قررت الحكومة محاصرة ارتفاع أسعار كثير من المواد الاستهلاكية الأساسية، بأن اتخذت إجراءات وتدابير تقع المراهنة عليها في كبح جماح هذا الارتفاع ،الذي فرضته سياقات خارجية وداخلية معينة. وفي هذا الصدد قررت الحكومة السماح باستيراد اللحوم الحمراء، سواء تعلق الأمر باستيراد القطيع من الغنم والأبقار أو اللحوم المجمدة، ومنع ذبح الأنثى من هذا النوع من القطيع للحفاظ على التناسل، وإعادة النظر في سلاسل الإنتاج التي تعتريها العديد من الاختلالات. ولا أحد يمكنه إنكار أهمية مثل هذه التدابير التي تترجم إدراك الحكومة لحجم وتأثيرات الارتفاع المهول الذي عرفته أسعار اللحوم الحمراء في بلادنا لأسباب كثيرة، لا يمكن حصرها في هذه العجالة، ولكن الواضح أنه كان لسنوات الجفاف المتتالية دور رئيسي في كل هذا . وبالقدر الذي نسجل به أهمية التدابير المتخذة في هذه القضية التي تحظى باهتمام كبير من الرأي العام، بنفس القدر ننبه فيه إلى ضرورة الحرص على المتابعة الدقيقة لتنزيلها وتفعيلها للتصدي لكل ما من شأنه أن يفرغها من محتواها و يحد من آثارها الإيجابية ، ويحولها إلى فرصة جديدة تستفيد منها أطراف معينة. وهنا نستحضر القرار الهام الذي سبق للحكومة اتخاذه، والقاضي بتقديم دعم مالي مباشر لمستوردي الأغنام لمحاصرة ارتفاع أسعارها خلال عيد الأضحى المبارك، ولكن الذي حصل أن أموال الدعم دخلت جيوب المستوردين، لكن أسعار الأغنام واصلت الارتفاع ووصلت مستويات قياسية غير مسبوقة، وبالتالي فإن الدعم الذي تم تمويله من المالية العمومية، لم يكن له أي أثر لفائدة المواطن. لذلك، فمن الضروري التنبيه اليوم إلى هذا الأمر البالغ الأهمية، إذ لابد من ايجاد آليات مراقبة من قبيل ربط الدعم بشروط معينة أو تسقيف الأرباح، لتجنب إفراغ هذه التدابير الهامة من محتواها وتحويلها إلى فرصة أخرى من فرص الالتفاف لمراكمة الأرباح .