أكد المشاركون في منتدى الأممالمتحدة حول الخدمة العمومية ، اليوم الجمعة بمراكش، على ضرورة ضمان المشاركة الفعالة للمرأة لتعزيز قدرة الوظيفة العمومية على توفير خدمات عالية الجودة للمواطنين. وأبرزوا خلال ورشة عمل نظمتفي إطار هذا المنتدى حول موضوع “تغيير الإدارة العمومية من أجل تعزيز مشاركة المرأة وقيادتها لخدمات عمومية مستجيبة للنوع الاجتماعي “، أن النساء اللاتي تشكلن في المتوسط 43 في المائة من مناصب الوظيفة العمومية في جميع البلدان ، يواجهن التمييز القطاعي كما أن أعداهن كبيرة في الوظائف الأدنى مرتبة وأقل أجرا. وتوقفوا في هذا الصدد ، عند الثغرات التي تزيد من تكريس هذا الواقع والمتجلية في ضعف الإطار السياسي والتشريعي للمساواة بين الجنسين ، والمستويات المنخفضة في مجال مشاركة المرأة وتمثيليتها في مناصب صنع القرار، ومحدودية قدرة المؤسسات على اجراء تحليل النوع الاجتماعي وإنتاج البيانات المصنفة حسب نوع الجنس، ومحدودية القدرة على تنفيذ تخطيط البرامج والميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي . وأبرز الوزير المنتدب المكلف بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية السيد محمد بنعبد القادر، أن خطة التنمية المستدامة في أفق 2030 منحت موقعا أساسيا في الإصلاحات السياسية والمؤسساتي التي استعرضتها منظمة الأممالمتحدة كخطوة ضرورية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة ، كما خصصت الهدف الخامس من الأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة للمساواة بين الجنسين وتقليص الفوارق بينهما وتمكين النساء والفتيات من حقوقهن الكاملة ضمانا للكرامة الإنسانية وتعزيزا لدورها المؤثر في التغيير الاجتماعي والثقافي. وانطلاقا من الوعي بأهمية مقاربة النوع بالوظيفة العمومية في تعزيز ثقافة المساواة بين الجنسين في السياسات العمومية والبرامج القطاعية ، يقول الوزير، قام المغرب بتنسيق مثمر مع هيئة الأممالمتحدة للمرأة ، بإعداد استراتيجية وطنية تهدف إلى مأسسة مقاربة النوع بالوظيفة العمومية، إلى جانب إحداث آلية أساسية للتنسيق بين مختلف القطاعات الوزارية تتمثل في شبكة التشاور المشتركة بين الوزارات لترسيخ مقاربة النوع بالإدارة العمومية والانتقال من مستوى التحسيس إلى مستوى المأسسة، معربا عن التطلع إلى تطوير عمل الشبكة من خلال خلق شبكة إقليمية على صعيد منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط لتبادل الخبرات والممارسات الناجحة في مجال مقاربة النوع. كما أكد السيد بنعبد القادر على ضرورة تكثيف الجهود والعمل سويا، كل من موقعه حكومات ومؤسسات ومجتمع مدني، على تحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المتعلق بالمساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات، ومواصلة المبادرات الرامية إلى جعل قضية المرأة من القضايا التي تحظى بالأولوية في السياسات العمومية وفق مقاربة تتجاوز الدور التحسيسي إلى مقاربة أكثر نجاعة وخدمة لقضية المرأة. من جهتها ، دعت ممثلة هيئة الأممالمتحدة للمرأة بالمنطقة المغاربية السيدة ليلى الرحيوي، إلى ضرورة رفع الحواجز والعقبات التي تقيد حرية المرأة في الولوج إلى مناصب اتخاذ القرار على غرار الرجل والارتقاء بأوضاع النساء بالوظيفة العمومية. وسجلت أن المساواة بين الجنسين مسألة تهم جميع بلدان العالم وهو ما تحيل عليه الكثير من التقارير الدولية التي تتضمن مؤشرات مقلقة بشأن تحقيق مبدأ المساواة بين الجنسين وخاصة في مجال الوظيفة العمومية ، داعية إلى العمل، وعلى نحو مستعجل، من أجل التسريع بالحد من استفحال الفوارق بين الجنسين في الوظيفة العمومية وخاصة في مجال ولوج النساء إلى مناصب القرار، فضلا عن ترجمة الالتزامات إلى مشاريع ملموسة ترصد لها موارد كافية مع وضع مؤشرات قابلة للقياس من أجل الانخراط في أجندة 2030. من جانبه، قدم كاتب الدولة المكلف بالوظيفة العمومية بفرنسا ، السيد أولفييه دوسوبت، لمحة عن المسلسل الاصلاحي الذي انخرطت فيه فرنسا منذ سنوات من أجل ارساء مبدأ المساواة بين الجنسين في قطاع الوظيفة العمومية ، قائلا إن تحقيق المناصفة والمساواة في هذا القطاع يعد مسألة مهمة لكونها تجسد نموذجا مصغرا عن المجتمع الفرنسي الذي يسعى إلى القضاء على أشكال التمييز تجاه النساء. كما أكد على اهمية تقاسم التجارب والمعطيات من أجل تطويق ظاهرة التمييز تجاه النساء مع مواكبة البرامج الإقليمية من خلال تبني استراتيجيات تعزز ثقافة المساواة داخل أماكن العمل. وشكلت هذه الورشة ، المنظمة من قبل كتابة الدولة المكلفة بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية وهيئة الأممالمتحدة للمرأة والحكومة الفرنسية، فرصة لاستعراض الممارسات المبتكرة والتحديات المطروحة في مجال تعزيز ادارة عمومية مستجيبة لمقاربة النوع الاجتماعي ، فضلا عن تمكين المشاركين من المعارف والمهارات للاستفادة وبناء الاستراتيجيات والمناهج الرئيسية لتعزيز الجهود الرامية الى تحقيق التزامات المساواة بين الجنسين لأجندة 2030.