كشف يوم دراسي نظم حول الإذاعات المغربية الخاصة الأسبوع الماضي بالرباط، تحت عنوان «الإذاعات الخاصة: التشريع وخطاب القرب والمضمون والدور الإشعاعي»، أن ستين في المئة من المستمعين المغاربة مواظبون على الاستماع إلى برامج هذه الإذاعات منذ انطلاقتها في العشرية الأخيرة في سياق تحرير القطاع السمعي البصري الوطني، وكشف اليوم، أيضا، عن أهمية هذه الإذاعات في مجال تطوير قطاع الإعلام السمعي البصري، ونشر الثقافة المغربية، المتمثل على الخصوص في تجسيد إعلام القرب على أرض الواقع، والتفاعل والجرأة في طرح القضايا التي تهم المواطنين.. إنها خلاصة اليوم التي لا يتناطح عنزان حول صدقية استنتاجاته، فقد فتحت الإذاعات الخاصة فعلا - في انتظار الإفراج عن مشروع القنوات التلفزيونية الخاصة - أفاقا واسعة في مجال الأثير الوطني، من حيث مقاربة ومعالجة الكثير من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والرياضية.. العديد منها كان يدخل في مجال «الطابو»، بالرغم مما شاب هذه المعالجة من شوائب ونقائص، يعود بعضها إلى«رداءة» في التنشيط والبعض الآخر إلى ضعف في الإعداد والتهييئ أو في عدم اختيار الضيف المناسب للموضوع والمكان المناسب، الأمر الذي أدى ويؤدي، في الكثير من الأحيان إلى نتائج عكسية.. لكن هذه الحصيلة الإذاعية الخاصة التي يمكن أن نقول عنه إجمالا «إيجابية»، لا ينبغي أن تحجب عنا أمرثابتا، وواقعا فارضا ذاته بكل ثقله التاريخي والميداني المتجذر في التربة المغربية لما يقرب من عشرات السنين، ويتعلق الأمر بالإذاعة الوطنية المركزية بفروعها (محطاتها) العشر، سواء أكان إذاعة طنجة، الدارالبيضاء، فاس، مراكش، أو وجدة وهلم جرا... فالإحصائية التي أبرزها اليوم الدراسي، إذا كانت تقول - بالواضح لا بالمرموز - بالستين، فإن الأربعين في المئة من المستمعين المتبقين هم من الأوفياء لبرامج الإذاعة الوطنية التي راكمت من التجارب ما راكمت بفضل مجهودات متواصلة للعديد من الأطر الإذاعية الكفأة، بعضها الآن على أبواب التقاعد والبعض الآخر خلع عنه ثوب المحارب منذ سنين. إن ما عرى عنه اليوم الدراسي حول الإذاعات الخاصة بالمغرب، هو نفسه ما يشكو منه، أو يزيد، واقع التذييع في الجهة المقابلة، فحسب ماكشف عنه العديد من الزملاء في الإذاعة المركزية والمحطات الجهوية، فكلاهما تعانيان من إكراهات موضوعية جمه، خاصة على مستوى الوصول إلى المعلومات، والموارد البشرية والتكوين، ومستوى التجهيزات التقنية، فضلا عن ضعف التواصل لدى الفاعلين السياسيين والنقابيين، وبعض القطاعات العمومية، زيادة على «عنصر الشيخوخة» بدأ يطول التركيبة البشرية في الإذاعة المركزية دون أن يتم اتخاذ التدابير اللازمة والمستعجلة من الإدارة المسؤولة لتجديد الدماء الصحافية لا الإدارية حتى لا يصاب جناحها الآخر ب«التخثر» ثم السكتة، وفي ذلك ضرية قاسية لمكون أساسي من مشهدنا الاذاعي الوطني.