جلالة الملك يهنئ سلطان عمان بمناسبة ذكرى توليه مقاليد الحكم    أكادير تحتفي بالسنة الأمازيغية الجديدة    أخنوش: جلالة الملك يواصل منح ذكرى 11 يناير روح الاستمرارية من خلال الدفاع عن وحدتنا الترابية    الصين تعرب عن رغبتها في نهج سياسة الانفتاح تجاه المملكة المتحدة    هل حان موعد الطلاق البائن بين فرنسا والجزائر؟    واشنطن "تتساهل" مع مليون مهاجر    ارتفاع درجة الحرارة العالمية.. الأمم المتحدة تدعو إلى التحرك لتجنب أسوأ الكوارث المناخية    حرائق مدمرة تؤجل لقاءين بالدوري الأمريكي لكرة السلة    الشرطة المغربية تتدخل ضد أم عنفت طفلها بعد تبليغ من مدرسته    افتتاح مدرسة لتكوين حراس الأمن بمراكش: بنية جديدة لدعم منظومة التكوين الشرطي    توقيف مهربين في سواحل الريف أثناء محاولة هجرة غير شرعية    مكناس.. الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة على نغمات فني أحواش وأحيدوس    جلالة الملك يصدر عفوه السامي على 1304 أشخاص بمناسبة ذكرى 11 يناير    ذكرى تقديم وثيقة الاستقلال    لقطة تلفزيونية تفضح طفلا هرب من المدرسة لحضور مباراة نيوكاسل    بعثة نهضة بركان تصل إلى أنغولا استعداداً لمواجهة لواندا سول    طنجة... الإعلان عن الفائزين بجائزة بيت الصحافة وتكريم إعلاميين ومثقفين رواد (فيديو)    وفاة وفقدان 56 مهاجرا سريا ابحرو من سواحل الريف خلال 2024    بطولة ألمانيا.. بايرن ميونيخ يستعيد خدمات نوير    كيوسك السبت | المغرب يستحوذ على خمس واردات إسبانيا من الخضر والفواكه    خابا يعزز غلة الأهداف في الكويت    إنفوجرافيك l يتيح الدخول إلى 73 وجهة دون تأشيرة.. تصنيف جواز السفر المغربي خلال 2025    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    الصين: تنظيم منتدى "بواو" الآسيوي ما بين 25 و 28 مارس المقبل    الصين: تسجيل 1211 هزة ارتدادية بعد زلزال شيتسانغ    مأساة غرق بشاطئ مرتيل: وفاة تلميذ ونجاة آخر في ظروف غامضة    حادثة سير خطيرة بطنجة تسفر عن إصابة شابين بجروح بليغة    عفو ملكي على 1304 أشخاص بمناسبة ذكرى 11 يناير    اطلاق ثلاث خطوط جوية جديدة تربط الصويرة بباريس وليون ونانت ابتداء من أبريل المقبل    رواية "بلد الآخرين" لليلى سليماني.. الهوية تتشابك مع السلطة الاستعمارية    مراكش تُسجل رقماً قياسياً تاريخياً في عدد السياح خلال 2024    وزير الخارجية الفرنسي "يحذر" الجزائر    هذا ماقالته الحكومة عن إمكانية إلغاء عيد الأضحى    مدن مغربية تندد بالصمت الدولي والعربي على "الإبادة الجماعية" في غزة    إيكال مهمة التحصيل الضريبي للقطاع البنكي: نجاح مرحلي، ولكن بأي ثمن؟    الضريبة السنوية على المركبات.. مديرية الضرائب تؤكد مجانية الآداء عبر الإنترنت    اللجان الإدارية المكلفة بمراجعة اللوائح الانتخابية العامة تعقد اجتماعاتها برسم سنة 2025    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    أسعار النفط تتجاوز 80 دولارا إثر تكهنات بفرض عقوبات أميركية على روسيا    أغلبهم من طنجة.. إصابة 47 نزيلة ونزيلا بداء الحصبة "بوحمرون" بسجون المملكة    القِرْد سيِّدُ المَشْهد !    وفاة صانعة محتوى أثناء ولادة قيصرية    حوار بوتين وترامب.. الكرملين يعلن استعدادا روسيا بدون شروط مسبقة    بوحمرون: 16 إصابة في سجن طنجة 2 وتدابير وقائية لاحتواء الوضع    "بوحمرون.. بالتلقيح نقدروا نحاربوه".. حملة تحسيسية للحد من انتشار الحصبة    بوحمرون يواصل الزحف في سجون المملكة والحصيلة ترتفع    عصبة الأبطال الافريقية (المجموعة 2 / الجولة 5).. الجيش الملكي من أجل حسم التأهل والرجاء الرياضي للحفاظ على حظوظه    صابرينا أزولاي المديرة السابقة في "قناة فوكس إنترناشيونال" و"كانال+" تؤسس وكالة للتواصل في الصويرة    "جائزة الإعلام العربي" تختار المدير العام لهيسبريس لعضوية مجلس إدارتها    ملفات ساخنة لعام 2025    ارتفاع مقلق في حالات الإصابة بمرض الحصبة… طبيبة عامة توضح ل"رسالة 24″    الحكومة البريطانية تتدخل لفرض سقف لأسعار بيع تذاكر الحفلات    اتحاد طنجة يعلن رحيل حارسه بنعاشور    الكأس الممتازة الاسبانية: ريال مدريد يفوز على مايوركا ويضرب موعدا مع برشلونة في النهائي    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعامل البليد مع حدث سياسي من صنع حزب تليد: موقع "لكم" نموذجا.
