يعتبر موحا الناجي الثقافة روح الأمة وعنوان هويتها، وهي من الركائز الأساس في بناء الأمم وفي نهوضها، فلكل أمة ثقافٌة تستمدّ منها عناصرها ومقوماتها وخصائصها، وتصطبغ بصبغتها، فتنسب إليها. وكل مجتمع له ثقافتُه التي يتسم بها، ولكل ثقافة مميزاتها وخصائصها. والثقافة كلمة عريقة في اللغة العربية، فهي تعني صقل النفس والمنطق والفطانة. وقال في حوار ل العلم إن التبادل الثقافي والفني يهتم بالحوار بين المجتمعات والثقافات. كما يسعى إلى دعم الاحترام المتبادل بين الثقافات المختلفة وتقوية معرفة كل جانب بالجانب الآخر. وفي رأيه فالحوار بين العالم الإسلامي والعالم الغربي قد اكتسب في السنوات الأخيرة أهمية كبرى على المستوى السياسي، وأصبح يوازي في أهميته أهمية القضايا الاقتصادية والأمنية. وأضاف أن المغرب يعقد في جو من الانفتاح العديد من المؤتمرات وأوراش عمل ومحاضرات ومعارض لتبادل المعلومات وتعميق معرفة كل طرف بالطرف الآخر، وإزالة الأفكار المسبقة والصور العدائية المتبادلة وتشجيع مناقشة النزاعات على مستوى عام. ويهدف المغرب بالدرجة الأولى إلى توثيق العلاقات مع الشعوب الصديقة من خلال تبادل الثقافة والمعرفة. وأكد أن ما يميز المغرب هو التنوع الثقافي وأعتبر أن هذا شيء إيجابي وينبغي الاعتزاز به. وحتى على الصعيد العالمي هناك تمازج ثقافي وليست هناك ثقافة خالصة كما يقول الفيلسوف الألماني ألفونسو دو طورو. إذن التنوع هو طبيعة المجتمعات، والخطر يكمن في تهميش أوعدم الاعتراف بهذه التنويعات اللغوية والثقافية أو إدارتها بصورة غير عادلة أو غير ديمقراطية. وبخصوص المهرجانات التي تنظم بين الفينة والأخرى في العديد من المدن المغربية قال الناجي إنها تبرز الأثر الايجابي للتعدد الثقافي والحداثة عامة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. ولا ننسى أن الثقافة رافد من روافد التنمية، والمهرجانات فرصة سانحة لكشف دور الثقافة والفن في صيرورة التنمية المستدامة وفي الحفاظ على التراث. ******************** تطرح في كل الأزمنة وفي كل المجتمعات قضية التبادل الثقافي أو التنوع الثقافي. بصفتك باحثا في هذا المجال ما هو الفرق بين المصطلحين وبماذا يتميز الوضع الثقافي بالمغرب؟ بالفعل موضوع التبادل الثقافي والتنوع الثقافي يطرح على جميع الأصعدة وفي كل البلدان. التنوع الثقافي يميز جل بلدان العالم بفضل الخصوصيات الثقافية الموجودة في كل بلد. فهناك فرق بين الثقافة الإسلامية والثقافة الغربية وما بين الثقافة اليابانية مثلا والإفريقية، وهذا شيء طبيعي وعادي. أما التبادل الثقافي فيهم التعارف بين الشعوب وتبادل المعرفة والخبرات والتجارب الثقافية إن على المستوى الرسمي أو الشعبي. والثقافة هي روح الأمة وعنوان هويتها، وهي من الركائز الأساس في بناء الأمم وفي ??وضها، فلكل أمة ثقافٌة تستمدّ منها عناصرها ومقوما??ا وخصائصها، وتصطبغ بصبغتها، فتنسب إليها. وكل مجتمع له ثقافتُه التي يتسم ??ا، ولكل ثقافة مميزا??ا وخصائصها. و الثقافة كلمة عريقة في اللغة العربية، فهي تعني صقل النفس والمنطق والفطانة، وفي القاموس المحيط : ثقف ثقفًا وثقافة، صار حاذقًا خفيفًا فطنًا، وثقَّفه تثقيفًا سوَّاه، وهي تعني تثقيف الرمح، أي تسويته وتقويمه. واستعملت الثقافة في العصر الحديث للدلالة على الرقيّ الفكري والأدبي والاجتماعي للأفراد والجماعات. والثقافة ليست مجموعًة من الأفكار فحسب، ولكنها نظريٌة في السلوك بما يرسم طريق الحياة إجمالا، وبما يتمّثل فيه الطابع العام الذي ينطبع عليه شعبٌ من الشعوب، وهي الوجوه المميّزة لمقوّمات الأمة التي تُمَيَّزُ ??