حركات إسلامية أضواء على التجربة الإسلامية بالجزائر جبهة الإنقاذ الإسلامية نموذجا يحصل العجب بصدد مقاربة الحالة الإسلامية بالجزائر، فبالقدر الذي يقترب الجزائر من المغرب جغرافيا، يعم بالمقابل جهل بما يعتمل داخله من تيارات إسلامية قاومت الاستعمار وتوحدت لصد المشاريع العلمانية، ويعم الجهل أيضا بمكوناتها ومرجعيتها، والتي تشبه إلى حد ما واقع الحركة الإسلامية بالمغرب تبعا لتنوع في المرجعية ووسائل العمل والتغيير، وطغى زبد العلاقات السياسية المتشنجة بخصوص قضايا عالقة ليغطي على وحدة الدين واللغة والتاريخ المشترك في دحر المستعمر الفرنسي، وفي السياق نفسه لا ينسى المغاربة كتابات مالك بن نبي في الحضارة والنهضة وإسهامات ابن باديس والإبراهيمي وجمعية العلماء الجزائرية، والورقة الآتية تمهيد يمحي الأمية ويسلط الأضواءلجماعة اشتهرت بفعلها السياسي في الواقع الجزائري المعاصر وهي جبهة الإنقاذ الإسلامية. تاريخ الانبعاث الإسلامي بالجزائر يرتبط تأريخ العمل الإسلامي بالجزائر بدورالشيخ عبد الحميد بن باديس وجمعية العلماء المسلمين، والمفكر الكبير مالك بن نبي و بعث إشعاعات الصحوة الإسلامية في الجزائر، وساعدت إسهامات هؤلاء المفكرين والعلماء العلمية في ازدهار ونشاط العمل الإسلامي في السبعينات مما أدّى إلى تشكل جيل رسالي يؤمن بضرورة بعث الحياة الإسلامية من جديد على أسس إسلامية في مواجهة الفكر التغريبي الذي كانت تتبناه الفئة الحاكمة المدعومة من الجيش. ويبن الشيخ العلامة البشير الإبراهيمي طبيعة الإسلام بالجزائر: الإسلام في الجزائر كالإسلام في غيرها من أوطانه، فإذا اختلفت على هذه الأوطان ألوان من الإدارة والحكم، أو تعاورتها أطوار من الفساد والصلاح فالإسلام في جميعها واحد، يعلو اسمه بعلو المسلمين وينحط بانحطاطهم وتقوى آثاره بقوة فهم المسلمين له وإقامتهم لشعائره ووقوفهم عند حدوده، وتضعف حين يبعدون عن هدايته، أما حقائقه العليا فهي قائمة بقيام القرآن، ثابتة بثبوته، موجودة بوجوده. إلا أن خلافا سيظهر بين طوائف العمل الإسلامي في الجزائر في فترة السبعينات، رغم أن بعض المتتبعين يقرر أنّ هذا الخلاف بقي هامشيا مع إصرار هذه الطوائف على تجاوزه، وقد اختارت بعض الحركات الإسلامية خيار المواجهة المباشرة مع الحكم في البداية، كما فعل محفوظ النحناح -رحمه الله- الذي أسس عام 1976 جماعة الموحدين، وبعث برسالة شديدة اللهجة إلى بومدين بعنوان إلى أين يا بومدين ؟ ، اقتيد على أثرها إلى السجن، وقبل ذلك أسس الشيخ البشير الإبراهيمي جمعية القيم إلاّ أنّ السلطة أغلقتها ووضعت المؤسس تحت الإقامة الجبرية حتى توفي. وشهد العمل الإسلامي في بدايات الثمانينات دفعا حيويا وازديادا ملحوظا، واحتضنت الجامعة المركزية بالعاصمة الجزائرية عام ,1982 اجتماعا لعدد كبير من الدعاة المعروفين وجهوا من خلاله رسالة إلى الرئيس الجزائري بن جديد، أدّت بعدد كبير منهم إلى غياهب السجن. العمل الإسلامي