نشر في الشرق المغربية يوم 10 - 10 - 2013

دأبت بعض الأقلام وبعض الصحف (المكتوبة منها والإليكترونية) التي تدعي الاستقلالية على نفث سمومها وتفريغ غلها وحقدها على الاتحاد الاشتراكي (لأسباب نجهلها) بمناسبة وبدون مناسبة؛ وهكذا تلجأ، تارة، لاختلاق الأحداث وابتداع الأكاذيب للنيل من هذا الجهاز أو ذاك أو من هذا المسئول أو ذاك؛ وتلجأ، تارة أخرى، إلى النفخ في بعض الجزئيات أو بعض ا"الأحداث" الهامشية لتجعل منها مشكلا داخليا عضالا يهدد الحزب بالانفجار، بل وبالانقراض؛ كما أنها تتعمد، في تناولها لتظاهرات الاتحاد الاشتراكي، سواء كانت تنظيمية أو إشعاعية، أن تتجاهل النجاح الذي تحققه تلك التظاهرات، لتركز كل اهتمامها على أشياء تافهة، قد تكون وقعت على هامش التظاهرة والتي لا دخل للحزب فيها، لتجعل منها الموضوع الرئيسي لصفحتها الأولى. وهي بهذا السلوك، تجسد، فعليا، الخاصية المميزة لما يعرف بصحافة الرصيف التي تغيب فيها أخلاقية المهنة ويحضر فيها التدليس والافتراء والتحامل واختلاق الأكاذيب واصطناع الإثارة، الخ.
وقد تأكد هذا التوجه، مرة أخرى، في التعامل مع التجمع الاتحادي الاحتجاجي "ضد الابتزاز السياسي والتفقير الاجتماعي" ليوم السبت 5 أكتوبر ، إذ لم تشذ المنابر المعلومة عن القاعدة في قلب الحقائق وتزويرها، وإن كان البعض منها، في خبث بين، يحاول، كمن يدس السم في العسل، أن يوهم الناس بأن كل معاول الهدم التي يستعملها ضد الاتحاد ما هي إلا من باب الغيرة على تاريخ هذا الحزب والقلق على مستقبله. ففي الوقت الذي حظي فيه الحدث باهتمام وطني ودولي واسع، عَكَسَ حجم النجاح الكبير الذي حققته التظاهرة، راحت بعض المنابر تبحث عن تقزيم هذا الحدث والتشويش عليه بأساليب أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها غير مهنية وغير موضوعية وغير أخلاقية. وقد اخترنا موقع "لكم" كنموذج لمنبر إعلامي أظهر، من خلال تناوله للحدث، أنه يناصب العداء لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وقد كان هذا الاختيار لاعتبارين أساسيين: الاعتبار الأول يتعلق بالمكانة المحترمة التي أصبح الموقع يحتلها في المشهد الإعلامي المغربي؛ والاعتبار الثاني يرتبط بعدم احترام هيئة تحرير هذا الموقع للبند الأول من ميثاق خط التحرير الخاص به، والمتعلق بمعيار الموضوعية والمهنية؛ المعيار الذي انتفى كليا في تناول الموقع لحدث الخامس من أكتوبر 2013.
