في الوقت الذي كان أعضاء مجلس الجماعة الحضرية بمقر البلدية بأسفي صباح الاثنين يبحثون عن مقبرة للمسلمين يدفن فيها أبناء المدينة، ويتدارسون إمكانية تفويت واقتناء أراضي ملك للجماعة، كانت عدة عائلات تحتج أمام مقر ولاية جهة دكالة عبدة وتطالب بحماية أبنائها من خطر انهيار منازل جرف أموني بحي تراب الصيني وبحقها في السكن. انهيار ثلاث بنايات صباح الأحد بهذا الحي بسبب التساقطات المطرية الغزيرة والرياح القوية التي شهدتها المدينة، ولد الهلع والخوف لدى الساكنة الفقيرة والمهمشة. إحدى البنايات كانت تقطن بها أسرة مكونة من أب وزوجته وأبناء متزوجون ولهم أبناء أيضا. "من لطف الله بنا أننا كنا خارج البيت قبل أن ينهار" يقول سعيد رشيد أحد أبناء هذه الأسرة ل " أسفي اليوم " حين زارته مساء الاثنين. يجلس سعيد مع بعض أصدقائه حيث يسود الظلام الدامس، أمام بيت مهدم بزنقة القنيطرة بجرف أموني وحيث رطوبة المحيط الأطلسي أكلت جدران البيوت، بينما تتجمع بعض النسوة مع أبنائهم بركن قبالة البحر، ويقول متحسرا ومشيرا إلى غرفة بأعلى البيت "هناك حصلت حويجي كلها فكيف أخلصها؟". مضيفا لقد" سقط بالأمس حجر على حاجبي وشجه بعدما كنت أحاول الصعود إلى الغرفة". سعيد يصر في تحدي أنه لن يبرح المكان ولو هدموه فوق رأسه، ويطالب من السلطات المحلية أن تمنحه بديلا يؤويه مع زوجته وابنه ذا الست سنوات وبنته ذا الثلاث شهور." لقد ولدت بهذا البيت وقضيت به 36 سنة وتزوجت ورزقني الله به أبناء ولا أستطيع كراء منزل في الوقت الحالي فليس لي دخل قار إنني مجرد بائع للخضر بالشارع". يتحدث سعيد ل "أسفي اليوم" متوترا فهو لم ينم ليلتين متتابعتين، و زوجته ذهبت بأبنائه عند أسرتها فلم يعد لهم بيت يؤويهم. ترك تجارته وجلس أمام أطلال بيت وضعت على بقاياه رايات مغربية وصور للملك، يستحضر مع متحدثيه طفولته، هناك كنت ألعب وهنا كنت أجلس ... ومع أن هذا الانهيار لم يسبب أية خسائر في الأرواح، فإنه ترك هزات في نفوس الساكنة خاصة مع وجود عدد من البنايات المتآكلة بالحي تمثل خطرا كبيرا على المارة والمنازل المجاورة. فالساكنة وجهت عدة رسائل في الموضوع إلى الجهات المعنية قصد هدم البنايات إلا أنها لم تفعل يقول أبناء حي تراب الصيني. والخطر لازال قائما في كل لحظة فالدور آيلة للسقوط، وشروط العيش الكريم منعدمة هناك، ورذاذ أمواج البحر التي تدخل من النوافذ وتغطي السطوح، والاختناقات المتكررة لقنوات الصرف الصحي تؤكد الإقصاء الشامل للحي. السلطات المحلية والجماعة الحضرية سبق أن أحصت الساكنة سنة 1999 وعقدت اتفاقية معها على أساس تسليمها بيوتا ذات مساحة 60 متر مربع بحي كاوكي بجنوب المدينة مقابل إخلاء البيت والمساهمة ب10 ألاف درهم. وتم إعادة إيواء 339 أسرة التي شملها الإحصاء وأقصيت 12 عائلة حسب معطيات دقيقة. وسلم جلالة الملك بعض المفاتيح لبعض الأسر أثناء زيارته لأسفي السنة الفارطة. وازدادت مائة أسرة أخرى بعد إحصاء 99 سكنت بالدور المهددة بالانهيار بحي أموني بما يحتاج إلى اتفاقية أخرى تعقدها الجماعة بتنسيق مع الوزارة المعنية وسلطات الوصاية. لكن سعيد بائع الخضر الذي يتهم السلطات المحلية بالتلاعب بمشروع إعادة إسكان قاطني الدور الآيلة للسقوط لا يهمه من كل ذلك إلا بيت يجمعه بأبنائه. "خضعنا للإحصاء الأول لكنهم عوضوا فقط بعد جيراننا بالبيت وأقصوا أسرتنا بعد خلاف وقع بين أبي وقائد المقاطعة الذي مزق ملفنا " يقول سعيد. ويضيف والآن"يريدون الاقتصار على تعويض أبي فقط ونذهب نحن أبناؤه للشارع".