بالجزائر وتأثير السياسة بيد أنّ العمل الإسلامي انتقل إلى مرحلة جديدة مختلفة في طبيعتها مع ظهور إرهاصات الانتخابات النيابية بعد وصول النظام إلى طريق مسدود من خلال السياسات التي كان يتبنّاها وأوصلت البلاد إلى أزمات اقتصادية وسياسية خانقة، هذه الإرهاصات والتحولات السياسية ومناهج التعامل معها أنتجت عدة حركات إسلامية تباينت في تقرير كيفية ووجهة التعامل مع الواقع الجديد، إذ ظهرت جمعية الإرشاد والإصلاح الواجهة لجماعة الإخوان المسلمون عام ,1989 وكذلك الجبهة الإسلامية للإنقاذ في نفس العام، وتم الإعلان عن تأسيس رابطة الدعوة الإسلاميّة بقيادة أحمد سحنون إلاّ تسارع الأحداث دفعت الشخصيات الاسلامية التي رفضت في البداية ما تعتبره تحزيب المشروع الاسلامي إلى تغييرات جوهرية في مواقفها، فأسس عبد الله جاب الله حركة النهضة الاسلامية في صيف 1990 وأسس الشيخ محفوظ نحناح رحمه اللهحركة المجتمع الاسلامي ( حماس ) في 26 دجنبر من العام نفسه وأصبحت منذ عام 1997 حركة مجتمع السلم بعد صدور قانون يمنع نسبة الأحزاب للإسلام باعتباره دين الدولة. فانتهت بصفة عملية رابطة الدعوة الاسلامية لتفتح المجال أمام صراعات حادة وعنيفة بين الأحزاب الثلاثة. تأسيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية حمل توحد الخطاب وغاية مكونات العمل الإسلامي الجزائري للعمل على قيام الدولة الاسلامية،إلا أن اختلاف التصور بخصوص الأساليب التي من شأنها تجسيد هذه الغاية ظل قائما، وتكرس بشكل جلي عندما أعلن قادة من رابطة الدعوة الإسلامية يوم 18 مارس 1989 عن تأسيس أول حزب إسلامي في الجزائر باسمالجبهة الاسلامية للانقاذ يقوده خبير علم النفس التربوي عباسي مدني وهو أستاذ بجامعة الجزائروالشاب علي بلحاج الأستاذ بالمدرسة الاعدادية. وفي يوم وصفه المؤسسون بالتاريخي وشبهوه بيوم اندلاع ثورة نونبر التي حررت البلاد من الاستعمار، قام الشيخ عبد القادر صحراوي أمام آلاف احتشدوا داخل وخارج مسجد ابن باديس بالقبة وقرأ بيان تأسيس أول حزب إسلامي في تاريخ الجزائر، وكان معه جميع المؤسسين: عباسي مدني وعلي بلحاج والهاشمي سحنوني والعقيد المتقاعد محمدي السعيد والصحفي عثمان أمقران ومحمد إمام وبشير فقيه وأحمد مراني وعلي جدي وعبد القادر بوخمخم وكمال قمازي وعبد القادر حشاني وغيرهم ممن شاركوا في المبادرة. وذكّر المتحدث بأسماء أعضاء القيادة، وبالمبادئ العامة للحزب الإسلامي الجديد وجاء في البيان أن الغرض هو قيام شرع الله على أرض الجزائر المجاهدة. ودعا البيان الجزائريين للالتحاق بالجبهة وتعزيز صفوفها حتى تكون قادرة على أداء دورها وإحداث التغيير، وحين كان عبد القادر صحراوي يلقي كلمته كانت آلاف المساجد في الجزائر تنتشي بميلاد الحزب المنقذ كما تمت تسميته. وقبل هذا التاريخ كانت عدة اجتماعات شبه سرية قد عقدت بين الجماعة المبادرة في بيوت بعض القيادات بالتداول كان آخرها في بيت بن عزوز زبدة الذي أصبح