وما كنت لأعير الاهتمام لمثل هذا السلوك، لو أن الأمر يتعلق بموقف أشخاص وليس بموقف المؤسسة الإعلامية. فما كتبه "حميد المهدوي" عن المهرجان الشعبي الاحتجاجي الذي نظمه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالمركب الرياضي مولاي عبد الله بالرباط، يوم 5 أكتوبر 2013، تحت شعار "ضد لابتزاز السياسي وضد التفقير الاجتماعي"، ما كان ليستحق مني الرد والتوضيح (خاصة وأن التغطية، إلى جانب غياب المهنية والموضوعية، تشكو من ضعف كبير في البناء وفي التركيب وفي الأسلوب) لو لم يكن قد تكلم باسم الموقع. فمن خلال العنوان ("مشاركون في مهرجان لشكر: جئنا لأنهم أقنعونا بأن السي لشكر كلمته مسموعة في الرباط وهو من سيعيد لنا أرضنا") الذي اختاره الصحافي لمكتوبه، يتضح أن هدف التغطية ليس سوى النيل من النجاح الباهر الذي حققه هذا المهرجان.
والحق يقال، فالموقع لا ينفرد بهذه الرغبة والإرادة في تبخيس كل خطوة يقدم عليها الاتحاد الاشتراكي. فهناك منابر أخرى نعرفها، لعبت ولا زالت تلعب الأدوار الموكولة إليها من قبل الجهات التي تقف وراءها، والتي تستهدف الاتحاد بنشر الإشاعة والأخبار الكاذبة حول قيادييه وهيئاته. وجريدة "المساء" هي من المنابر التي تفننت، ولا زالت، في الافتراء على الاتحاد والتحامل عليه. ولا غرابة في أن يستعين موقع "لكم" بخدمات هذه الجريدة، فيستفيد من عمود "مع قهوة الصباح" ليوم الاثنين 7 أكتوبر 2013، ليضع عنوانا عريضا لمانشيت سماه "افتتاحيات الصحف المغربية/ الاتحاد الاشتراكي فقد مقومات الحزب الوطني والتقدمي".
يتحدث موقع "لكم" عن مهرجان "لشكر" وليس عن مهرجان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية؛ وهذا فيه ما فيه من الخبث ومن نية الإساءة للحزب ولكاتبه الأول. ثم إن هذا العنوان يريد أن ينال من مصداقية المسئولين الحزبيين بالجهات والأقاليم بإيهام القارئ بأنهم استعملوا مع المواطنين أساليب تدليسية لاستقدامهم للرباط. وفي هذه النقطة بالذات، تلتقي القلوب المريضة بالغل والحقد (والحقد، كما هو معلوم، يعمي البصيرة)، فينتج أصحابها خطابا يطفح بالغباء ويقطر بالبلادة، تعبيرا وبناءا. وهكذا، مثلا، يلتقي "المهدي الوافي" من موقع "أخبارنا المغربية" مع "حميد المهدوي" الذي اتخذناه نموذجا للتعاطي البليد مع حدث تاريخي موثق بالصورة والصوت، لن تفلح الأقلام الحاقدة في تقزيم إشعاعه و في النيل من نجاحه أو إطفاء جذوة الأمل التي أوقدها في قلوب الاتحاديات والاتحاديين الذين استعادوا، بنجاح هذا المهرجان، الأمل في حزبهم وفي المستقبل وفي الجماهير. وحتى يتبين القارئ مستوى الخطاب الذي نحن بصدده، نورد هذه الفقرة من نص صغير كتبه "المهدي الوافي" (موقع أخبارنا المغربية) بعنوان: "مهزلة تظاهرة الاتحاد الاشتراكي: مشاركون يعترفون بأنهم قدموا لأن لشكر سيحل كل مشاكلهم الشخصية": "فحسب تصريحات مجموعة من المشاركين في الحدث ، فإنهم لا ينتسبون لحزب الاتحاد الاشتراكي ولا يمتون له بصلة، فقد حضروا من قراهم النائية المنسية لأن منتخبي الحزب هناك وعدوا العاطل منهم بفرصة عمل ، والمريض منهم بسرير للعلاج، وصاحب نزاع حول أرض بإعطائه حقه وإعادة أرضه. فقد أقنعوهم، لبساطة منطقهم، بأن ادريس لشكر كلمته مسموعة وبجرة قلم سيحقق مرادهم عندما يلتقون به وجها لوجه، وبالتأكيد عند وصولهم إلى الرباط لم يجدوا لا منتخبيهم ولا ادريس لشكر في استقبالهم".
