محمد دهنون منذ خروج هذه الحركة إلى الوجود .. و بعد تأسيسها و تحولها إلى أمر واقع في الفعل الاحتجاجي الوطني .. كان هنالك المتردد من السياسيين في التعامل معها ، و بالمقابل كان هناك المسارعون و "الزربانون" على مساندتها و دعمها باسم نصرة إخواننا في الإسلام ..!.. و باسم حماية الرفاق الذين يحاربون الرأسمالية المتوحشة و العولمة الضالة ..!.. هكذا بدا الأمر عقب 20 فبراير .. و ما تلاها .. لتبدأ الصورة الحقيقية لطرق و أساليب و صيغ الاشتغال داخل هذه الحركة ، تظهر لكل متتبع نبيه أو فاعل سياسي رصين .. و هذا ما استدعى التموقف من "اللاعبين" المتسربين في تشكيلة فرق الاحتجاج .. كثير من الإخوة و فاعل لم يعجبهم قول الحقيقة إما لأنهم معنيون بها، أو آخرين يعانون من حول في تقدير الموقف السياسي .. و كم من المواقف الحولاء أخرت التغيير و اعتقد أصحابها أنهم أنبياء الحقيقة و التقدمية و حب الوطن ..!! في المبدأ .. أي مواطن و أية جماعة أو تنسيقية أو حزيبات أو بقايا حطام إيديولوجي ينتمي لما قبل سور برلين .. أو شباب ذي ملف مطلبي من حقهم أن يحتجوا ، أن يمارسوا حقهم في النزول إلى الشارع بتنظيم و تأطير .. لا أحد من المناضلين ضد هذا الكلام .. لكن يتعين أن يكون هناك نضج حقيقي في رفع المطالب بالطرق الحضارية .. ماذا يعني التمسك بشرويطة و إزار في الاحتجاج .. ماذا يعني التفاوض مع الأمن على استعادة البيض المسلوق و غير المسلوق و البراد و المقراش .. هل هذا ملف مطلبي.. خصوصا عندما يأتي بعض المتياسرين و الذين شربوا السياسة على الريق ليضيفوا قليلا من الحطب في نار التوتر .. لقد جرب مناضلو الأحزاب التقدمية الخروج إلى الشارع و يعرفون كيف يوصلون ميساجاتهم .. في الوقت الذي كانت "الشمة بقطيع النيف" .. و كانت الأمور دوما تنتهي بتحصيل المطالب و دعوة السلطة إلى الحوار .. وإنهاء كل مداخل التوترات حماية للمدينة و للبلد .. هكذا تعلمنا و هكذا علمنا أساتذتنا في النضال الوطني .. إذ لا مزايدة على الوطن و بالمطلق ، و لا يحدثني أحد و يناقشني في هذا الكلام .. مصلحة بلادي و وطني هي الأولى ، و الوطنية الحقة هي قراءة الظروف السياسية بشكل موضوعي و عميق ، هي توجيه بوصلة التحليل نحو ما يقع في بلدنا .. و ليس استعمال و توظيف وتحريض و تجييش المحرومين وغير المسيسين و الناقمين و الحاقدين على النظام لخلق و زرع البلبلة و الفتن .. لعن الله موقظها .. لهذا ليس لأحد الحق من هذا المنطلق المبدئي أن يزايد أو يكون ضد الاحتجاج المعقلن . في الواقع .. بعض متناضلي آخر لحظة أو "البيشمركة الجدد" ديال اليسار الحالم بثورة على قرقعة الكؤوس .. شتمونا و لم يحترموا الاختلاف و أوهموا الشباب بأن جزءا من الأحزاب الوطنية تلعب اللعبة المخزنية القذرة .. و هم بذلك سيفهم مع النظام و رجلهم مع الحركة .. يا سلام على التحليل .. لو كنا لا نعرفكم و لا نعرف كيف صنعتم و من أية ماسورة خرجتم للنضال المتراهق .. لكنا صدقناكم و صدقنا مقولاتكم الثورية .. من قبيل شعار إسقاط النظام وعصابة المنوني والكلام الجارح و التافه الذي تشحنون به رؤوس الشباب الغاضب .. و على أية حال يبقى هذا الشعار المنادي بدك الدولة و طرد الملكية مجرد شعار .. لحسن حظنا و سوء حظكم .. و إلا لكنا مشينا فيها..!!! حركة 20 فبراير في آسفي بالخصوص دعمناها منذ البداية، على أساس دفتر تحملات واضح متعاقد عليه ضمنيا و رمزيا .. حتى الشعارات محسوم فيها و إلا ماذا تفعل لجنة الدعم المكونة من عدة حساسيات سياسية .. مثلا حزب الطليعةأو الاتحاد الاشتراكي أو اليسار الاشتراكي غير متفقين على رفع شعار إسقاط النظام، من هذا الذكي الذي أوحى به .. المزايدات نتقنها و لا نمارسها لاعتبارات أخلاقية و سياسية محضة .. و بكل الصراحة الممكنة لو كانت الظروف و السياقات التي تقول بإضعاف النظام و إسقاطه موضوعية لانخرطنا فيها .. و جرب المناضلون في اليسار خصوصا هذا الكلام .. و هناك من صعد إلى الجبل و رفع السلاح على الحسن الثاني كما يعرف الذين قرأوا التاريخ المغربي .. أما اليوم .. الملك محمد السادس لا يجر وراءه أية جريرة .. صحيفته بيضاء .. مؤمن بالخيار الديمقراطي .. و لا يمكن في هذه الحالة أن نحاسبه على ما اقترف في زمن أبيه .. لأن الذنب