فيما بعد مديرا تنفيذيا لجريدة المنقذ لسان حال الجبهة، وفيه تم الحسم في التسمية وموعد التأسيس الرسمي. ولئن جاء إعلان قيام الجبهة الاسلامية للإنقاذ في ذلك الوقت قد فاجأ الكثيرين كونه جاء مبكرا بعد مضي أقل من شهر عن الاستفتاء العام حول الدستور الجديد الذي كرس التعددية السياسية لأول مرة في تاريخ الجزائر المستقلة، فإنه كان منتظرا لدى قطاع واسع من المتتبعين لتطورات الوضع بتعديل المادة 40 من مشروع الدستور التي تضع شروطا على قيام الأحزاب السياسية من بينها أن لا تكون جهوية أو طائفية أو دينية، وسيتم التخلي عن الشروط المذكورة، وسمحت بذلك بتكوين أحزاب إسلامية. ويرى أتباع التيار الإسلامي أن الدستور الذي ينص على منع تأسيس أحزاب على أساس ديني يفترض أن يمنع أيضا قيام أحزاب على أسس منافية للدين كالأحزاب الشيوعية والعلمانية، وهو ما يراه المشرعون شرطا تعجيزيا كونه ينسف مشروع التعددية بالكامل. وفي أكتوبر 1989 أسست جبهة الإنقاذ جريدة أسبوعية باسم المنقذ على أن تتحول بعد مدة إلى يومية، وكانت أول صحيفة غير حكومية تطبع بمطابع الدولة. وأقدمت قيادة الإنقاذ على خطوة جريئة تمثلت في إنشاء جيش إسلامي سمي بالشرطة الإسلامية، والتي كانت تقوم بدور مواز لأجهزة الأمن الرسمية، وتتكون من مجموعات من الشباب تسهر على تنبيه الناس إلى تجنب الممارسات المخلة بالشرع، وكان يقود الشرطة الإسلامية عضو بارز في الهيئة القيادية هو الهاشمي سحنوني الذي ينحدر من نفس منطقة الزيبان شرق الجزائر وهي نفسها التي ينحدر منها كل من عباسي مدني وعلي بلحاج. جدل إسلامي لمنهج التغيير كان ميلاد جبهة الإنقاذ مبررا لانطلاق جدل غير مسبوق بين فريقين مختلفين في النظرة إلى طرق بناء الدولة الاسلامية، ولم يبق هذا الجدل في مستوى تلك النخبة من المنظرين والدعاة فحسب بل نزل إلى العامة وصار الحدث موضوع الخطب في المساجد، وحشد كل طرف مبررات لا حصر لها لتعزيز موقفه، واتهم خصوم جبهة الانقاذ من الإسلاميين عباسي وبلحاج ومن معهما بالتسرع واستعجال ما لا يمكن استعجاله، وردد الشيخ أحمد سحنون ومحفوظ نحناح في عشرات المناسبات بأن قيام نظام على أسس الشرع الرباني لا يأتي بالقوة كما لا يأتي دفعة واحدة، ولابد من تعزيز العمل الدعوي ليتحول المجتمع تلقائيا إلى النظام الاسلامي، بتوسيع القناعات وتحقيق الغلبة في المجتمع وليس على أساس مواجهة هيئات السلطة القائمة. ويعتقد هذا التيار أن الدخول في المعارك السياسية بهذه السرعة يعطل المشروع الاسلامي بشكل أو بآخر وحذر من خطر الفعل الاستعراضي الذي يحول القيادات إلى مجرد ناطقين باسم شارع غير منظم وغير واع ومغامر، وعارض نحناح فكرة السقوط فيما اعتبره فخ المشاركة في صياغة الدستور، قائلا: دعوهم يصيغون دستورهم كما شاؤوا فعملنا سيوفر الشروط ليس لتغيير مادة من المواد ولكن لصياغة الدستور الاسلامي لنظام جديد، لكن مؤسسي جبهة الانقاذ قدموا حججا أخرى لمشروعهم، ويعتقدون بأن ظروف