شخصيا، لا علاقة لي، مهنيا، بالصحافة وليست لي دراية بقواعدها وأساليبها ومناهجها؛ لكني أميز، جيدا، بين الإبداع والضحالة وبين التناول الذكي والتناول الغبي للمواضيع المطروقة. وكم يؤلمني أن ينتسب المتطفلون والمروجون للسخافات إلى الجسم الصحفي وإلى مهنة المتاعب التي يسيئون إليها ويجعلون من السلطة الرابعة مجالا لتصريف الأحقاد والضغائن، لكن بغباء يفضح خواء أصحابه وتفاهتهم وضحالة تفكيرهم. فمن يصدق بأن العاطل الذي قدم إلى الرباط يوم السبت الماضي، جاء إلى المهرجان بحثا عن فرصة عمل والمريض جاء بحثا عن سرير للعلاج وصاحب نزاع حول أرض جاء بحثا عن استرجاع أرضه بمجرد الالتقاء وجها لوجه مع "إدريس لشكر"، صاحب "الكلمة المسموعة بالرباط"؟ وهل يعي محرر هذه التراهات وهذه التفاهات ما يقول حين يختم كلامه بعدم وجود "إدريس لشكر" في استقبال هؤلاء؟ هل يمكن لعاقل أن يقول مثل هذا الكلام؟ وما دام قد قيل ومن قبل المحسوبين على الإعلام، فهل يمكن لعاقل أن يصدقه؟
ويؤسفني أن أصف مثل هذا الأسلوب بالبليد لأنه ينتج خطابا يفتقد إلى الحد الأدنى من المقومات التي يجب أن تتوفر في كل نص موجه لقارئ مفترض ينتظر أن تُقدم له مادة مُرضية ومقبولة شكلا ومضمونا. ف"نص" "حميد المهدوي"، الذي اتخذناه "نموذجا"، يمكن أن نطلق عليه أي اسم، إلا اسم مقال صحفي لكونه، من حيث التركيب والتعبير، ركيكا ومهلهلا، ومن حيث المحتوى، مليئا بالمغالطات والافتراءات وتزوير الحقائق... في تنكر تام لأخلاق المهنة وفي غياب مطلق للمهنية. ومن مظاهر غياب المهنية، جعل الكلمة والصورة في تناقض، إذ "النص" يتحدث عن أفراد (حوالي ستة حسب الصحافي) كلهم بجلابيب وقبعات بيضاء تعلو رؤوسهم (مما خلق أفق انتظار عند القارئ)، بينما الصورة المصاحبة لهذا الحديث، هي صورة التقطت من وسط المهرجان، أغلب الوجوه التي تظهر فيها شابة تتوسطهم لافتة كتب عليها:" نطالب بالإفراج الفوري عن علي أنوزلا". وبمعنى آخر، فإن القارئ لم يكن ينتظر هذه الصورة وإنما صورة أولائك الشيوخ الذين أثار مشهدهم مبعوث "لكم" وهم يستعجلون أحد أعضاء الحزب لترتيب لقاء لهم مع "لشكر"، فسأل أحدهم عن مشكلتهم فيرد الشيخ بوجه تغطيه التجاعيد ويطفح غضبا: "نحن من مدينة آزرو، لنا مشاكل مع مندوبية المياه والغابات حول أراضينا، أحد الاتحاديين أقنعنا بأن قائدهم (كذا) لشكر هو من سيحل لنا مشاكلنا ويعوضنا عما لحقنا من ظلم من طرف مندوبية المياه والغابات لهذا جئنا إلى هنا". إذن لستم اتحاديين ولا علاقة لكم بالسياسة؟ يسأل الموقع، فيرد الشيخ: نحن لا علاقة لنا بهذا الحزب جئنا فقط كي يتوسط لنا السي إدريس (كذا) كما وعدنا الشخص الذي أتى بنا".
