قال محمد عبد النباوي، رئيس النيابة العامة، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، إن ما يميز دور مهنة التوثيق هو بعدها الاستراتيجي المرتبط بالتطور الاقتصادي والتنموي للمملكة، وما له من أثر في استقرار المعاملات ومنع المنازعات وحفظ الحقوق. وأضاف عبد النباوي في مداخلته، خلال افتتاح الندوة الوطنية حول موضوع "إصلاح مهنة التوثيق وفق المستجدات التشريعية وتحديات الاقتصاد الرقمي"، اليوم الجمعة بمراكش، أن مهنة التوثيق محكومة في ذلك بمنظومة القيم الأخلاقية التي كرستها الأعراف والتقاليد وسطرتها القوانين المنظمة للمهنة، وأن الموثق ملزم في سلوكه المهني بمبادئ الأمانة والنزاهة وما تقتضيه الأخلاق الحميدة وأعراف وتقاليد المهنة المرتبطة بالكرامة والاستقامة. وقال عبد النباوي إن "المشرع مدعو بالضرورة إلى إيجاد الميكانزمات اللازمة للحفاظ على ودائع المتعاقدين وحفظ حقوقهم، وأرجو أن يتم ذلك بتنسيق مع الهيئة الوطنية للموثقين وباستحضار المنظور الشمولي لإصلاح منظومة العدالة بالبلاد، والتي تعد آلية حقيقية للتنمية الاقتصادية التي لن تتم بدون توفير الثقة للمستثمرين بواسطة نظام تعاقدي سليم". موضحا في السياق ذاته أن الهيئة الوطنية للموثقين مدعوة إلى التصدي بحزم إلى كل ما يمكن أن يلوث شرف المهنة ومركزها في المجتمع، والبحث عن حلول، واقتراح التدابير الكفيلة بصيانة حقوق المتعاقدين "سيما مع تكرار بعض حالات المس بالودائع من طرف بعض الموثقين". وعن أهمية نظام التوثيق، قال عبد النباوي إنها تنبع من ارتباطه الوثيق بصون تعاقدات الأفراد، لكون الموثق "مدعو إلى تحري الدقة وبعد النظر لتفادي كل نزاع محتمل حول بنود العقد ومضامينه ليظل العقد أداة للوقاية من المنازعات المستقبلية حاميا لحقوق الأفراد ومصالحهم محققا بذلك ضمانة لاستقرار المعاملات وازدياد فرص الاستثمار مسهما في النمو الاقتصادي والازدهار الاجتماعي". كما أن الموثق، يتابع المتحدث "مدعو للتصدي لكل مظاهر التلاعب بالحق في الملكية العقارية، لاسيما في ظل تفشي الاستيلاء على عقارات الغير بطريقة غير مشروعة، والتطور المتزايد لأساليب النصب والتزوير المستعملة من قبل بعض العصابات الإجرامية المتخصصة في السطو على العقارات". وشدد رئيس النيابة العامة على أن نظام التعاقد يعد أداة سياسية وقانونية من أدوات تحقيق التنمية، لأنه يحقق استقرار المعاملات ويصون الحقوق، مبرزا أن ذلك يتطلب المواكبة القانونية والمرافقة في التطبيق العملي للإلمام بشروط وظروف المحررات الإلكترونية والصور الجديدة للمسؤولية العقدية ونظام الإثبات. وأضاف قائلا إن "تحديث مهنة التوثيق باعتماد وسائل التكنولوجيا الرقمية يعتبر ضرورة أساسية في الوقت الراهن"، مشددا على أن "إدراج الوسائل الإلكترونية في تسيير حسابات الموثقين والتبادل الرقمي للمعلومات المتعلقة بحساباتهم، وتبادل المعلومات مع المؤسسات الفاعلة في إتمام عملية انتقال الملكية وإنشائها، ولاسيما مع إدارة الضرائب والتسجيل والمحافظة العقارية وصندوق الإيداع والتدبير، سيكون ضمانه إضافة حقيقية وفعالة لحماية حقوق الأطراف".