قضاة وموثقون.. وجها لوجه النص القانوني الجديد المتعلق بمهنة التوثيق يضع حدا لوضع استثنائي ويقطع الصلة مع نص تجاوزه الواقع أجمع القضاة والموثقون المشاركون في اللقاء الوطني الأول بين محكمة النقض والغرفة الوطنية للتوثيق العصري بالمغرب، المنظم تحت شعار: «آفاق مهنة التوثيق على ضوء قانون 32.09 والعمل القضائي»، أن القانون الجديد المتعلق بمهنة التوثيق، سيعمل على تحقيق الأمن القانوني التعاقدي التوثيقي وتحصين المهنة وضمان حقوق المتعاقدين. كما أوصى المشاركون في ختام أشغال هذا اللقاء المنظم بمراكش، يومي 2 و3 نونبر الجاري، بالأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الاقتراحات، تتمثل أساسا في تعديل المادة السابعة والعشرين، بحيث «يتحمل الموثق مسؤولية كل ما يضمنه في العقود والمحررات من بيانات مستخلصة من الرسوم والوثائق المقدمة إليه»، والمادة الرابعة والثلاثين، ب «أن لا يبرم الموثق عقود تفويت تنصب على أموال يعلم أنها غير قابلة للتفويت»، إضافة إلى مقتضيات أخرى تضمنها القانون الجديد، الذي من المنتظر أن يدخل حيز التنفيذ في الأيام القليلة القادمة. كما طالبوا في الوقت نفسه، بسن نظام تأمين حقيقي يعتمد علي التعويض الفوري للمواطن في حالة تبديد أمواله من طرف الموثق، والتعجيل بتفعيل إحداث معهد التكوين المهني للتوثيق يعكس تكوينا مستمرا للموثقين والمتمرنين وفق الضوابط العلمية والأخلاقية وأعراف وتقاليد المهنة، مع الحفاظ علي نهج المقاربة التشاركية والاستشارية بمناسبة المتابعات الجنائية المصاحبة لعمل الموثق بين كل من المجلس الجهوي للموثقين ومؤسسة النيابة العامة. ومن ضمن التوصيات المقترحة أيضا، اعتماد آلية لفض النزاعات بين المتعاقد والموثق بالوسائل البديلة وتكليف المجلس الجهوي للقيام بهذا الدور، وخلق لجنة مشتركة بين محكمة النقض والغرفة الوطنية للتوثيق تعقد اجتماعات دورية للتتبع وتقييم العمل القضائي والممارسة المهنية للتوثيق. وكان وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، قد افتتح أشغال هذا اللقاء الوطني، بكلمة أكد فيه، أن القانون الجديد لمهنة التوثيق 32.09، والذي سيدخل حيز التنفيذ خلال الأيام المقبلة، «سيفتح آفاقا جديدة أمام مهنة التوثيق العصري ويجعلها أكثر تنظيما ونجاعة وتخليقا». مضيفا، أن مهنة التوثيق العصري تعتبر شريكا أساسيا في منظومة العدالة ضمن باقي المهن القضائية، وأن الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة أولى أهمية خاصة لهذه المهن تأهيلا وتخليقا. وبعد أن سجل أن بعض المهن تجد نفسها أمام امتحان كبير لتأهيل ذاتها على صعيد التكوين لتتحمل مسؤولية تحرير المعاملات العقارية وغيرها، أكد وزير العدل والحريات أن وزارته منكبة على بحث الصيغة الملائمة لإخراج مهنة وكلاء الأعمال محرري العقود إلى حيز الوجود على أساس شروط تضمن الأمن التوثيقي وعدم فتح المجال لمزيد من التعددية على صعيد الجهات التوثيقية. كما ألقيت كلمات أخرى، في الجلسة الاقتتاحية تناوب عليها كل من الرئيس الأول لمحكمة النقض، والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، ورئيس الغرفة الوطنية للتوثيق العصري بالمغرب، وهي الكلمات/ المداخلات التي ننشرها اليوم، على أن نعود في عدد قادم لنشر باقي المداخلات التي توزعت على أربع جلسات، ناقش فيها المشاركون مواضيع