التغيير قد تهيأت بالفعل، ويرى محمدي السعيد وهو أيضا من مؤسسي الجبهة الاسلامية أن التغيير حتمي وإن لم يكن إسلاميا فسيكون يساريا علمانيا وبمساعدة أجنبية وهذا يعطل قيام المشروع الاسلامي، وأصبح الحديث لأول مرة قائما عن انقسام التيار الإسلامي إلى معسكرين متخاصمين، يقود أولهما عباسي مدني وعلي بلحاج ويقود الثاني محفوظ نحناح ومحمد أبو سليماني الذي تم اغتياله عام ,1994 أما عبد الله جاب الله رئيس حركة الاصلاح الوطني، فقد شارك في جميع المساعي والاجتماعات التي سبقت الإعلان عن تأسيس الجبهة لكنه انسحب في آخر لحظة. وانقسم العلمانيون حول موضوع السماح للتيار الاسلامي بتشكيل أحزاب إسلامية، فقد رأى البعض منهم أن تشكيل مثل هذه التنظيمات يكرس التعددية في داخل التيار الإسلامي ويزج به في عالم التناقضات الذي لا ينتهي مما يزيد من الانشقاقات داخله ويدفع بالتالي إلى ضعفه، فيما يرى آخرون أن الإسلاميين مهما بلغ الخلاف بينهم سيتحدون ضد خصم مشترك هو المجتمع الذي تسيره القوانين الوضعية وسيلتفون كلهم حول مسعى لإقامة دولة تسيرها الشريعة. لكن الغالب أن العلمانيين بهتوا أمام اتفاق الإسلاميين حول المشروع الواحد رغم اختلاف الوسائل، ولم يستطيعوا مقاومة الأمر الواقع. إلغاء التعددية وبداية الصراعات الدموية ساهم الرئيس الشاذلي بنجديد في إتاحة هامش التعددية بقيامه بإصلاحات اقتصادية ودمقرطة للحياة السياسية، وإقرار حرية الصحافة والترخيص بإنشاء جمعيات ذات طابع سياسي وولادة عدة أحزاب سياسية. هذا الانفتاح، ستستفيد منه بشكل خاص الحركات الإسلامية وتحديدا جبهة الإنقاذ الإسلامية والتي ستصبح الحزب السياسي الأقوى في البلاد. واستطاعت الجبهة الإسلامية للإنقاذ اجتياح الانتخابات البلدية، تلا ذلك نقاش موسع بينها وبين السلطة عام 1990 حول قانون الانتخابات الذي أعدته السلطة لتفادي فوز متوقع للجبهة بمقاعد البرلمان. وجاء الإضراب العام في ماي 1991 ليمنح الفرصة للجيش لكي يصفي أول حساباته مع جبهة الإنقاذ في مواجهات دامية، ستتوج بإعلان حالة طوارئ واعتقال قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ. بعدما منحت الانتخابات في دورها الأول في 26 دجنبر1991 فوزا كبيرا ل الفيس (اختصار جبهة الإنقاذ الإسلامي باللغة الفرنسية)،كسبت جبهة الإنقاذ مؤيدين وأنصار داخل مختلف أجهزة الحكم بما في ذلك المؤسسة العسكرية، واقتنع بها عشرات من الضباط من رتب العقيد والرائد والنقيب وغيرها، وحتى بعض الجنرالات أصبحوا يرون في الإنقاذ سلطة المستقبل التي يجب التكيف للتعامل معها، ومن منطلق ضرورة التكيف هذا صرح الرئيس الشاذلي بن جديد في دجنبر ,1991 قبل أيام من الانتخابات البرلمانية الملغاة بأنه مستعد للتعايش مع حكومة إسلامية قد تفرزها الانتخابات، وتحدث عن إمكانية استنساخ التجربة الفرنسية حيث كان فرانسوا ميتران الاشتراكي رئيسا والحكومة يمينية. الشيء الذي أثار عدة مخاوف لدى جنرالات الجيش، مستحضرين