ا عن غيرها من الجماعات بما تقوم به من العقائد والقيم واللغة والمبادئ، والسلوك والمقدّسات والقوانين والتجارب. وفي الجملة فإن الثقافة هي الكلُّ المركَّب الذي يتضمن المعارف والعقائد والفنون والأخلاق والقوانين والعادات. بفضل الصداقة الدولية، أصبح بإمكان الشباب الاستفادة من التنوع والتبادل الثقافي والإسهام بعملهم في المحافظة عليه للأجيال القادمة. فجميع الثقافات ثقافات خلاقة ودينامية، مع أن كل واحدة منها تبقى فريدة من نوعها، وهشة وغير قابلة للاستبدال. ذلك أن أية حضارة قد تهمل خلال جيل واحد قد تتعرض للضياع إلى الأبد. وبالتالي، فمن الحاسم أن نخلق جوا يتيح لجميع الثقافات أن تتفتح بكل حرية. ومن أجل المحافظة على الاختلاف الثقافي في كل تنوعه وحيويته، تبنت الدول الأعضاء في اليونسكو بالإجماع عام 2001 الإعلان العالمي لليونسكو حول التنوع الثقافي. يكمن الإعلان العالمي لليونسكو حول التنوع الثقافي في العديد من المبادئ الرائدة من أجل التأسيس لمجتمع أكثر سلما و أكثر عدالة قائم على الاحترام المتبادل والتسامح. ذلك أن التنوع الثقافي لا ينظر إليه كمجرد واقعة ولكن كمنبع للابتكار والتبادل والإبداع وهو ما يشكل القوة الأساسية للإنسانية. يهتم التبادل الثقافي والفني بالحوار بين المجتمعات والثقافات. كما يسعى إلى دعم الاحترام المتبادل بين الثقافات المختلفة وتقوية معرفة كل جانب بالجانب الآخر. وقد اكتسب الحوار بين العالم الإسلامي والعالم الغربي في السنوات الأخيرة أهمية كبرى على المستوى السياسي، وأصبح يوازي في أهميته أهمية القضايا الاقتصادية والأمنية. وفي جو من الانفتاح يعقد المغرب العديد من المؤتمرات وورش العمل والمحاضرات والمعارض لتبادل المعلومات وتعميق معرفة كل طرف بالطرف الآخر، وإزالة الأفكار المسبقة والصور العدائية المتبادلة وتشجيع مناقشة النزاعات على مستوى عام. ويهدف المغرب بالدرجة الأولى إلى توثيق العلاقات مع الشعوب الصديقة من خلال تبادل الثقافة والمعرفة. و يلعب التبادل الثقافي دورا محوريا في التقريب بين الشعوب والثقافات بصورة عامة، وتوثيق العلاقات بين العالمين العربي والغربي بصورة خاصة، والثقافة لا تعد ترفاً، بل ضرورة حياتية ومعرفية. الكثير من الباحثين في هذا الحقل يدعون إلى وضع أرضية لتأطير دينامية الشأن الثقافي بالمغرب وكذا تحديد برنامج خاص وتحديد الأهداف التي يمكنها توحيد عناصر هذا التنوع. في نظرك هل يمكن لهذه الفكرة أن تنطبق على المغرب؟ نعم أظن شخصيا أنه ينبغي وضع إطار عام لتدبير الشأن الثقافي ببلادنا نظرا لما يميز الثقافة المغربية من غنى وتنوع وأصالة، فالمغرب يشهد عدة ثقافات وطنية ومحلية، فإلى جانب الثقافة الأمازيغية والثقافة الحسانية والثقافة العربية وهناك الثقافة الإسلامية والثقافة الفرنسية والغربية عموما. ومن المستحسن أن يتم تحديد برنامج خاص وشامل لتسطير الأهداف و عناصر التنوع الثقافي بالمغرب و تحديد أنشطة وبرامج وطنية وجهوية للنهوض بالثقافة المغربية عموما كرافعة للتنمية البشرية. فإلى جانب وزارة الثقافة ينبغي أن تعمل المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية من أجل إبراز كل مكونات الشخصية المغربية وتوظيفها في التنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. ما هي في نظرك الطريقة المثلى لضمان تنوع ثقافي يشمل كل التنويعات الثقافية واللغوية التي يتميز بها المغرب؟ لضمان تنوع ثقافي يدمج كل عناصر الثقافة المغربية ينبغي في رأيي إعطاء الفرصة لكل هذه التنويعات للمشاركة الفعالة في الحياة الثقافية والاعتراف بكل عناصرها، وتلقينها في المدرسة والجامعة وتشجيع الأبحاث حولها. كما يجب تحفيز الشباب المبدع ولاسيما الفنانين والعلماء ورجال ونساء الإعلام والفاعلين الجمعويين الذين لهم تأثير كبير على المجتمع. كما تساهم الثقافة الديمقراطية في ضمان التنوع الثقافي وفي التغيير الديمقراطي وتنمية قدرات المغاربة على خلق أنواع جديدة للتعاون وللمشاركة الفعالة في النهوض بأوضاع المغرب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ونشر ثقافة الحرية والديمقراطية والمواطنة من خلال الحوار الثقافي والبحث والإبداع المستمرين. وبهذا يمكن استخدام التعدد الثقافي كمورد غني يمكن الاستفادة منه لإشراك الجميع في المسيرة التنموية التي تشهدها بلادنا. أنا على قناعة تامة أن التبادل الثقافي يساهم أيضا بشكل فعال في التعريف بالآخر وأسلوب حياته وقيمه وبالتالي يضع حجر الأساس لمحاربة الأحكام المطلقة والمسبقة والصور النمطية. الثقافة تعبر عن جماليات الحياة وتنوعها من دون التقليل من كينونة الآخر. بمساعدة الثقافة نستطيع البحث عن مواطن الاختلاف والتنوع وليس عن جوانب الخلاف. هناك من لا يعتبر التنوع الثقافي الذي يميز المغرب مصدر غنى وإنما كوجه منافرات إثنية بين المواطنين. ما رأيك؟ التنوع الثقافي هو ما يميز المغرب وبطبيعة الحال هذا شيء إيجابي في حد ذاته وينبغي الاعتزاز به. وحتى على الصعيد العالمي هناك تمازج ثقافي وليست هناك ثقافة خالصة كما يقول الفيلسوف الألماني ألفونسو دو طورو. إذن التنوع هو طبيعة المجتمعات، والخطر يكمن في تهميش أوعدم الاعتراف بهذه التنويعات اللغوية والثقافية أو إدارتها بصورة غير عادلة أو غير ديمقراطية. فالديمقراطية تساعد على إعطاء كل ثقافة حقها في الوجود والتطور. إن ما يميز المغرب عن دول الشرق الأوسط هو المكون الأمازيغي، وهكذا تعطي الأمازيغية للمغرب تعدده الثقافي، وتعتبر مكونا هاما من مكونات الهوية الوطنية التي تنتمي إلى الهوية الثقافية الإسلامية نظرا لكون السكان الأمازيغ كلهم مسلمون. فقد شكل الإسلام في تاريخ المغرب أداة لانطلاق حضارة جديدة انصهرت فيها الشخصية الأمازيغية مع عظمة الإسلام وتعايشت فيها لغة الضاد واللغة الأمازيغية. ومن المعلوم أن إدماج اللغة والثقافة الأمازيغيتين سيساعد على إقامة تكافؤ الفرص بين كافة أبناء الشعب المغربي في مجالات أساسية مثل التعليم والعدل والاقتصاد. وقد أبانت الحملة الانتخابية الأخيرة التي استعملت فيها الأحزاب السياسية اللغة الأمازيغية للتواصل مع جميع الناخبين أن الأمازيغية كائن حي وأداة للانتقال الديمقراطي وللوحدة الوطنية وليس أداة للتفرقة كما يلوح البعض. والمسألة الأمازيغية لا تهم المتكلمين بالأمازيغية فقط بل تهم كل المواطنين المغاربة لأنها بالأساس مسألة وطنية وحضارية تطرح نفسها كمسألة جوهرية لكل القوى والضمائر الحية. هل تتفق مع من يقول إن المغرب مدعو إلى تدبير ثقافي وفق نموذج خاص؟ لكل بلد خصوصياته الثقافية والاجتماعية يتم التعامل معه حسب الظروف والمعطيات في كل بلد. والمغرب بطبيعة الحال مدعو إلى تدبير ثقافي سليم وفق برنامج وطني شامل كما أسلفت. وينبغي لهذا البرنامج أن يعرف بجميع عناصر ومظاهر الثقافة المغربية من لغات وآداب وفنون وعادات وتقاليد وطقوس ومعمار عبر التراب الوطني، كما ينبغي للدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني أن يدعموا كل الأنشطة التي من شأنها أن تبرز الجوانب الإيجابية لهذه الثقافة وتحفز الشباب على الاهتمام بها والحفاظ عليها لأنها رأسمال رمزي ضخم وملك لجميع المغاربة. وبما أن الثقافة ملتصقة بالهوية فيمكن القول أن لا هوية لمن لا ثقافة له ولا مستقبل لمجتمع انسلخ عن هويته الثقافية. ينظر بعض الباحثين إلى المهرجانات على أنها وجه من أوجه تشويه التنوع الثقافي ويصفونها ب الميوعة الثقافية إلى أي حد الفكرة صحيحة؟ فعلا، يشهد المغرب عددا كبيرا من المهرجانات الوطنية والدولية، حيث نلاحظ عدة أنواع من المهرجانات. فهناك مهرجانات رياضية وفنية وثقافية وتراثية وسياحية ولا يمكن أن نغفل أهمية كل هذه المهرجانات من الناحية الثقافية والاقتصادية. والكل يعلم أن المهرجانات تساهم في حوار الثقافات والحضارات وفي التساكن والتعايش بين الشعوب. وتبرز هذه المهرجانات الأثر الايجابي للتعدد الثقافي والحداثة عامة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. ولا ننسى أن الثقافة رافد من روافد التنمية، والمهرجانات فرصة سانحة لكشف دور الثقافة والفن في صيرورة التنمية المستدامة وفي الحفاظ على التراث. كما تعتبر المهرجانات أحد أساليب الجذب السياحي و يمكن من خلالها التسويق السياحي للمغرب باعتباره احد المقاصد السياحية الهامة في المنطقة. وتعتبر المهرجانات الثقافية أحد المقومات السياحية التي تزخر بها مدن كثيرة منها على الخصوص فاس، مراكش، الرباط والصويرة. و تساهم الثقافة عموما والمهرجانات خصوصا في تنشيط المدينة من الناحية الثقافية والسياحية وفي توظيف الثقافة في خدمة التنمية المحلية والجهوية. وشخصيا لا أظن أن المهرجانات يطغى عليها الطابع السياحي أو الفولكلوري، فلتكون لها مصداقية ولتنال النجاح ينبغي عليها أن تكون نابعة من التراث المغربي الزاخر وأن تبتعد عن التبذير والضياع والميوعة. ويمكن لهذه المهرجانات أن تلعب دورا رياديا في التنمية إذا هي حافظت على مصداقيتها وعكست أصالتنا المغربية وثقافتنا المتنوعة المتسامحة. فهناك ترابط وطيد بين الثقافة والتنمية المستدامة. وإذا استطاعت الثقافة أن تساهم في التنمية السياحية والاقتصادية عموما فهذا شيء رائع. كيف يمكن للتنوع الثقافي بالمغرب أن يخدم الهوية الوطنية؟ يمكن القول إن الهوية المغربية تمتاز بالتنوع الثقافي وبأربع خصائص: جغرافيتها الإفريقية، أصلها الأمازيغي، ثقافتها العربية-الإسلامية وتطلعها إلى الحداثة بالانفتاح على اللغات الأجنبية كالفرنسية والإنجليزية. ويمكن لهذا التنوع أن يخدم الهوية المغربية إذا كنا أولا فخورين بأصالتنا وبجذورنا الأمازيغية والعربية الإسلامية. ولايمكن لهذا التنوع أن يفيدنا في شيء إذا نحن انسلخنا عن هويتنا وذبنا في الثقافة الغربية أو في ثقافة العولمة. اليوم تفرض العولمة نفسها على الحياة المعاصرة، سياسياً واقتصادياً، فكرياً وعلمياً، ثقافياً وإعلامياً، تربوياً وتعليمياً. وهي بذلك من الموضوعات التي تحتاج معالجتها إلى قدر كبير من الفهم لعمقها وجوهرها، والإدراك لبُعدها وغايتها، والوقوف على ما تنطوي عليه السياسات التي تتحكّم فيها وتقودها، وتتحمّس لها وتدعو