رسم المرصد المغربي للسجون صورة مأساوية حول وضعية عشرات الآلاف من المُعتقلين الذين تتراوح أعمار أغلبيتهم بين 21 و 30 سنة جلهم مُعتقل في قضايا مُتعلقة بجرائم الأموال والمُخدرات، عدد منهم يُقضى ببرائته مما نُسب إليه بعد مُدة من الإعتقال الإحتياطي التي قد تصل إلى سنة وسط تعذيب جسدي ونفسي داخل سجون لا مكان فيها للقيم ولا للقوانين وبعيدة عن المواثيق الدولية لحُقوق الإنسان، شكايات.. وعالج المرصد المغربي للسُجون الذي قدم تقريره السنوي صبيحة اليوم بالرباط، حوالي 359 شكاية توصل بها، جلها يتعلق بالعنف والمعاملة اللاإنسانية والحاطة من الكرامة التي يتعرض لها السجناء، يليها الشكايات المتعلقة بالإضرابات عن الطعام. ارتفاع واكتظاظ.. وكشف التقرير المكون من حوالي 150 صفحة عن إرتفاع بحوالي 11463 سجين بين سنتي 2008 و2012، بالإضافة إلى الإكتظاظ “المهول الذي تشهده السجون المغربية والذي تتجاوز نسبته في مجموع السجون المغربية ال 40٪، حيث يتقدم السجن المحلي بمُراكش قائمة السجون الأكثر اكتظاظا بنسبة 168,14٪ يليه السجن المحلي بتيزنيت ب 121,43٪، متبوعا بسجن عين قادوس بفاس الذي تتجاوز فيه نسبة الإكتظاظ ال118٪. ويُشكل عدد المُعتقلين احتياطيا حوالي 46٪ من مجموع الساكنة السجنية التي يبلغ عددها حوال 70675 سجينا 97,6٪ منهم ذكور مُقابل 1722 من الإناث، حيث أن حوالي 53,49٪ من هؤلاء المعتقلين سُجنوا في قضايا تهم جرائم الأموال والإتجار في المخدرات و 31,29٪ منهم في جرائم ضد الأشخاص والأمن العام. رشوة، مُخدرات وأمراض عقلية.. هذا وتأتي الرشوة ك”أقوى” مظاهر الفساد في المؤسسات السجنية، فحسب تقرير المصدر فإن هذه الأخيرة “تكسر أي مسعى للحكامة داخل السجون”، وتفرز “ظواهر الإبتزاز والزبونية والمحسوبية بين السجناء”، الذين يحصل بعض منهم على “مجموعة من الإمتيازات”، في ظل “الإكتظاظ الشديد الذي تنعدم فيه أماكن النوم”، وتؤمن إمتيازات أخرى كالتطبيب والعلاج والإستحمام والفسحة بالإضافة إلى الحصول على بعض المُحرمات كالمخدرات وغيرها. ومن بين ما كشف عنه تقرير المرصد المغربي للسجون تفشي ظاهرة ترويج المُخدرات واستهلاكها، خُصوصا وأن نسبة المعتقلين في إطار قضايا ترويج واستهلاك المخدرات تصل إلى 37,25٪ يُعاني كلهم من الإدمان على المخدرات، الشيء الذي دفع المرصد للمُطالبة من خلال تقريره بمُتابعة وزجر المُوظفين المُتورطين في تسريب للمُخدرات إلى داخل السجون، بالإضافة إلى الأخذ بتدابير والإجراءات المُتمثلة في توفير مراكز للعلاج من الإدمان وتوفير ظروف التأهيل لهؤلاء المدمنين. وعلى خلاف ما ينص عليه القانون الجنائي المغربي، فإن المرصد كشف عن وجود “العديد من المرضى نفسيا والمُصابين بالأمراض العقلية في نفس الزنزانة مع غيرهم من السجناء، من غير مراعات ما يُشكل هذا الإختلاط من خُطورة على أمن وسلامة المعتقلين”.