرا لأي قارىء كريم يعتقد انه موجود في رياضتنا الوطنية ككل، في غياب قنوات التكوين الاكاديمية كما هو معمول به في مصر على سبيل المثال البسيط ، حتى لا نسرد تجارب اوروبية معروفة... بقلم: محمد بلوش