إليها، وتمهد للتمكين لها، بشتى الطرق وبمختلف الوسائل. ولقد أجمعت الدراسات الحديثة لنظام العولمة الذي أصبح اليوم نظاماً يشكّل ظاهرة كونية، إن صحَّ التعبير، على اعتبار الخطر الأكبر الذي تنطوي عليه العولمة، هو محو الهويات الثقافية للشعوب، وطمس الخصوصيات الحضارية للأمم. ولقد اهتممت بموضوع العولمة منذ ظهور المصطلح وبدء تداوله، في إطار اهتماماتي بالقضايا الدولية ذات الطابع الفكري والثقافي والعلمي والتربوي التي تشغل حيّزاً كبيراً من اهتمامات النخبة المثقفة والصفوة المشتغلة بالعلم والفكر. وسبق لي أن درست ظاهرة العولمة من منطلق ارتباطها بالهوية، ومن منظور التنوّع الثقافي، وكتبت دراسة حول موضوع (الهوية والعولمة والتنوّع الثقافي)، وهو جانبٌ مهمّ من الجوانب ذات العلاقة بالمعركة الحضارية الكبرى التي تخوضها شعوب العالم الإسلامي دفاعاً عن خصوصياتها الثقافية أمام مخاطر العولمة، وترسيخاً لجذورها، وتأميناً لوجودها المادي والمعنوي. يلاحظ العديد من الباحثين أن الوضع اللغوي بالمغرب يتميز بسيادة الفرنسية على حساب العربية والامازيغية. ما مدى انعكاس هذا على وضعية التنوع الثقافي؟ يتميز الوضع اللغوي بالمغرب بالتعددية إذ هناك خمس لغات متداولة : الأمازيغية، العربية الفصحى والدارجة والفرنسية والإسبانية. ومنذ الاستقلال اختار المغرب العربية الفصحى كلغة رسمية للبلاد لكونها لغة القرآن الكريم ولكونها لغة مكتوبة ولها أدب غني وتاريخ مجيد. واتخذ التعريب وسيلة لتحديث ومعيرة هذه اللغة لتعبر عن مفاهيم وأفكار جديدة ومظاهر العلوم والتكنولوجيا والثقافة الكونية. ومن أهداف سياسة التعريب الحفاظ على الوحدة الوطنية وترسيخ الهوية العربية والإسلامية وتحقيق الاستقلال الثقافي في جل الميادين. غير أن هذه السياسة سرعان ما اصطدمت بهيمنة اللغة الفرنسية التي فرضت نفسها كلغة الحداثة والتقدم، وما استعمال هذه اللغة في ميادين التربية والتعليم والإدارة والأعمال والإعلام على نطاق واسع رغم 53 سنة من الاستقلال والتعريب إلا دليل على أن الفرنسية لا زالت لغة التفوق والنجاح الاجتماعي. وينعكس هذا الوضع على التنوع الثقافي والهوية. وتعبر هذه الوضعية اللغوية عن توتر بين لغتين وثقافتين: العربية-الإسلامية من جهة والفرنسية- الغربية من جهة أخرى، كما تعكس صراعا طبقيا وصراع مصالح بين الفئات الميسورة والفئات الشعبية، وتعبر هذه الازدواجية أيضا عن صراع من أجل السلطة السياسية والرمزية. ************* الدكتور موحى الناجي أستاذ جامعي، كاتب وباحث في اللسانيات والدراسات الثقافية، أستاذ زائر بجامعة راتجرز الأمريكية، وهو مدير المجلة الدولية اللغات واللسانيات التي تصدر بانتظام منذ سنة 1998، ورئيس مركز جنوب شمال للحوار الثقافي والدراسات حول الهجرة. له كتب ومنشورات متعددة تشمل مجالات اللغة والثقافة والنوع والهجرة. من آخر إصداراته كتاب الهجرة والنوع الاجتماعي (2008 نيويورك)، كتاب التعدد اللغوي، الهوية الثقافية والتعليم بالمغرب (2005 نيويورك) وكتاب النحو الأمازيغي (2004) و النساء يكتبن إفريقيا الشمالية (2009) بتعاون مع فاطمة صديقي و كتاب نحو الدارجة المغربية (2004) وهو كتاب جماعي، و المجتمع المدني، النوع والتنمية المستديمة (إشراف) (2004). كما صدرت له عدة مقالات بالعربية والفرنسية والإنجليزية في مجلات دولية وفي جرائد وطنية مختلفة. وهو أيضا مدير مهرجان فاس للثقافة الأمازيغية منذ 2005.