دعا الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض و رئيس النيابة العامة ‘محمد عبد النباوي' الموثقين الى الحفاظ على حقوق المتعاقدين وحفظ حقوقهم. وأضاف ‘عبد النباوي' فيً كلمة له بمناسبة الندوة الوطنية لهيئة الموثقين حول موضوع : “إصلاح مهنة التوثيق وفق المستجدات التشريعية وتحديات الاقتصاد الرقمي” بمراكش، أن موضوع يعتبر من المواضيع ذات الأهمية القصوى راهنيا ومستقبليا، لارتباطه بمهنة التوثيق بالمغرب وبدورها الأساسي في تحقيق الأمن التعاقدي وحماية الملكيات وضمان استقرار مختلف المعاملات، وتشجيع الاستثمار والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقال رئيس النيابة العامة أمام الموثقين: “إن المشرع مدعو بالضرورة إلى إيجاد الميكانزمات اللازمة للحفاظ على ودائع المتعاقدين وحفظ حقوقهم. وأرجو أن يتم ذلك بتنسيق مع الهيئة الوطنية للموثقين وباستحضار المنظور الشمولي لإصلاح منظومة العدالة بالبلاد، والتي تعد آلية حقيقية للتنمية الاقتصادية التي لن تتم بدون توفير الثقة للمستثمرين بواسطة نظام تعاقدي سليم”. واعتبر ‘عبد النباوي' أن اختيار منظمي هذا الملتقى لموضوع “إصلاح مهنة التوثيق وفق المستجدات التشريعية وتحديات الاقتصاد الرقمي”، يعد اختيارا موفقا بما سيطرحه للنقاش من تحديات تواجه مهنة التوثيق، كما تواجه كافة آليات العدالة، وفي أفق الرقي بمهنة التوثيق وجعلها مواكِبَةً للمتطلبات الحديثة في مجال رقمنة الخدمات القانونية والقضائية من جهة، ومواكبة الدينامية التشاركية التي تأسست من خلال ورش إصلاح العدالة من جهة أخرى، والتي تقتضي انخراط كل مكونات العدالة في مخطط للإصلاح يتوخى الاستجابة لحاجيات حماية المواطنين وحقوقهم، لاسيما الحق في الملكية وأمان المعاملات التجارية والعقارية. وأشار ‘عبد النباوي' الى أن نظام التعاقد يعد أداة سياسية وقانونية من أدوات تحقيق التنمية، لأنّه يحقق استقرار المعاملات ويصون الحقوق وهي قيَّم لا يجب أن يؤثر في ثباتها واستمرارها التطور الاقتصادي والاجتماعي وهيمنة العالم الرقمي الافتراضي، وما يرافقه من تحولات تمس بشكل الوثيقة وكيفيات التعاقد التي باتت تجنح نحو الشكل الرقمي والتكنولوجي وتتسم بالسرعة والفورية. وهو ما يتطلب المواكبة القانونية والمرافقة في التطبيق العملي للإلمام بشروط وظروف المحررات الإلكترونية والصور الجديدة للمسؤولية العقدية ونظام الإثبات، ولذلك فإن تحديث مهنة التوثيق باعتماد وسائل التكنولوجيا الرقمية يعتبر ضرورة أساسية في الوقت الراهن، الذي يشهد انخراط المغرب بقوة في مسلسل التحديث عبر اعتماد تقنية المعلومات ووسائل الاتصال الحديثة بهدف تطوير الاقتصاد الرقمي، وتحسين مناخ الأعمال وجلب الاستثمارات الوطنية والدولية، وكذا إسوة بما اتجهت إليه هيئات التوثيق في العديد من الدول، نظرا لما توفره الرقمنة من دقة في التسجيل، وسرعة في التداول، وسهولة في الولوج والحصول على المعلومة، بالإضافة لما ينتج عن استعمالها من اقتصاد في الوقت واختصار للمسافات. ويضيف ‘عبد النباوي' أنه ومما لا شك فيه أن إدراج الوسائل الالكترونية في تسيير حسابات الموثقين والتبادل الرقمي للمعلومات المتعلقة بحساباتهم، وتبادل المعلومات مع المؤسسات الفاعلة في إتمام عملية انتقال الملكية وإنشائها، ولاسيما مع إدارة الضرائب والتسجيل والمحافظة العقارية وصندوق الإيداع والتدبير، سيكون ضمانه إضافة حقيقية وفعالة لحماية حقوق الأطراف، كما يطرح الموضوع أيضا للنقاش إمكانية وكيفية إنشاء وتلقي العقود بطريقة إلكترونية، وما يتطلبه ذلك من وسائل تقنية وموارد مالية وبشرية وكذا من مقتضيات قانونية أو مراجعات تشريعية. وشدد ‘عبد النباوي' على أن الأهمية التي يحظى بها نظام التوثيق تنبع من ارتباطه الوثيق بصون تعاقدات الأفراد ، فالموثق مدعو بذلك إلى تحري الدقة وبعد النظر لتفادي كل نزاع محتمل حول بنود العقد ومضامينه ليظل العقد أداة للوقاية من المنازعات المستقبلية حاميا لحقوق الأفراد ومصالحهم محققا بذلك ضمانة لاستقرار المعاملات وازدياد فرص الاستثمار مسهما في النمو الاقتصادي والازدهار الاجتماعي. كما أن الموثق مدعو للتصدي لكل مظاهر التلاعب بالحق في الملكية العقارية، لاسيما في ظل تفشي الاستيلاء على عقارات الغير بطريقة غير مشروعة، والتطور المتزايد لأساليب النصب والتزوير المستعملة من قبل بعض العصابات الإجرامية المتخصصة في السطو على العقارات.