تدبير الشأن التعليمي محليا أو:سذاجة التدبير المحلي بين مخالب الثغرات القانونية وحربائية المصالح الأكاديمية وجبن أو انخداع المصالح المركزية بقلم د.عبد الله إكرامن – باحث في علوم التربية واليداكتيك على سبيل البدء:كبش وأكباش الفداء بغض النظر عن الأصول اللاهوتية(علم اللاهوت (théologie )لعبارة كبش الفداء فإنها في الاستعمال اليومي تشير لذلك الشخص أو الأشخاص الدين يختارون من طرف جماعة لتحميلهم مسئولية نتائج سلوك تود الجماعة التنصل من مسئوليتها فيه،ويكون الشخص هذا أو الأشخاص عرضة لعقوبات معينة،والمقدمون أكباش فداء ليسوا بالضرورة المسئولين الوحيدين عما عوقبوا عنه بسببه،وقد لا تكون لهم أية مسئولية فيه بالمطلق،وإنما هم فقط بمثابة قرابين تكفيرية ...فكبش الفداء في الغالب عبارة تشير لمن نحمله مسئولية فشل،حصوله، تعود فيه المسئولية لمسئولين آخرين.وللتدقيق أكثر،فإن هرم المسئولية،في أي قطاع من القطاعات يلجأ لميكانيزم بدائي( كبش الفداء إجراء بدائي )بغاية التنصل من إجراء التحريات الضرورية،وإلقاء الأسئلة الصحيحة للوصول لحقائق،هم يعلمون أنها ستورطهم هم أنفسهم بالضرورة . تدبير الشأن التعليمي محليا :نيابة آسفي نموذجا ونحن على أبواب سنة دراسية جديدة،بنيابتنا هذه،واعتبارا لما ميز نهاية الموسم الدراسي الأخير من احتقان نتيجته ما كان حصل،فإن متتبع الشأن التعليمي بنيابة آسفي،لا يمكن إلا أن يستغرب للعدد الكبير من المسئولين عن تدبير الشأن التعليمي بها ( نواب-رؤساء مصالح-مديرون)الذين تم إعفاؤهم من مهامهم-خلال عملهم داخل نيابة آسفي أو مباشرة بعد انتقال- خلال العقدين الأخيرين-. طبق عليهم مبدأ قوات المار ينز الأمريكية:ليس هناك فريق فاشل بل ثمة فقط مسئول فاشل- ،وكانت إعفاءات من مهام ، لأسباب تظل مجهولة بالتدقيق-اللهم ما يمكن أن يدرج تحت العبارة السيئة الذكر :إنه صدر عنه ما من شأنه-،فالمصالح المركزية لا تحمل نفسها عناء التبرير لأي كان،وقد يكون هذا حقها،ولكن هل من حقها أن تترك التبريرات والشائعات تتناسل،ولا أحد يمكن أن يجزم بصدق ما يتداول؟وهل في صالح الشأن التعليمي التكتم على اختلالات مفترضة وأسبابها ومسبباتها ومسببيها؟،وهل ثمة ما يبرهن على أن المصالح المركزية التي وحدها لها صلاحية الإعفاء من المهام،قد درست الملفات بعناية أخذ فيها بالاعتبار مسؤوليات كل الشركاء :المسئول الجهوي الأول وكل مصالحه-النائب-رؤساء كل المصالح-كل الإداريين-الأساتذة-كل الشركاء الاجتماعيين(النقابات-جمعيات الآباء ..وغيرها)الخ...؟ عن التراتبية والمسؤولية: يمكن مزاولة مسؤولية في تسلسل إداري(في المجال التعليمي بالخصوص) بطرق متعددة،فالأمر يتعلق بطبيعة أسلوب التدبير المعتمد:حيث يمكن أن يكون ديموقراطيا،توجيهيا،سلطويا،معتمدا الرقابة،وقد يكون قمعيا،ونادرا ،ما يكون بيداغوجيا،وأفضل أساليب ممارسة هذه المسؤولية داخل تسلسل إداري،هي ما اعتمد فيها مختلف الأطراف داخل هذا التراتب،على التشاور والتشارك والتعاون.