علمية وعملية هامة تتوزع على ثلاثة محاور وهي «حجية العقد التوثيقي» المسؤولية التأديبية والجنائية والمدنية للموثق» و»الهياكل المهنية». هذا، ويهدف هذا اللقاء المنظم من قبل محكمة النقض على مدى يومين بمشاركة نخبة من القضاة والموثقين، إلى تحقيق الأمن القانوني والنجاعة القضائية من خلال توحيد الرؤى بخصوص أهم الإشكالات القانونية والعملية المرتبطة بممارسة مهنة التوثيق بالمملكة في أفق الرقي بها وجعلها مواكبة للمقاربة الحقوقية الكبرى التي جاءت بها الوثيقة الدستورية والدينامية التشاركية التي تأسست من خلال ورش إصلاح العدالة. ضرورة التحسيس بمقتضيات هذا القانون الجديد والتعبئة لتفعيله لتحقيق الأمن التعاقدي المنشود واستقرار المعاملات وضمان الاستثمار *مصطفى الرميد وزير العدل والحريات القانون الجديد سيفتح آفاقا واسعة أمام مهنة التوثيق العصري وسيجعلها أكثر تنظيما ونجاعة وتخليقا اعتبر مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، أن القانون الجديد المنظم لمهنة التوثيق، صدر بموجب ظهير مؤرخ في 22 نونبر2011، وأن سريان أحكام هذا القانون ستكون ابتداء من تاريخ 23 من الشهر الجاري. وأضاف وزير العدل، في الجلسة الافتتاحية للقاء الوطني الأول بين محكمة النقض والغرفة الوطنية للتوثيق العصري بالمغرب، بأن هذا الاستدراك الهام للمقتضيات التشريعية ما كان ينبغي له أن يدوم لأكثر من 56 سنة، مع العلم أن قانون التوثيق الجاري به العمل إلى اليوم صدر منذ 4 ماي 1925 تحت تسمية قانون تنظيم شؤون محرري الوثائق الفرنسيين، ويتضمن مقتضيات ماسة بالسيادة الوطنية من خلال ارتكازه على ما هو فرنسي. وأكد وزير العدل والحريات على أن هذا القانون مع مراسيمه والقرارات الوزارية الملحقة به سيفتح آفاقا جديدة أمام مهنة التوثيق العصري وسيجعلها أكثر تنظيما ونجاعة وتخليقا، تسهم بشكل فعال في التمكين للأمن التوثيقي، الذي نص على تحرير جميع التصرفات المتعلقة بالملكية المشتركة أو بإنشاء حقوق عينية أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة أو يخول لها القانون تحرير العقود، وذلك تحت طائلة البطلان، وهي ذات الصيغة التي تبناها قانون الإيجار المفضي إلى تملك العقار، وكذا قانون بيع العقار في طور الإنجاز، ليتم التقدم على صعيد ضمان الأمن التوثيقي بشكل لافت بما تضمنته مدونة الحقوق العينية، التي توجب أن تحرر جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لم ينص قانون خاص على خلاف ذلك. وأوضح مصطفى الرميد أن وزارة العدل والحريات تبحث عن صيغة توافقية لإخراج مهنة وكلاء الأعمال إلى جانب محرري العقود على أساس شروط تضمن الأمن التوثيقي وعدم فتح المجال لمزيد من التعددية على صعيد المهن التوثيقية. فبخلاف ما كان قد تقرر سابقا، يضيف وزير العدل، فقد راجعنا النص المتعلق بهذه المهنة في اتجاه حصر الانتساب إليها في وكلاء الأعمال الذين كانوا يمارسونها منذ فترة دون غيرهم. أي أن التنظيم سيقتصر على الممارسين في زمن سابق على صدور القانون وبالتالي فإن هذه المهنة التوثيقية ستكون مهنة الحاضر دون المستقبل. وأشار وزير العدل والحريات إلى أن مهنة التوثيق العصري تعتبر شريكا أساسيا في منظومة العدالة ضمن باقي المهن القضائية، ولذلك فإن الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة الذي أطلقه جلالة الملك أولى