معروف علينا نحن المغاربة أننا كثيرو السؤال ، سريعو الإجابة ،و دائمو الاستغراب لأمور قد تكون جزءا من الواقع و أخرى من وحي الصدفة . لكن الجدير بالذكر أن الاستغراب في حالتنا و في ظل ظروف معيشتنا بات أمرا من الواجب تفاديه و محاشاته ، فقد صار مجرد عادة لا حول لها و لا قوة، عملية تتطلب منا جهدا كبيرا لا يضاهي المنفعة المتناسية التي نتحصل عليها من وراء القيام بها فما دمت مواطنا مغربيا ، تسري بعروقك الحامية دماء افريقية ممزوجة بعروبة الأجيال الصامدة و الحضارات المتلاقحة المتكاملة ، تعايش الأزمة الاقتصادية و ثورة الأسعار و القوانين الصارمة المطبقة على فئة أكثر من أخرى ، فعليك ألا تستغرب من بعض جوانب النقص و أوجه التناقض التي نصطدم بها كثيرا في حياتنا الماضية قدما بلا حسيب و لا رقيب . فما دمت بالمغرب فعليك ألا تستغرب من ثورة الأسعار المهولة التي طالت أسواق الخضر و الفواكه مباشرة بعد الانطلاقة الفعلية لقانون مدونة السير و دخوله كقانون وطني حيز التنفيذ ،فمجتمعنا يختل بعد أي توازن و يظهر نوع من النقص و السلبية فيه بعد أي تحول ايجابي . حتى أن المصيبة باتت اثنتين، فبعدما كان المواطن المغربي متخوفا من "البروسي" أو الغرامة المالية الساخنة ، أضحى متسلطا من ثمن الطماطم أو البطاطس التي تشكل لب أي بيت مغربي مهما كانت إمكانياته المادية بعدما صار ثمنها يتحدى ثمن التفاح و الموز ، فما بالك بالطبقة المتوسطة و الفقيرة التي تعتمد على هذا النوع من الخضر بشكل أساسي و محتم خاصة و إن كانت الأفواه كثيرة و الطاقات قليلة ....إن المسؤول عندما يفكر في مشروع ، فهو لا يفكر في العواقب . و عندما يقرر تطبيقه فهو لا يقرر تصحيح الاختلالات القادمة بين طياته و لا تقنين حيز تفعيله .. ليدفع المواطن المغربي البسيط الثمن الأكبر كأقل سلطة قدرة على المناهضة بحقوقها من بين كافة الشرائح المجتمعية المتفاوتة . فلا يجد أمامه غير الاستغراب لحال بلد ركيزته الأساسية الغرابة ، وحتى هذه الممارسة سلبت من بين أيدي المواطن المغربي بعدما تفاقمت الظواهر الداعية له ، و تكاثرت المشاغل المؤدية له . فلا تستغرب من ثورة الأسعار ، و لا من قوانين مدونة السير الصارمة ، لا تستغرب من هشاشة التعليم و انتشار الدروس الخصوصية ، لا تستغرب من التجاوزات في كل المجالات و انعدام الرقابة و حملات المراقبة ، لا تستغرب من الأخطاء الطبية و قلة الحماية الأمنية ...و غيرها من الأمور التي باتت منسية بين ثنايا الأحلام .لنجمع الجل والكل في " مادمت في المغرب ،فأبدا لا تستغرب ....."