كلما أطل صباح جديد و حيثما صددت تواجهك جملة أمور تدعوك إلى الحيرة و الاستغراب.فمن جهة نحن خالمغاربة- أمة عريقة لها حضارتها و تاريخها الزاهر و مكانتها المرموقة بين الأمم ونحن أمة تمتاز بالتنوع و التعدد الثقافي و هو مصدر غنى ،و نحن أمة لها نظامها الاجتماعي و الثقافي والأخلاقي المميز، و نحن أمة نتميز بالانفتاح وكنا نمتاز بالقدرة على التعايش مع الآخر و مسايرته دون الذوبان في أحضانه، و نحن أمة العلم و الاجتهاد، و نحن أمة البلاء الحسن و البناء و العطاء.و نحن أمة أنعم الله علينا بالاستقرار و بالأمن و نحن أمة حبانا الله عزوجل بمؤهلات طبيعية وافرة و مهمة،كما أن العنصر البشري عندنا مهيأ لتحقيق النجاحات الباهرة و يشهد على ذلك حجم الأدمغة و الكفاءات و ذوي الخبرات من المغاربة المنتشرين عبر العالم......... لكن من جهة أخرى نحن أمة في كل يوم يطلع علينا تقرير سيئ: فهذا عن تقهقر في سلم التنمية البشرية و هذا عن تراجع في مجال محاربة الرشوة وذاك عن تقهقر الرياضة الوطنية وآخر عن اندحار في مجال التعليم و آخر عن اتساع دائرة الفقر و الخصاصة وتفاقم دائرة الهشاشة، و آخر عن تراجع في الحكامة و آخر عن تزايد البطالة و آخر عن تراجع علاقة الشباب بالتدين.......... و بقليل من التأمل نجد أن سياسة اللاعقاب و عدم سيادة القانون على الجميع، في ظل سيادة أصول الفساد من زبونية و محسوبية و رشوة...و في ظل اندحار في المشهد الحزبي و السياسي الذي أضحى مبتذلا و مهترئا و ما شئت من الأوصاف السيئة،وأضحت النخبة السياسية بكل تلاوينها عديمة أو ضعيفة الجاذبية بفعل اختياراتها اللاشعبية و بعدها عن التجاوب السريع و الفعال مع نبض الشعب المغربي المقهور،و في ظل عدم سمو للمجتمع المدني الذي يعول عليه في ملء الفراغ و تأطير المجتمع و تقوية مؤسساته، إلا أنه دب إليه طاعون اللهث وراء الجهات المانحة من أجل الحصول على دعم هام لا يصرف في الغالب الأعم في أوجهه و من أجل التنمية المستدامة التي يدفع بها من أجل نيله. لقد أصبحنا أمة ناقمة على وطنها،ناقمة عن بعضها البعض. لقد غدونا نعيش بدون قضية جامعة و بدون هدف يوحدنا. في الواقع،نحن أمة لا تستحق هذا التردي و بهذا المستوى.إننا نمتلك من المقومات و من الخيرات ما يؤهلنا لأن نكون في الصدارة على المستوى العربي و الإسلامي على الأقل.و ذلك رهين بعدة تصحيحات علينا أن نؤمن بها و ننخرط في تجسيدها و لو تعارضت مع مصالحنا الخاصة، وهي إصلاحات شاملة و متعددة ،تمس مستويات عدة دستورية و قانونية و سياسية و تنموية و ثقافية و أخلاقية....فهل لها من رجالات ؟ و هل من مبادرات حقيقية في هذا الاتجاه؟و هل تنبري نخبتنا الفكرية و السياسية و الاقتصادية لإقرار قضايا مركزية جامعة و موحدة لكل المغاربة و ينخرط فيها الجميع بما يمهد لغد أفضل؟....جملة أسئلة أطمع أن أشهد إجابات عنها في الواقع العملي لأننا فعلا أمة لا تستحق هذا التردي..