لم يكن الهدف الأول له كما لم يكن أول أهدافه المهمة، ولكنها كانت المرة الأولى التي يظهر فيها المهاجم الإيطالي الدولي الشاب ماريو بالوتيلي بعض ملامح الحكمة. فهل يرجع الأمر لحبه الجديد؟ لم تمر المباراة الأولى للمنتخب الإيطالي (الآزوري) حتى ترك المهاجم الخطير بالوتيلي علامته في البطولة من خلال ضربة رأس سجل بها هدف الفوز لفريقه على المنتخب الإنجليزي 2-1 في أولى مباريات الفريقين بالمجموعة الرابعة في الدور الأول للبطولة.
لكن بالوتيلي "الولد الشقي" لم يلفت الأنظار إليه بهذا الهدف بقدر ما لفت الأنظار من خلال ملامح الحكمة التي ظهرت عليه للمرة الأولى.
وسواء عليك أحببته أو كنت من كارهيه، فإنك لا تستطيع تجنب هذا الفتى لأنه يمثل بالنسبة لكرة القدم ما تمثله مايلي سيروس لموسيقى البوب، فكل منهما ولد ليثير انقساما في الرأي العام من خلال مزيج متفجر من الموهبة والاستفزاز.
ومثل مغنية البوب المراهقة سيروس، التي تشتهر بحركاتها المثيرة أكثر منه بصوتها القوي، يحظى بالوتيلي بتاريخ حافل من لفت الانتباه إليه عبر التصرفات والسلوكيات الغريبة والمثيرة للجدل.
وتباينت هذه التصرفات الشاذة بين إلقاء السهام على فريق الشباب في مانشستر سيتي والتقاط صور له مع اثنين من رجال المافيا في مدينة نابولي الإيطالية.
ورغم هذه السلوكيات وبينما يرى مشجعو نادي ميلان أحيانا أن مهاجمهم يغط في سبات عميق على أرض الملعب ويبدو وكأنه يلعب بلا مبالاة ، يمثل بالوتيلي إزعاجا ورعبا دائما لمنافسي فريقه.
والسبب في هذا بسيط للغاية، ويمكن التعرف عليه إذا غاب نظر مدافعي المنافس عن هذا اللاعب لثانية واحدة لأنه سيجعل المنافس يدفع الثمن غاليا. وعلى من يريد معرفة هذا جيدا أن يسأل مدافعي المنتخب الإنجليزي بعدما عجزوا عن منعه من تحويل الكرة برأسه بشكل رائع إلى داخل شباك الإنجليزي خلال مباراة المنتخبين أمس الأول السبت بمدينة ماناوس البرازيلية.
وصرح المدرب تشيزاري برانديللي المدير الفني للمنتخب الإيطالي، إلى وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) قبل بداية البطولة، قائلا "الحقيقة أن بعض الحب جنون.. وخارج الملعب، يوفر بالوتيلي دائما العديد من الفرص للجدل والنقاش كما يقسم الرأي العام في إيطاليا : البعض لا يمكنهم الوقوف معه، وآخرون يرونه مثلا أعلى يحتذى. ولكنني أثق في أنه سيترك بصمة في كأس العالم".
يالها من نبوءة ، حيث نجح اللاعب بالفعل في إسقاط المنتخب الإنجليزي الشجاع لتصفه صحيفة "ذي صن" البريطاني الشهيرة أمس الأحد بأنه "بالو..هيللي" في إشارة إلى أنه فتى من الجحيم وقد تكون الإشارة إلى إقامة المباراة في طقس عصيب للغاية بمدينة ماناوس الواقعة وسط غابات الأمازون.
ورغم أن مشاكله القديمة صنعت له سمعة مثيرة للجدل، فهناك مؤشرات توحي بأن الأمور تغيرت مؤخرا.. ويبدو أن أحد مفاتيح هذا التغير يتعلق بالابتسامات والقبلات التي وجهها إلى كاميرات المصورين بعد المباراة.
ولم يكن بالوتيلي في ماناوس هو بالوتيلي الذي اعتاد عليه المشجعون في السنوات القليلة الماضية.
وقال بالوتيلي /23 عاما/ ، الذي خاض مباراته الأولى في المونديال من خلال لقاء إنجلترا "إنني سعيد بالفعل. إنها تجربة فريدة".
وإذا كان المفتاح ظهر من الابتسامات، فإن التصريح القادم لبالوتيلي سيحمل التفسير. وقد يقول "أهدي الهدف لزوجة المستقبل ولعائلتي ولأصدقائي الذين يشاهدونني عبر التلفزيون".
ولم تكن حياة بالوتيلي سهلة على الاطلاق، فقد ولد في مدينة باليرمو لأبوين مهاجرين من غانا ولكنه انتقل لينشأ في كنف عائلة إيطالية بشمال إيطاليا وذلك عندما كان لا يزال في الثالثة من عمره.
ومع شعوره بأن والديه الأصليين تركاه كما أنه لم يعد يشاهدهما إضافة لتنشئته كصبي ذي بشرة سوداء في مجتمع يتهم بالعنصرية، فإنه يصبح حالة رائعة أمام أي طبيب أو محلل نفسي.
وفي فبراير الماضي، أجبر بالوتيلي على الاعتراف بأنه أب لطفلة تدعى بيا أنجبها من علاقته السابقة برافاييلا فيكو وذلك بعدما هددت رافاييلا بأن تطالب باختبار الحامض النووي لبالوتيلي.
ولكنه في العاشر من يونيو الحالي، وقبل أيام قليلة على بدء مشاركته الأولى في بطولات كأس العالم، أعلن بالوتيلي للعالم أنه سيتزوج في القريب العاجل من صديقته عارضة الأزياء البلجيكية فاني نيجويشا.
وذكر بالوتيلي على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي عبر الانترنت، "قالت نعم.. إنها أهم موافقة في حياتي" كما نشر على موقع "انستجرام" للتواصل الاجتماعي صورة له مع خاتم الخطوبة والشاطئ الذي أقيم عليه حفل الخطوبة.
ومن الصعب عدم إيجاد رابط بين راحة بال اللاعب حاليا والكلمات الحكيمة التي نطق بها بعد المباراة أمام إيطاليا حيث قال "فزنا ، لكننا يجب أن نواصل الأداء بثبات. بخلاف هذا، لن نذهب لأي مكان".