أمام أعينهم تجربة الثورة الإيرانية، مما أدى إلى الإسراع بسد الطريق أمام إجراء انتخابات الدور الثاني، بالرغم من الوعد الذي قدمته جبهة الإنقاذ الإسلامية باحترامها للحريات العامة في حالة وصولها للحكم. وتم الانقلاب على التعددية لجوء الشاذلي بنجديد إلى الاستقالة في الحادي عشر من نونبر ,1992 و ألغى الجنرال خالد نزار انتخابات الدور الثاني، معلنا عن استحالة مواصلة المسلسل الانتخابي، بحجة استقالة رئيس الجمهورية. وزكت الصحافة الجزائرية الفتنة والانقلاب على مسار التعددية، وهكذا شاركت النظام الجزائري مخاوفه عندما دعت في عناوينها الكبرى إلى قطع الطريق على الإسلاميين، فصحيفة الوطن كتبت لا للدور الثاني وفعلت الشيء نفسه صحيفة لوماتان وصحف أخرى. وبعد ورغم أن السلطات الجزائرية قامت بخطوة نوعية مشروطة بإطلاق زعيمي الجبهة الإسلامية أخيرا إلا أن الوضع الجزائري يبقى غائما وحابلا بالتغيرات السريعة المتلاحقة، جعلت من الشعب الجزائري لا يهتم بتغير الرؤساء بقدر ما يبقى منتظرا لخطوات جريئة للمصالحة مع دينه وتاريخه، وتدعيم خط المصالحة والمراجعة، خاصة وأن بلاد المليون والنصف مليون شهيد التي قهرت المستعمر قادرة مرة أخرى على تجاوز كل المحن. يتبع من هو عباس مدني؟ ولد الشيخ عباسي مدني في 1931 في سيدي عقبة (الجنوب الشرقي الجزائري) وتخرج أستاذا في علم النفس والتربية من جامعة الجزائر، وترأس التيار الإسلامي في الجزائر إثر اضطرابات أكتوبر 1988 الدامية ثم لدى الاعتراف الرسمي بالجبهة الاسلامية للانقاذ في شتنبر .1989 واعتقل عباسي مدني في 29 يونيو 1991 في العاصمة بعد خمسة أسابيع من المسيرات والتظاهرات ضد السلطة للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مسبقة. ومنذ ذلك التاريخ منع عباسي مدني من ممارسة أي نشاط سياسي بعد أن وجه رسالة إلى الأممالمتحدة أعلن فيها أنه مستعد لإصدار نداء لوقف إطلاق النار في الجزائر. وقد بدأ عباسي مدني ممارسة العمل السياسي منذ 1940 في الحركة الوطنية الجزائرية في عهد الاستعمار واعتقلته الشرطة الفرنسية في 1954 عندما أقدم على تنفيذ عملية فدائية ضد إذاعة الجزائر. وبقي في السجن السنوات السبع (1962/1954) التي استغرقتها حرب التحرير. ومنذ 1982 أصبح ناشطا من أجل قيام دولة إسلامية. وقد أعلن في أكتوبر 1988 تأسيس الجبهة الإسلامية. وعلى الرغم من اعتقال زعيميها الشيخ مداني ونائبه بلحاج فازت الجبهة الاسلامية للانقاذ بالجولة الأولى من الانتخابات التشريعية التي جرت في 21 دجنبر .1991 من هو علي بلحاج؟ علي بلحاج (47 عاما) الرجل الثاني في الجبهة الاسلامية للإنقاذ الذي أفرج عنه أخيرا بعد أن أمضى عقوبة بالسجن 12 عاما بتهمة المس بامن الدولة، من أبرز الشخصيات الإسلامية في الجزائر. واعتقل علي بلحاج وهو أحد مؤسسي الجبهة في فبراير ,1989 وفي يونيو 1991 وأصدرت في حقه المحكمة العسكرية في البليدة (50 كلم جنوب العاصمة) في 15 يوليوز 1992 حكما بالسجن 12 سنة بتهمة التآمر المسلح ضد الدولة، وشغل الأستاذ بالمدرسة الإعدادية. وتتلمذ بلحاج على الشيخ عبد اللطيف سلطاني الذي كان يعتبر من أول الاسلاميين الجزائريين (توفي في 1984)، وبدأ يبرز خلال 1980 في شخصية داعية يرفض كل التنازلات في دعوته إلى قيام دولة إسلامية متشددة تقوم على الشريعة. وبدأ بلحاج الذي اعتقل منذ 1981 يخطب في مساجد العاصمة الجزائرية حيث انبثق التيار الإسلامي، فاعتقل مجددا في 1983 وتعرض إلى التعذيب قبل أن يوضع قيد الإقامة الجبرية في ورقلة بالصحراء الجزائرية. وتبلورت شخصية بلحاج في الواجهة السياسية خلال اضطرابات أكتوبر 1988 عندما دعا، بعد عودة الهدوء الى العاصمة التي تعرضت إلى أعمال نهب، إلى تظاهرة حاشدة في العاشر من أكتوبر. ولكن خلال حرب الخليج (1991) استقبل الرئيس الشاذلي بن جديد ثم وزير الدفاع اللواء خالد نزار بلحاج خلال تظاهرة ارتدى فيها الزي العسكري ودعا فيها إلى التعبئة العامة للتضامن مع العراق. من بيانات الجبهة الإسلامية للإنقاذ الداعمة للسلم وتجنب العنف يضم موقع جبهة الإنقاذ الإسلامية الجزائرية مجموعة من البيانات تبين مواقف الجبهة من مجمل القضايا الوطنية والدولية، حول زلزال الجزائر وغزو أمريكا وحلفائه للعراق، والبيان التالي يوضح أسلوب الجماعة في النظر إلى الوضع الداخلي ويبرز برنامج عملها الذي حاولت بعض الجهات وسمه بالعنف. قال تعالى: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر، فإذا عزمت فتوكل على الله، إن الله يحب المتوكلين}. مع إطلالة الفاتح من نونبر المجيدة، يذكرنا التاريخ أن الشعب الجزائري المسلم قد بنى للأمة الإسلامية بجهاده التحرري من الاستعمار الفرنسي رصيدا في العزة والكرامة، مسهما في صحوة ضمير الأمة والعودة إلى الذات، وأقرب صفحة خلدها هذا الشعب، منذ الاستقلال هي تلك الوقفة الجماعية التاريخية التي عبر من خلالها عن إرادته الحرة مرتين في الانتخابات التعددية التي فازت فيها جبهته الإسلامية بجل المقاعد المحلية والبرلمانية في بداية التسعينيات. وتزامنا مع هذه الذكرى الغالية، والتزاما بقرارات مؤتمر الشهيد حشاني ونصوص الجبهة الإسلامية للإنقاذ، فقد تمت بحمد الله وتيسيره عملية تعيين أعضاء المكتب التنفيذي الوطني الذي يجعل من أولويات نشاطه في المرحلة المقبلة - بحوله تعالى - المهام التالية: العمل من أجل إزالة أسباب الاقتتال ووقف نزيف الدم الجزائري، وعودة الأمن في إطار العدل والشرعية، العمل من أجل حل عادل ومقنع لقضية المفقودين والتقرب والتكفل بضحايا الانقلابيين ومدهم بالدعم المادي والمعنوي. العمل من أجل إطلاق سراح المسجونين ظلما وعدوانا وعلى رأسهم الشيخان عباسي وبن حاج، العمل من أجل عودة الجبهة الإسلامية إلى نشاطها في العلنية والشرعية كحزب سياسي معترف به العمل على فضح الانقلابيين والمتابعة القضائية للمجرمين منهم. العمل على رص صفوف الجبهة الإسلامية وبعث عملها بطرق