لا يتعلق بذمتين كما يقول الفقهاء .. الرجل يشتغل بخلفية ديمقراطية حقيقية و بثقافة القرب .. المشكل ليس في المؤسسة الملكية .. بل في أصدقاء القسم و قلناها وقتها و إبانها .. في الوقت الذي كان هؤلاء الذين يشعلون الحرائق في آسفي و غيرها نائمون أو غارقون في سكرة الحياة أو الموت السياسي . في النتيجة .. في تاريخ الانتقالات الديمقراطية .. علمتنا التجارب و الكتابات الرصينة و الدراسات العميقة أن الانتقال لا يصنعه المتطرفون سواء من هذا الجانب أو ذاك .. و قد يحدث أن يلتقي الراديكاليون فيما بينهم بدون أن توحدهم أية خلفية إيديولوجية .. والهدف الجامع بينهم تصفية الأحقاد السياسية القديمة .. في ظرف وطني حساس .. السؤال هل هذا هو الموقف الوطني الصادق و الحقيقي الذي يتوجب تنزيله في مثل هذه الظروف التي يمر منها المغرب ..؟؟.. أكبر فاتورة أداء من القمع أداها الوطنيون .. وعندما كان يطلب منهم في عز الصراع مع الحسن الثاني إبداء موقف وطني يتعلق بالمغرب الذي نحب .. كانوا يستجيبون .. الخصومات في السياسة غير دائمة .. حنا ممدابزينش على كركور ديال الحجر أو أرض حراثية .. عبد الرحيم بوعبيد من السجن في ميسور إلى الدفاع عن القضية الوطنية والصحراء المغربية .. عبد الرحمن اليوسفي يجر وراءه خمس إعدامات ليس لأنه اسكوبار .. ولكن مناضل حقوقي وسياسي اختلف مع النظام المغربي وآمن بالمشروع الديمقراطي .. وعندما قال له الحسن الثاني إن البلاد تواجه السكتة القلبية .. استجاب بدون نقاش أو خلفية .. وتعرفون الحسن الثاني وما أدراك ما الحسن الثاني.. عندما تكلم عبد السلام ياسين عن طوفانه أرسله ل 36 .. والقصة يعرفها الجميع .. البلاد محتاجة إلى الهدوء وحتى إذا كانت هناك احتجاجات .. على العقلاء أن يؤطروها وابعادها عن التطرف والمسلكيات الصبيانية .. التي نرفض أن نساهم فيها أو نتبناها .. وهذا سر الانسحاب من حركة 20 فبراير على المستوى السياسي .. الذي لم يفهمه البعض وبدأ في اطلاق الأحكام الجاهزة والتخوين والبولسة .. وهي أمور لا ولن تحرك شعرة في مفرق الرأس .. كونوا على يقين .. والأيام بيننا .. سنرى عندما ينجلي الغبار ، أتحتكم فرس أم حمار ..أو ضبع وابن آوى .. بالمختصر المفيد .. يعرف بعض السياسيين في آسفي أن قدراتهم التنظيمية صفر على اليمين وعلى اليسار .. واختاروا الصفر الذي تريدون .. هذا مفروغ منه .. إحياء العظام وهي رميم أمر موكول لله الواحد القهار .. أما اللعب بالصبية والسذج على المستوى السياسي لتفريغهم في الهياكل التنظيمية المنتظرة .. أمر مشبوه وغير مقبول .. عظامكم نخرة وأفواهكم لم تعد تخرج الأصوات أو المواقف لأن التعبئة انتهت بحصول توافق عام في البلاد مند سنة 1998 .. ولم تخرجوا من جحوركم سوى في 20 فبراير .. أين كنتم عندما كانت معامل التصبير تصدر الطرد التعسفي وتشرد العوائل .. أين كنتم عندما كانت السلطة في آسفي تزور الانتخابات في قسم الشؤون العامة بالعمالة .. أين كنتم عندما كانت مافيا العقار والرمال والبرلمانيون التافهون والرؤساء المنبطحون على بطونهم لباشا أو قايد أو عامل .. ؟.. أقول لكم يا مناضلي الشعارات المختبئين وراء السؤال الحقوقي ولا حقوق .. والمتخفين وراء التياسر واليسراوية .. واللحية المزورة والدينار المنافق الذي ينهب الآن في البلدية باسم الإسلام .. جلكم اليوم اشتغل مع اليمين الفاسد .. وأنجز " ترقية اجتماعية" .. بالنضال الاسمي والواجهة ديال الفوحان .. نحن لم نأكل دلاحا ولا رمينا زريعة .. ومستعدون لأي نقاش حقيقي .. بيتنا من زجاج .. ليس لضعفه أو هشاشته .. ولكن لشفافيته ووضوحه العقلاني .. المتطرف في هؤلاء يعيش على الريع في البلدية وفي أماكن أخرى مثل النقابات ونيابة التعليم ووووو .. لأجل كل هذا .. شوية الحشمة .. على المرء أن يراعي .. بدل أن توجهوا الشباب لشعارات تخص النقاش النخبوي وهو تضييع للوقت .. وجهوهم للاحتجاج على مداخل الريع في هذه المدينة .. وعرابي الفساد .. والفاسدين من رجال السلطة الذين يستحقون المواجهة وبالرأس المرفوعة والعين في العين .. هكذا أفهم الاحتجاج وهكذا أفهم السياسة .. وهكذا أفهم دور اليسار وبقية الشلة في أية حساسية .. وإذا عدتم عدنا .. وهذه المرة بفتح الملفات الحقيقية لمناضلي الساعة 25.