الاختيار الديمقراطي كسلوك مدني هو ثقل و عبء ملقى على كل مؤمن به فكريا و عمليا، من اجل تأصيله كقيمة معيارية في الحياة السياسية و الاجتماعية و المؤسساتية، و ليس كشعار تضليلي يرفع لإنتاج الوهم و ارخبيلات من اللايقين في القرارات المتخذة من طرف الآخرين؛ و رهاننا على من اعتقدنا أنهم قد تجاوزوا المرحلة البضرية[ نسبة للبصري] في التأصيل لهذا الاختيار ضمن سلوكات سياسية هو رهان في عدم معاودة إنتاج تخلفنا الديمقراطي و السياسي و العلمي؛ و تلكم دار لقمان [ المنتسبين إليها ] التي مازالت على عهدها القديم في معاودة إنتاج سلوكات مهترئة و تبخيسية تضرب بعرض الحائط كل المكتسبات المحققة في الشارع المغربي و لو بشكل نسبي؛ و عندما تستغل الايدولوجيا و هي لغة البوليس[ على حد تعبير محمود درويش] في التدليس و الفبركة و القولبة و طمس الحقائق، فاعلم أننا بعيدين كل البعد عن هذا الرهان في كوكبنا الأرضي هذا. فلا التاريخ سينصفنا، و لا الأجيال سترحمنا من تعنتنا الموشوم بالرعب المتخاذل و العاجز عن رسم الموقف الصارم من خريطة الديمقراطية التي صنعت لنا تبجيلا، من اجل التقوقع داخل كيان الأجسام المحنطة بلغة الفحص الطبي...عبر نهج سلوكات لا تفي بالمراد و لا تستجيب لما نتوقعه من أشخاص نحمل سمت الباحث و العالم و المثقف و السياسي . و اعتبارا لذلك سنكون و سنظل أجسادا منخورة تعاني من ثقوب و من حدة التقزيم في كوكبنا الأرضي الصغير هذا الذي ننتمي إليه، باللغة الانتخابية المتحجرة، و بالمد الأيديولوجي البوليسي الذي يجسدونه في سلوكهم، هم، و تلكم خصوصية المثقف العضوي الذي وجب عليه أن يقول لا في وجه من قالوا نعم بتعبير "أمل دنقل". و من قال لا فلم يمت و ظل روحا ابدية الألم في هذا العالم الطقوسي أيديولوجيا و ليس علميا؛ و العلم هو سمت من هو مؤمن به جهارا و تطبيقا في تصرفاته اليومية و ليس تقية يتداوله و يكشف عنه فقط في دواليب مناسباتية للربح و الشهرة و تمديد عضلات الجسم، من جراء نزوتهم الذاتية في التواجد في جميع المحافل. و من لا يستحيي ان يستعمل كلمة لا ادري في ما لا يدري فهو مغتصب للمعرفة والفكر ، و إذا ما أتحنا لأمثالهم فرصة ذلك بدون الكشف عن حقيقتهم ، سيركنون لا محالة حينا من الدهر للممارسة التدليس و الوهم و ارخبيلات من اللاعقلانية والتضليلات المدمرة و تدجين العقل البشري، و هو ما يجعلهم في مستوى إجهاض مكتسباتنا السياسية و الثقافية و الاجتماعية و التربوية التي ناضلنا من أجلها عقودا من الزمن الممتد.