هل يمكن المجازفة بوصف رياضي اذاعي لمباراة كروية باللسان الامازيغي؟ الواقع يثبث وجود تجارب محترمة في المجال، سواء تعلق الامر بمصلحة او قسم الامازيغية في الاذاعة المركزية بالرباط، من خلال واصفين يجتهدون في العملية، او تعلق الامر بالمولود الاعلامي الاذاعي الجديد بأكادير، حيث نجد تنويعا للوصف ما بين الدارجة العربية، اللغة العربية الفصحى، والامازيغية.... ومن المعلوم اكاديميا، ان لامجهوذ تم بذله من قبل الباحثين اللغويين او المهتمين بالجانب المعجمي الامازيغي، من اجل تقعيد مصطلحات رياضية بالامازيغية، الامر الذي جعل الترجمة الفورية لتعابير دارجية نحو الامازيغية هي الغالبة، او استعمال خليط من التراكيب اللغوية العربية والامازيغية، مع اجتهادات طفيفة للمعلق الاذاعي الزميل محمد ولكاش الذي يبحث من حين لآخر في المصطلحات الامازيغية التقليدية القديمة، مبرزا اجتهادا يشكر عليه... ولتأمل امثلة تطبيقية من الخليط اللغوي في لغة الوصف الرياضي اذاعيا، يمكن ادراج جمل تستعمل بكثرة سواء من قبل السوسيين او من قبل الناطقين بتمازيغت الاطلس او الريفية.. ومن ذلك في سوس : ّ الدقيقة ... يوجه لحكم يا لينذار ءيولعاب ن الدفاع حيسا ّ ، وهو مثال واضح انه تركيب عربي محض بلكنة امازيغية: في الدقيقة .. وجه الحكم انذارا للمدافع حيسا ّ ، وهنا حين نتأمل مثل هذا النسق من الجمل ذات التركيب النحوي والدلالي العربي المحض، يمكن ان نتساءل : اين هي الامازيغية كلغة للوصف في مثل هذه التراكيب ؟ بعض الزملاء الواصفين يبالغون في الاجتهاد، الى درجة تغيير اسماء الفرق الى معادل امازيغي بديل، هكذا تصبح أمل تيزنيت أناروز تيزنيت، وتصبح باب الصحراء كلميم تاكورت ن الصحراء كلميم، وقس على ذلك.. وهو اشكال عويص في نظري، مادام امر التسمية حسم فيه اثناء تأسيس تلك الجمعيات الرياضية اصلا، ووجب الاحتفاظ به كما هو دون تمزيغ، اللهم الا في حالة اجماع المكاتب المسيرة لبعض الفرق على تغيير الاسم وفق ضوابط التعديل التي هي مدرجة في قانون الحريات العامة الذي يشكل عصب تكوين الجمعيات وفق ظهير 58 المعروف... لكن الاكثر اثارة للانتباه، هو الامعان في تمزيغ جمل وعبارات دارجة، دون احترام تباين انساق التفكير بين الجماعة اللسنية الامازيغية، والجماعة اللسنية المستعملة لوسيط الدارجة، وكمثال اؤكد ان جمل ّ تدخل اللاعب الفلاني من الخلف في حق آخرّ او ّ ارجع اللاعب الكرة الى الوراءّ او ّ لاعبو الدفاعّ حين يتم تمزيغها آليا ستفرز كارثة اخلاقية عند الامازيغ، وستثير الاشمئزاز، لأنها كلها ستصبح خارجة عن مجال الرياضة ومقتحمة الحقول الدلالية للجنس.. بعض المصطلحات العربية تفقد ايضا معانيها الدقيقة دلاليا حين ننقل ما نعتقد انه معادل لها بالامازيغية، ومن ذلك مثلا كلمة ّ زاويةّ، فنحن نعرف انها تحيل على قاموس الرياضيات ، كنقطة تلاقي خط عمودي بآخر افقي، والخطوط تلك تحيل فيما تحيل عليه على حدود رقعة التباري المستطيلة.. في هذه الحالة نجد كما قلنا المصطلح دقيقا عربيا، عكس كلمة ّ تاغميرت ّ التي لها في الغالب احالة على مكان معين ، كما انها قد تحيل على جزء عضوي من جسد الانسان ، وهنا قد تأتي اما بصيغة التأنيث او التذكير : تاغميرت / أغمير ... مصطلحات اخرى بقيت على حالتها لا تتغير، اي من العربية مباشرة نحو الامازيغية، كضربة جزاء، ضربة خطأ، التماس، شروذ ... مع تشويه ترجمة مصطلحات عدة، منها مثلا ّ حارس المرمى ّ الذي يصبح في التمزيغ الفوري ّ ءاضاف ن شبكت ّ، علما بأن المرمى اكثر دقة، مادامت تشير الى كل المنطقة التي تؤطرها عارضة افقية مثبتة على عارضتين افقيتين، في حين ان كلمة ّ شبكت ّ لا تشكل الا جزءا من المرمى، بل جزأه الخارجي عن نطاق حدود المرمى المعروفة بخط المرمى، فمتى تجاوزته الكرة اصلا كان الهدف، وليس الزاميا ان تلمس الكرة اصلا الشباك بل لزم فقط ان تتجاوز ذلك الخط... نحن الان في مرحلة ارهاصات اولية لتقعيد مصطلحات رياضية بالامازيغية، وهذا مجهوذ نتمنى ان ينتبه اليه الاكاديميون المختصون والمؤهلون علميا للخوض فيه، مادام ممكنا اللجوء الى الوسيط اللغوي الامازيغي في اطار الوصف الرياضي الاذاعي ، لكن باجتهاد في وضع معجم دال ومتناسق، بدل اللغة الهجينة التي تسود حاليا بفعل غياب التقعيد المؤسس والمساعد... بقلم : محمد بلوش