منظمة وفعالة، واستنفار كل الطاقات، وفق النصوص المعتمدة. وفي هذا الإطار تم على بركة الله تكليف الإخوة التالية أسماؤهم: دائرة التنظيم : الأخ محمد الأخضر شوشان دائرة العلاقات الخارجية : الأخ عبد الحميد فنغور دائرة حقوق الإنسان: الأخ أحمد سي مزراق دائرة التكوين : الأخ عبد الحميد علي عمار دائرة الشؤون الاجتماعية وتضميد الجراح: الأخ إبراهيم فيلالي دائرة الإعلام : الأخ محمد مصطفى حابس كما عين الأخوان عبد الله بن نعوم وأنور نصر الدين هدام مستشارين لدى المكتب التنفيذي الوطني. واليوم هاهي محطة مفصلية جديدة وفرصة تاريخية أخرى في طريق إعادة بعث عمل الجبهة الإسلامية للإنقاذ من أجل رفع التحدي والمساهمة في إخراج البلاد من الغثائية والتبعية، وإنقاذ الأمة من سياسية الغدر المقننة، ولا يتأتّى ذلك إلاّ بشروط، منها وحدة الصف لأنها مطلب شرعي، ورفع الهمة والخطاب إلى المستوى المطلوب. وستظل الجبهة الإسلامية للإنقاذ مرحبة بكل أبنائها وأنصارها والشعب الجزائري عموما، فاتحة المجال لكل مسعى خير يخدم مصلحة أمتنا، عملا بقوله تعالى : {وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين}. وفي الختام ندعو الله أن يوفقنا جميعا لما فيه خير العباد والبلاد، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون}. 26 شعبان 1423ه/ الموافق لأول نوفمبر 2002 الجبهة الإسلامية للإنقاذ / المكتب التنفيذي الوطني مسؤول المكتب التنفيذي الوطني بالنيابة: مراد دهينة نداء علماء الأمة لدعم الهدنة والتصالح في الجزائر وجه علماء ومفكرون مسلمون من أقطار إسلامية متعددة نداء يثمنون فيه مبادرة الجبهة الإسلامية للإنقاذ لوقف نزيف الدماء تحت عنوان:دعما للهدنة والتصالح في الجزائر . وفي ما يلي نص النداء: بسم الله الرحمن الرحيم دعما للهدنة والتصالح في الجزائريعتبر الموقعون على هذا النداء من العلماء والمفكرين المسلمين الهدنة التي أعلنها منذ أكثر من سنة الجيش الإسلامي للإنقاذ ووجدت القبول الحسن من طرف قيادة الجيش الوطني الشعبي وكذا من طرف القيادة السياسية للجبهة وعلى رأسها الشيخ عباسي مدني، عملا صالحا وموقفا وطنيا جريئا كان له إسهام معتبر في خفض معدلات القتل والدمار والإنتهاكات الواسعة للحرمات . و إذ نبارك هذا المسعى الإسلامي الوطني النبيل، ندعو كل الجماعات المسلحة إلى الدخول مع جيش الإنقاذ في هذه الهدنة والمصالحة الشاملة حقنا للدماء وتفويتا على أعداء الإسلام لفرصة التمادي في تشويهه، نذكر بعصمة الإسلام للدماء والأموال والأعراض وتوعد منتهكيها بأشد العذاب (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) النساء 59. وهذا رسول الله يوصي الأمة وهو يودعها: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا (رواه البخاري) كما نذكر بأن علماء الإسلام قد أجمعوا على أن تكفير المسلم بله اتهام جمهور المسلمين بالخروج عن الإسلام من أعظم الموبقات لما يترتب عليها من فساد