أهمية خاصة للمهن القضائية تأهيلا وتخليقا خلال ندوة الدارالبيضاء ثم إفران، لأنه لا عدالة ولا إصلاح إلا إذا كانت هذه المهن في صلب حركة الإصلاح، هذا الإصلاح الذي يتم اليوم حيث انكبت وزارة العدل والحريات منذ صدور القانون المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق على إعداد مشاريع للمراسيم المشار إليها بتشارك مع الغرفة الوطنية للتوثيق على عقد ثمان لقاءات خلال الفترة الممتدة ما بين 3 و24 من أكتوبر المنصرم، ومرت في جو من التفاهم والانسجام بخلاف ما أذيع وأشيع، كما تميزت بالمشاركة الجادة لممثلي كل من وزارة الاقتصاد والمالية وصندوق الإيداع والتدبير، الشيء الذي مكن من إعداد مجموعة من مشاريع المراسيم والقرارات التطبيقية للقانون، ضمنها مشروع مرسوم يتعلق بحساب ودائع الموثقين، وهو نص يمكن من الآن، يقول وزير العدل، أن نهنئ أنفسنا عليه بما سيضمن من حماية لمهنة التوثيق وأموال المتعاملين ، ومشروع مرسوم يتعلق بنظام مباراة الانخراط في مهنة التوثيق وكيفية تنظيم وقضاة فترة التمرين ونظام الاختبارات ونظام الامتحان المهني، ومشروع مرسوم يتعلق باختبار المعفيين من المباراة، وآخر يتعلق بشروط ومعايير الانتقال. وخلص وزير العدل إلى أن أهمية هذه الندوة العلمية الرفيعة المستوى، ترجع إلى اهتمامها بالجوانب المرتبطة بالعمل القضائي والاجتهاد القضائي في عدة مجالات للتوثيق العصري، سواء فيما يتعلق بحجية العقد التوثيقي، أو فيما يرتبط بمسؤولية الموثق المدنية والجنائية، وكذا فيما يتعلق بصلاحيات المؤسسة القضائية المتعلقة بمراقبة مهنة التوثيق. *مصطفى فارس الرئيس الأول لمحكمة النقض إلغاء القانون السابق يعتبر استجابة لمطلب جماعي تمت المناداة به في كافة اللقاءات والندوات والكتابات الفقهية اعتبر مصطفى فارس الرئيس الأول لمحكمة النقض، أن تنظيم هذه الندوة الوطنية الأولى يشكل فرصة سانحة لتجديد التواصل والإنصات وتقريب وجهات النظر بين أفراد أسرة العدالة ومناسبة هامة لتعبر من خلالها محكمة النقض على انخراطها التام في ورش إصلاح العدالة باعتباره شأنا مجتمعيا عاما يجب على الجميع التفاعل معه بكل مواطنة وإيجابية ومسؤولية. وأضاف في كلمته الافتتاحية لهذه الندوة، أن عدالة قريبة من المواطن تستدعي منا اعتماد مقاربات تشاركية والانفتاح على كافة الفاعلين في شأن العدالة بهدف ترسيخ أخلاقيات مهنية متينة وإرساء قواعد حكامة قضائية جيدة. وأشار أيضا، أن المسؤولية الوطنية والأمانة الدستورية والمكانة القانونية والاعتبارية لمحكمة النقض، تفرض اعتماد آليات المقاربة التشاركية وأدوات الحكامة القضائية الجيدة لتحقيق الأمن القضائي والقانوني واسترجاع ثقة المتقاضين وحماية حرياتهم وحقوقهم ومصالحهم وتحقيق آمالهم في عدالة سريعة ناجعة قريبة منهم وفي خدمتهم. ومن هذا المنطلق، أكد مصطفى فارس، أن الهدف من هذه الندوة الوطنية، هو أن تشكل نموذجا معبرا للانخراط في هذه المقاربة الدستورية بنفحة حقوقية من خلال اختيار موضوع يهم أسرة العدالة بكل مكوناتها ويحمل أبعادا قانونية وقضائية وأخلاقية واقتصادية واجتماعية وثقافية كبرى ويمس قطاعات ومجالات حيوية مختلفة ويتسم بطابعه المركب ألا وهو موضوع التوثيق وآفاق مهنة التوثيق. ومما جاء أيضا في كلمته، أن عمل الموثق اليوم لم يعد ينحصر في المجال القانوني بل تجاوزه ليكون مستشارا ماليا