كلام الموقع يهدف، من بين ما يهدف إليه، إلى شيئين أساسيين: يريد أن يثبت أن الذين حضروا لمركب مولاي عبد الله هم ليسوا اتحاديين وأن حضورهم ليس اقتناعا بالحزب، بل حضروا بدافع المصلحة الشخصية، ليكتشفوا، في النهاية، أنه قد غرر بهم. مثل هذا الكلام قد ينطلي على بعض السذج؛ وسيجد، حتما، طريقه إلى القلوب الحانقة والمناصبة العداء لحزب الوردة. لكن بلادة التعامل مع الموضوع وطريقة تصريف العداء ضد الاتحاد، تجعل اللبيب يكتشف بسرعة الأهداف الحقيقية (الخبيثة طبعا) التي تحرك هذا الصنف من الصحافيين. فالسؤال الذي استنتجه الموقع من كلام شيوخ آزرو: "إذن لستم اتحاديين ولا علاقة لكم بالسياسة؟"، فيه جهل أو تجاهل للنداء الذي وجهه الحزب إلى "عموم المواطنات والمواطنين للمشاركة المكثفة في التظاهرة الاحتجاجية (...) من أجل تأكيد الرفض الشعبي لسياسة التفقير الاجتماعي والابتزاز السياسي التي تمارسها الحكومة الحالية". لكن السؤال الموالي للموقع والجواب عليه يوقع المتكلم والمخاطب (المفترض طبعا، لأنه لا ثقة في مثل هذه المنابر) في الكذب الصراح. "وكم عددكم هنا"؟ يسأل مرة أخرى الموقع فيرد الشيخ: "القبيلة كلها تقريبا جات". وحتى لا نصف الجواب بالبليد (وإن كانت بلادة الجواب من بلادة السؤال)، نقول: إذا كانت "القبيلة كلها تقريبا جات"، فلا بد أن يكون حضورها متميزا في المهرجان؛ ولا بد أنها استعملت، للوصول إلى الرباط، عددا مهما من وسائل النقل، الخ... لكن،حسب علمي، فإن إقليم آزرو- يفران، شارك في التظاهرة بحافلتين لا ثالثة لهما: حافلة انطلقت من مدينة آزو وأخرى من قرية عين "اللوح". وبما أن الاتحاد يتوفر على فرع حزبي ب"عين اللوح" (مما يعني وجود عدد لا يستهان به من المناضلين)؛ وبما أن الشيوخ الذين تحدث عنهم الموقع هم من "عين اللوح" وليس من مدينة آزرو (كما جاء في التغطية)؛ وبما أن الحافلة لا تقل أكثر من 50 شخصا، فالسؤال هو: كيف انتقلت القبيلة المفترى عليها إلى مركب مولاي عبد الله؟
لكن ما سيتلو هذا الهراء، هراء أكبر منه، تطفح منه البلادة في كل شيء: في العنوان الذي تحمله الفقرة ("لقد خذلونا") وفي صيغة الأسئلة والأجوبة. وحتى لا نصادر حق القارئ في الحكم بنفسه على كلام الصحافي، نورد الفقرة المعنية كاملة: "خارج مكان المهرجان، أمام الباب الرئيسي لمركب الأمير محمد بنعبد الله(كذا)، يقف شابان في عقديهما الثاني."من أي فرع جئتم؟ ومن أجل أي غاية أنتم هنا؟" يسأل الموقع، فيرد أحد الشابين: نحن من دوار "ولادعبو" التابع لمدينة سطات، لا علاقة لنا بهذا الحزب، نحن نعاني من البطالة الشديدة والفقر وتفشي المخدرات والجريمة، جئنا هنا للتعبير عن هذا الواقع، بعد أن أقنعونا بأنهم سيُتيحون لنا فرصة الحديث عن مشاكلنا، لكننا فوجئنا بأنهم يمنعوننا من الحديث.
"هل حاولت أخذ الكلمة"؟ يسأل الموقع، فيرد الشاب:"نعم أردنا الصعود إلى المنصة لنقل مشاكلنا ولكن منعونا من ذلك". "وكم عددكم" ؟ "جئنا في حافلة بها زهاء 50 شخصا، 30 منا، لا علاقة لهم بالحزب جاؤوا فقط للتعبير عن واقعهم بعد أن تلقوا وعدا، هناك بالدوار، بإتاحة هذه الفرصة داخل المهرجان، ولكنهم خذلونا".