عريض، كما فعل الخوارج، مع تشديد النبي صلى الله عليه وسلم في التحذير من ذلك. كما ورد في الصحيح: من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما (رواه أحمد) وقال سباب المسلم فسوق وقتاله كفر (رواه البخاري) . وكان حرص الإسلام حتى في حربه مع أعدائه عظيما على صياتة دماء غير المقاتلين من النساء والذرية والشيوخ فما بال أقوام مغرورين تستزلهم فتأوي جاهلة مضللة فتوقعهم في موبقات الخوارج وأشد، مقدمين ستارا لأعداء الإسلام تشويها لصورته وانتقاما من أهله. ندعو كل القوى الوطنية والإسلامية في السلطة والمعارضة وكذا كل القوى المحبة للعدل والسلم أن لا تدخر وسعا لدعم الهدنة ومسار التصالح في الجزائر بما يرأب الصدع ويكفكف الدموع ويحقن الدماء ويضمد الجراح ويفشي الأمن والسلام. كما ندعو السلطة الجزائرية إلى ترجمة الهدنة سياسيا بإرساء أسس المصالحة الوطنية الشاملة حتى تستأنف الجزائر مسيرتها التنموية وريادتها في المنطقة التي أهلتها لها تضحياتها الجسام من أجل الحرية و الإسلام . الموقعون : كان من الأسماء العلمية المغربية الموقعة على النداء: الشيخ عبد السلام ياسين رئيس جماعة العدل والإحسان،الدكتور أحمد الريسوني الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، والدكتور عبد السلام الهراس،أستاذ جامعي، والدكتورعبد السلام البلاجي مفكر إسلامي، بالإضافة إلى الأسماء المشهود لها بالعلم والفكر وهم: الشيخ مصطفى مشهور، رحمه الله، المرشد العام الإخوان المسلمين الأستاذ غلام أعظم أمير الجماعة الإسلامية ببنغلاديش الشيخ يوسف القرضاوي رئيس قسم بحوث السنة بجامعة قطر الشيخ أحمد ياسين الزعيم الروحي لحركة المقاومة الإسلامية حماس الشيخ قاضي حسين أمير الجماعة الإسلامية بباكستان الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة بتونس الشيخ فاضل نور رئيس الحزب الإسلامي بماليزيا الشيخ فيصل مولوي أمين عام الجماعة الإسلامية بلبنان الشيخ عبد الله جاب الله رئيس حركة النهضة الجزائرية الشيخ زهير الشاويش مدير المكتب الإسلامي الدكتور أسامة التكريتي رئيس الحزب الإسلامي بالعراق الأستاذ أحمد الراوي رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية بأوروبا السيد محمد بحر العلوم أمين عام مركز أهل البيت الإسلامي الدكتور جاسم بن محمد بن المهلهل الياسين رئيس الحركة الدستورية بالكويت الدكتور كمال الهلباوي رئيس الرابطة الإسلامية في بريطانيا الدكتور طه جابر العلواني رئيس الجامعة الإسلامية للعلوم الإنسانية في أمريكا المحامي الدكتور سليم العوا مفكر إسلامي مصر الأستاذ منير شفيق مفكر إسلامي الشيخ عصام العطار رئيس المركز الإسلامي بآخن ألمانيا الدكتور عزام التميمي رئيس منظمة ليبرتي الدكتور الشيخ فؤاد البرازي مفكر إسلامي الدكتور عصام البشير عضو البرلمان السوداني ومن مجمع الإفتاء الأوروبي الشيوخ: عبد الرحيم الطويل وعلي يوكسال وإسماعيل كوشولوي ومحمد مجاهد.