وإنجاز مهام المسؤولية داخل التسلسل الإداري هو بمثابة خدمات تقدم للقطاع المعني،ولا يجب بأي حال من الأحوال أن تكون وسيلة لمصالح ذاتية،ولا وسيلة سلطوية...الأمر كله مرتبط بطبيعة الشخص الذي يزاول هذه المسؤولية،وبسمو أخلاقه...والأمر سيان كيفما كانت الرتبة التي من خلالها تزاول هده المسؤولية،وإذا أردنا أن نربط الأمر بتدبير الشأن التعليمي،فإن الأمر سيان بالنسبة للوزير كما بالنسبة لمسئولي المصالح الجهوية،والمصالح النيابية المحلية...عمليا من الوزير ،إلى المنظف،مرورا بكل الهيآت،مرورا بالشركاء الاجتماعيين،وبشكل خاص النقابات، ثمة تراتبية...وثمة مسؤولية.ولأن كل ما هو نسقي- systémique- يقتضي عمل كل الأطراف المكونة له بتناغم،ولأن مسؤوليات التدبير هي نسق-système - مكوناته كل الشركاء...فإنه يستحيل ألا يكون لكل مكون نصيبه من المسؤولية...وبالتالي نصيبه من الجزاء مسؤوليات التدبير باعتبارها نسق: مسؤوليات التدبير باعتبارها نسق،مفروض فيها أن تخلق نظاما تشاركيا بين مختلف الأطراف،بغاية ضمان تدبير محكم ومعقلن،يخول لكل الأطراف الإسهام في تحقيق المردودية المرجوة.ولأن الإخلال بالمسئوليات يعرض لتدابير زجرية تستمد عموما من مختلف القوانين والتشريعات المعمول بها وتكون سندا لها،فإنه تظهر بين الفينة والأخرى ثغرات قانونية يفترض تدخل القانونيين باجتهاداتهم لتجاوزها والاقتراب ما أمكن من العدالة –المثالية- .منذ عقود من الزمن طرح لفرنسا-ونحن نستمد منها الكثير- إشكال من هدا القبيل عندما تبين لها أن قوانينها تعتبر في وقوع الخلل:، المتواطئ، والمشارك، والضالع، والمساعد، والمسهل،وكل الألفاظ المؤدية لمعنى الإسهام-تعتبر هؤلاء أحد الأمرين:-1-إنها:تنزع المسئولية عنهم وتلصقها فقط بمن يتبين لها أنه المسئول الرئيسي-2-إنها تعتبرهم مذنبين بنفس درجة ذنب من يعتبر افتراضا الفاعل الرئيسي(ما يعني -مثلا- أن من تمت التضحية بهم لتسوية مشكل التجاوزات المرتبطة بالحركة الانتقالية الأخيرة بنيابة آسفي،وكل القضايا قبلها،لا يمكن ألا يكون ضالعون فلتوا بجلدهم،ساعدهم في ذلك حربائية وجبن وانخداع أطراف آخرون بيدهم العقد والحل) ... نتيجة للإشكال القانوني السابق الذكر إذن، فإنه في حالة عدم الاحتكام لنصوص قانونية واضحة،تفصل بين درجات المسئولية في ما حصل من تجاوزات مفترضة،وإصدار زجر ما، يلائم درجات التواطؤ،فإن النتيجة ضربة موجعة للمؤسسة،وما ينتج عن ذلك من فقدان القطاع لمصداقيته،بل وما قد يحصل من قلاقل،خاصة عندما يتأكد للرأي العام بأن القانون كُيف و تم تأويله بشكل فاضح لإمكانية الإفلات من العقاب،أوقد تصدر نتيجة له إدانة صارمة مبالغ فيها.وما حصل ويحصل في كل الإجراءات التأديبية ضد مسئولين مذنبين مفترضين بنيابة آسفي هو الأمران معا....فالعقاب صارم،كما أن الإفلات الفاضح واضح للعيان.وربما يكون مفيدا التذكير بأن القانون الفرنسي طرح له إشكال مسألة الضالع والمشارك في اختلالات ما كما سبق ،وعالج الأمر بإصداره سنة 1915 قانون 22 ماي والذي بموجبه تم التحديد الدقيق لملامح من يمكن اعتباره مسئولا رئيسيا ،وملامح من يمكن إدخالهم داخل خانة الضالعين والمشاركين والمتواطئين الخ...