لن ألوم الشاب الذي نسب إليه الكلام في هذه الفقرة على جهله بتنظيم المهرجانات وجهله بوظيفة المنصة؛ وإن كان هذا الجهل يعكس، في الواقع، جهل الصحافي الذي صاغ أسئلته ببلادة واختار لها أجوبة أكثر بلادة.
وهذا التعامل البليد مع الحدث سوف ينعكس حتى على "حضور" مؤسس موقع "لكم" بالمهرجان. لقد كان الصحافي"علي أنوزلا"، المعتقل بتهمة التحريض على الإرهاب، حاضرا في المهرجان من خلال لافتة أوردنا صيغتها ومضمونها أعلاه. وما كان له أن يغيب عن مهرجان الاتحاد الاشتراكي الذي يعرف قيمة ما تحقق في مجال حرية التعبير وحرية الصحافة بفعل ما عاناه مع الأساليب القديمة وبفعل التضحيات الجسام التي قدمها قربانا لهذه الحرية (لا أدري إن كان صحافيو الحقد والغل يعلمون شيئا عن جريدة "التحرير"، وبعدها جريدة "المحرر" اللتين منعتا من الصدور وعانى صحافيوهما من كل أنواع القمع والقهر والاضطهاد). لكن لم يكن أبدا "أنوزلا" سيد المهرجان بلا منازع كما ادعى موقع "لكم"، بل كان مجرد ضيف تم الاحتفاء به من قبل الاتحاديات والاتحاديين على الطريقة المعهودة فيهم، والتي تتلخص في تضامنهم المبدئي مع كل صاحب مظلمة أو صاحب قضية؛ أما سيد المهرجان بلا منازع، فهو ذلك الحشد الهائل من المناضلات والمناضلين والمواطنات والمواطنين (ومن بينهم رجال المقاومة وجيش التحرير والمثقفون والفنانون والنقابيون وغيرهم) الذين حجوا إلى مركب مولاي عبد الله من كل جهات المغرب، والذي لم يشر إليه الموقع لا من قريب ولا من بعيد، في تعتيم بليد على مهرجان طبق إشعاعه الآفاق وجالت صوره المواقع والمحطات. في المقابل، مارس محرر المادة "الإخبارية" التدليس على القراء بجعله من لافتتين لافتة واحدة: "نطالب بالإفراج الفوري عن علي أنوزلا، نطالب بالملكية البرلمانية" عبارة مكتوبة على لافتة يحملها رفقة المحامي الحبيب حجي، عضو "اللجنة الإدارية" لحزب "الإتحاد الاشتراكي" عدد من الشباب وهم يجوبون بها أرجاء القاعة". وهذا كذب وبهتان وتزوير للواقع، ذلك أن الأمر يتعلق بلافتتين منفصلتين. كما مارس نفس الأسلوب مع الصور التي أثث بها تغطيته، إذ لجأ إلى تحجيم تلك الصور والاكتفاء بالإطار الضيق الذي تظهر فيه اللافتة التي تطالب بحرية "أنوزلا" ويظهر جانب ضئيل من الجمهور الذي حضر المهرجان.
وحتى لا نبخِّس عمل الرجل، نشير إلى أنه قام بمجهود، فأحصى عدد اللافتات التي فاقت، حسبه، 40 لافتة داخل المهرجان؛ إلا أنه لم يخف امتعاضه من محتواها، لأنها "تنتقد الأوضاع وتدين سياسة الحكومة في تدبير الشأن العام"، كما قال. وكأي تلميذ محدود الذكاء، لا يعرف التقيد بالموضوع ( ولذلك، ينال، دائما، نقطة ضعيفة في المواضيع التحريرية، التي يُرفقها الأستاذ بملاحظة: "خارج الموضوع" hors-sujet) تجاهل شعار المهرجان "ضد الابتزاز السياسي وضد التفقير الاجتماعي"، وراح يعدد المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي لم ير لها وجودا في لافتات المهرجان، وكأن هذا المهرجان عقد لتقديم البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للحزب، وليس للتنديد بالسياسة التفقيرية للحكومة وبأسلوبها في تدبير الشأن العام، الذي يسير بالبلاد إلى المجهول. وبهذا التعاطي مع الحدث، يكون الموقع كله "خارج الموضوع" (hors-sujet)...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.