وجبائيا وإداريا ويتطلب منه أن يكون خبيرا في علم التواصل والاقتصاد والسياسة الداخلية والدولية وعلم النفس والاجتماع وغيرها، وكل هذا لن يكون إلا بأجهزة مهنية مهيكلة وتكوين وتأهيل احترافي ومنظومة أخلاقية متينة وعمل قضائي يحافظ على التوازن المنشود بين الحقوق والواجبات ويحمي المهنة والمتعاملين معها في إطار من المسؤولية والمحاسبة. ووصف النص القانوني الجديد بكونه وثيقة تاريخية لأنه وضع حدا لوضع استثنائي وقطع الصلة مع نص تجاوزه الواقع وأصبح عاجزا عن مواكبة التحديات، مؤكدا أن إلغاءه يعتبر استجابة لمطلب جماعي تمت المناداة به في كافة اللقاءات والندوات والكتابات الفقهية والقضائية ألا وهو قانون 1925 المقتبس من القانون الأساسي للتوثيق الفرنسي لسنة 1803. وأوضح مصطفى فارس، أنه لم يكن مستساغا أن نتحدث عن مستقبل مهنة هي من ركائز أسرة العدالة وهي ما زالت منظمة بقواعد قانونية تجاوزت خمسة وثمانين سنة، لذا كان منطقيا، في نظره، أن يتم سن قانون جديد يحرص على تمتين مهنة التوثيق وعصرنتها وإدماجها في مسار إصلاح العدالة. ولم يفت مصطفى فارس، في كلمته، أن ينوه بالمجهود الكبير الذي بذلته المؤسسة التشريعية والنقاش الهام الذي شهدته غرفتيها عند دراسة هذا النص الذي عرفت مسودة مشروعه أكثر من 98 تعديل ساهمت فيه أغلب الفرق البرلمانية وشكلت بصدده لجنة للصياغة بمجلس النواب وعرف نقاشا مسطريا هاما بمجلس المستشارين ونظم بشأنه يوم دراسي وتمت إعادة قراءته للمرة الثانية أمام مجلس النواب وطرحت بصدده عدة ملاحظات وآراء واستفسارات عكست انشغالات وهواجس بشأن مضامينه قبل أن تتم الموافقة عليه وإخراجه للوجود ليكون لبنة أساسية في مسار تحديث النصوص المنظمة للمهن القانونية والقضائية وعنصرا أساسيا في المنظومة الحمائية لدولة الحق والمؤسسات. وقال أيضا، إننا من خلال هذا اللقاء سنسائل نصا قانونيا جاء بأكثر من إحدى عشر مستجدا تصب في اتجاه إعادة ترتيب البيت وتطوير مهنة التوثيق من خلال إحداث مجلس وطني ومجالس جهوية سيكون أمامها الكثير من العمل في مجال تأطير الموثقين وضمان تكوينهم وإحداث معهد خاص بذلك كما يتميز هذا النص بمقتضيات تفتح إمكانية ممارسة المهنة من خلال أشكال جديدة منظمة وأعاد تشكيل اللجنة المكلفة بإبداء الرأي في تعيين الموثقين وفصلهم وإعفائهم مع التنصيص على قواعد مسطرة تأديبية واضحة ونظم مسؤولية الموثق ألزمه بالمحافظة على السر المهني ووضع مجموعة من الضوابط والمقتضيات التي تحتاج منا الكثير من التدقيق والتمحيص والمناقشة. وعن مرامي هذه الندوة الوطنية، قال، إننا نروم من هذا اللقاء فضلا عن بعده التواصلي، تحقيق أكبر قدر من التحسيس بمقتضيات هذا القانون الجديد والتعبئة لتفعيله وإصدار توصيات بناءة بشأنه تساعد في إصدار المراسيم التطبيقية المرتقبة مستهدفين في كل ذلك تحقيق الأمن التعاقدي المنشود واستقرار المعاملات وضمان الاستثمار. *مصطفى مداح الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض القانون الجديد سيشكل حتما دعامة قانونية متينة ونقطة انطلاق واعدة أشاد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، مصطفى مداح، في بداية مداخلته، بالعطاء الذي ما فتئت هيأة الموثقين تنهض به في إطار المسؤولية والثقة الموطدة لاستقرار المعاملات، في وقت عاش خلاله المغرب فراغا تشريعيا متكاملا، سرت