إن القانون في مفهومه العادي جدا،هو مجموعة قواعد ومعايير تحدد العلاقات بين الناس داخل المجتمع،فالقانون بهذا المفهوم هو قبل كل شيء حالة مجتمعية،ويجمع علماء الاجتماع على أن وجود المعايير المتفق عليها،هو ما يخول تحديدا حصول التناغم داخل المجتمع،وكي يحصل هدا التناغم فإن الشرط الأساس :هو ألا نفعل الأمور وفق الأهواء أو مسايرة الضغوطات أو أي شيء خارج المعايير...أي خارج القانون. على سبيل الختم:مفارقات صادمة المهتمون بتدبير الشأن التعليمي وطنيا وجهويا ومحليا ،يقفون عند مفارقات صادمة:إن مختلف الاختلالات التي تسجل هنا وهناك،وتكون محط تحريات من طرف لجان،...وبالرغم من أن الاختلالات المعنية تكون نتيجة تدبير شركاء (بالمفهوم القدحي،أو بالمفهوم المصطلحي)،فإن نتائج التحريات تكون باستمرار إعفاء مسئولين محليين من مهامهم :النائب-رؤساء مصالح-مديرو مؤسسات-مقتصدون الخ...ولا تطال أبدا العقوبات الزجرية أيا من المسئولين الجهويين،كما لا تطال محليا أيا من أطر هيأة التدريس خارج المكاتب النقابية،أو المسئولين النقابيين،علما بأن الكثير من الاختلالات، ما كانت لتحدث لو لم يحصل بشكل من الأشكال تواطؤ من نوع ما،و لنأخذ على سبيل المثال لا الحصر ما حدث في نهاية الموسم الدراسي 2009/2010 بنيابة آسفي من تجاوزات همت حركة انتقالية شابها ما شابها مما لم يكشف عنه بالتدقيق من طرف أي كان،وليس القصد هنا مطلقا إثارة جديدة للموضوع بغاية إضافة مستجد،أو التعليق على مختلف ملابساتها ونتائجها،بل القصد فقط القول:إنه فعلا غبي من يظن أن التجاوزات المرتبطة بهذا الملف يتحمل المسؤولية فيها من تم إعفاءهم من مهامهم بالنيابة،ولا يمكن لأي عقل سليم ألا يفترض مسؤولية لمسؤولين جهويين،ومسؤولية لنقابيين،ومسؤولية –على الأقل-البعض ممن همهم أمر الحركة الانتقالية إياها من الأساتذة -وهم المقال هدا ينحصر في مجرد طرح استغراب عبر عنه وتعبر عنه فئات عريضة من رجال التعليم الدين ميزتهم الوحيدة أنهم يقومون بمهامهم بتفان،ومحصنين ضد كل ما بات يلتصق –للأسف الشديد بالكثيرين ممن أصبحوا يسيئون لهذه المهنة الشريفة...والاستغراب يأتي تحديدا من كون كل الاختلالات التي تعالج بتقديم بعض أكباش فداء من المسئولين المحليين تتميز بتعامل حربائي للمصالح الأكاديمية معبر عنه بالتنصل من أمور قد تكون باركتها،أو على الأقل غضت الطرف عنها إبان حصولها،والاستنجاد بالتالي بمقولة أنا ومن بعدي الطوفان،ولتذهب نخوة حماية المرؤوسين نيابيا للجحيم...ولأن كل قرارات الإعفاء تُتخذ مركزيا،فإنه يمكن الجزم بأن ما حاكته حربائية الجهة،قد خدع المصالح المركزية ،أو أن جبنا بدرجة ما كان وراء غض الطرف عن أطراف تمتلك أوراق تخول لها التفاوض،ولها قدرات التعبير الاحتجاجي،بل وإمكانيات إعلان العصيان،وهو ما لا يتوفر لمن اختيروا أكباش فداء.