خلاله نصوص تعود لحقبة الحماية، كانت في البداية حكرا على الفرنسيين واستمرت جاثمة لأكثر من ثمانية عقود ونصف، مضيفا، أنه خلال هذه العقود، أسس خلالها الموثقون أعرافا وتقاليد، واجتهدوا لسد الثغرات التنظيمية تماشيا مع التعاريف الدولية للتوثيق، وحرصت النيابات العامة بدورها إبان هذه الحقبة على مواكبة المهنة من خلال تتبع سير الإجراءات وتفقد السجلات ومراقبة الودائع وتكثيف الزيارات لمكاتب التوثيق والتي كانت تمر بسلاسة وفي جو تطبعه المسؤولية والانضباط، ناهيك عن عقد لقاءات لمناقشة شؤون المهنة. واعتبر الوكيل العام للملك، أن صمود مهنة التوثيق، في وقت مضى، أمام غياب تشريع متكامل، ومثابرة الموثقين – على قلتهم حينها – في جَلَدٍ وصمت، لجدير بقانون يحصن الأمن التعاقدي ويرسخ لمبادئ تثري المهنة وتسمو بها إلى المرتبة اللائقة بها، ويخفف العبء على القضاء، من خلال تطويق ظاهرة الوثائق العرفية، وتجنب الإخلالات الشكلية للعقود والتصرفات غير المسؤولة، والتي ما فتئت تعرف تناميا وتزايدا ملحوظا في الآونة الأخيرة. وهنأ الوكيل العام بالمناسبة، أسرة التوثيق العصري وكل غيور على هذه المهنة العريقة، ومن خلالهما كل مكونات قطاع العدالة، بميلاد هذا القانون المتطور والمتميز، الذي سيدخل حيز التنفيذ خلال أيام، والذي سيشكل حتما دعامة قانونية متينة ونقطة انطلاق واعدة، تعكس مكانة المهنة القانونية والاجتماعية، وتموقعها ضمن الفاعلين في التطور الاقتصادي وإشعاعه المأمول، فضلا عن تعزيز موقعها وعلاقاتها ضمن منتديات التوثيق العالمية. وتمنى في الوقت نفسه، أن يكون القانون رقم 32.09 قد استجاب لتطلعات كافة الفاعلين بعد انتظار دام عقودا عدة، تطورت خلالها العديد من القوانين التي حققت النتائج المتوخاة منها، آملا أن يحقق هذا القانون الوليد بدوره النجاح المرتجى والأهداف المبتغاة؛ سيما وأنه جاء بمقتضيات حمائية هامة، تجنب الموثق ما قد يوقعه في انزلاقات ترتبط بطبيعة مهنته وهفوات قد تحد من طموحاته المهنية، ترسيخا للثقة التي ينبغي أن تحكم عمله. وبناء عليه، يضيف مصطفى مداح، عمل المشرع بالأساس، من خلال سن هذا القانون، على إيجاد الحلول للعديد من الإشكاليات ذات الصلة بممارسة المهنة، والمتعلقة – كما لا يخفى عليكم – بالتكوين والتكوين المستمر والتخليق، فضلا عن مستجدات تكتسي أهمية بالغة. ووعيا من المشرع بما للموثق من مسؤولية في ثبوتية الصكوك الضامنة لصيانة وحماية المعاملات، فقد أسبغ عليه من جديد صفة الموظف العمومي والضابط الرسمي المفوض من طرف السلطة العمومية لإضفاء الرسمية على الوثيقة التي يرغب المتعاقدون في صب اتفاقاتهم في إطارها ضمانا لشرعيتها وحجيتها. ووضع على عاتقه التزامات تتلاءم والصفة المخولة له، فألزمه وباقي أعوانه بالسر المهني وبعدم تسليم نسخ العقود للأغيار، والاستئذان عند التغيب عن المكتب، كما أخضعه لمراقبة ثنائية (النيابة العامة ومجلس الهيأة). وأحاطه بالحماية القانونية والامتياز المهني اللازمين لمزاولة مهامه، اتقاء للشكايات الكيدية الهادفة إلى المس بسمعته وجره لمساطر قد تؤثر على مساره المهني ووضعه الاجتماعي. فبقدر ما للصك التوثيقي من ثقة عامة تتمثل في رسميته، وثقة خاصة تتجلى في قوة ما ارتضاه المتعاقدون، بقدر ما يجب أن تكون الحجة المضادة على درجة من الثبوتية والدلالة، ومرجحة قانونا ومنطقا لترقى لدحضه وإبطال مشروعيته. وقال أيضا، إن هذا اللقاء الذي يتزامن انعقاده مع الورش الكبير للحوار الوطني حول الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة وتطوير مؤسساتها القانونية والقضائية، للتأكيد على أهمية اللقاءات الموازية التي تعد بحق محطة لكشف الاختلالات، واستعراض الصعوبات، والوقوف على جميع الإشكاليات ذات الصلة بالقضاء والمهن القضائية. وحتما سيتم استغلال النقاش الجاري في استشراف النصوص التنظيمية اللازمة لتنزيل مقتضيات قانون المهنة الجديد. هذه النصوص المرتقبة ستكون لا محالة بمثابة صمام أمان وعماد بنيان وسياج إحصان للمهنة، حتى يستكمل التشريع كل العناصر الكفيلة بجعله قانونا متكاملا مدعما لمهنة التوثيق، حاميا للموثق، وضامنا في نفس الآن لحقوق الأطراف المتعاقدة، مرسخا لمفهوم رسمية الصكوك التي لا يمكن أن تبقى عرضة للتشكيك، ومساهما في تطوير واستقرار المعاملات التي تتميز عالميا بكثير من المتغيرات المتسارعة والمؤثرة، والتي ينبغي ألا نتقاعس عن مجاراتها ومسايرتها. *التهامي الوزاني رئيس الغرفة الوطنية للتوثيق العصري من أجل خارطة طريق لوضع الهياكل التمثيلية لمهنة التوثيق وسبل النهوض بها قال احمد أمين التهامي الوزاني رئيس الغرفة الوطنية للتوثيق، إن برمجة هذه الندوة العلمية، غداة انعقاد المناظرة الوطنية الأولى للتوثيق خلال شهر مارس المنصرم، يندرج في إطار الاستراتيجية التي رسمتها الغرفة الوطنية للتوثيق قبيل مصادقة البرلمان بغرفتيه على القانون 09-32، والهادفة إلى توفير المناخ الملائم لدخول هذا القانون حيز التنفيذ في أفق الاستثمار الأمثل لايجابياته و التخفيف من وطأة سلبياته . وأضاف في مداخلته، ضمن الجلسة الافتتاحية، أن مهنة التوثيق ظلت خاضعة في تنظيمها وتأطيرها القانوني خلال أزيد من ثمانية عقود لظهير ،1925 الذي وإن كان صالحا ومتقدما خلال العقود الأولى من سنه، فإنه أصبح اليوم متجاوزا وغير قادر على استيعاب مستلزمات مختلف أوجه التطور الذي يعرفه المجتمع المغربي على المستويات القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية. اليوم، يضيف رئيس الغرفة الوطنية للتوثيق، بعد مخاض دام لأكثر من 17 سنة، وبفضل إرادة سياسية قوية وحاجة مجتمعية ملحة ثم إصدار القانون 09-32 ،استهدف المشرع من خلاله تنظيم المهنة وتخليقها وتأهيلها وتحصينها لمواكبة الدينامية التي يعرفها المجتمع المغربي على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية. وبغض النظر عن تحفظات الغرفة الوطنية للتوثيق على بعض مقتضياته، فان هذا القانون سيحقق، لا محالة، في نظره، نقلة نوعية في مسار المهنة شريطة انخراط كل مكونات أسرة التوثيق مع ضرورة التفاعل الإيجابي للسلطتين العمومية و القضائية، في تحقيق فلسفة وغاية هذا القانون. وأشار أيضا، إلى أن الهدف من هذا اللقاء، هو اغتنام فرصة حضور خيرة قضاة المملكة، من أجل بلورة تصور مشترك وقراءة أولية موحدة لمقتضيات القانون 32-09 الذي سيدخل حيز التنفيذ خلال الأيام القليلة القادمة، إضافة إلى رسم خارطة طريق لوضع الهياكل التمثيلية لمهنة التوثيق وسبل النهوض بها. وتمنى بالمناسبة، أن يحقق هذا اللقاء الغايات المرجوة منه، وأن يتوج بمجموعة من التوصيات التي ستسهل عمل الموثق وتقلل من هامش النزاعات التي قد تنتج عن تباين في التأويلات لمقتضيات القانون الجديد.