في أول خروج رسمي له، منذ انطلاق حملة المقاطعة، قبل ستة أسابيع، والتي استهدفت ثلاث مواد استهلاكية، من بينها الحليب، حذر عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، من التداعيات الخطيرة لهذه المقاطعة، على آلاف الفلاحين، والذين اضطر عدد كبير منهم إلى إتلاف آلاف اللترات من الحليب، بعد قرار شركة "سنطرال دانون" تقليص كميات الحليب الخام التي تقتنيها من التعاونيات الفلاحية بنسبة 30 في المائة، بسبب تأثرها بحملة المقاطعة. وقال أخنوش، خلال الاجتماع الذي عقدته لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب، "حذاري من المساس بتوازن سلسة إنتاج الحليب، والتي تؤمن الدخل لأزيد من 200 ألف أسرة"، مضيفا أنه في حال استمرت هذه المقاطعة، فإن "المستثمر سيهرب، والفلاح ومربي الماشية سيغادرون البوادي وسيهاجرون إلى المدن، فضلا عن الكساد الذي سيضرب قطاع بيع الأبقار الحلوب والتي ستنخفض أثمنتها"، قبل أن يشير إلى أنه "لا أحد يعرف أين ستقف نتائج هذه الحملة". المسؤول الحكومي، وبلهجة عامية صريحة، أبدى قلقه حيال "الحالة النفسية للفلاحين"، خاصة الصغار منهم، حيث خاطب نواب الأمة خلال الاجتماع ذاته، والذي استمر إلى الساعات الأولى من صباح اليوم (الأربعاء) قائلا، "الله يكون في عوان الفلاحين الصغار، راه ما بقاوش عارفين شكون غايشري من عندهم غدا"، ثم زاد مستذكرا "كنفكر في الحالة النفسية ديالهم غادي يفيقوا في صباح مايعرفوا مايديرو بالأبقار ديالهم والمنتوجات ديالهم". ووفق أخنوش فإن "الفلاحين لا ذنب لهم ليتم معاقبتهم بهذه الطريقة"، ثم تابع قائلا "راه الناس عاملين كريديات باش يستثمرو"، فمن أين سيأتون بالأموال ليسددوا ديونهم تجاه الأبناك؟ يتساءل الوزير، الذي عبر عن تذمره من إلحاق الضرر بالفلاحين، وبالعمل الذي قامت به الحكومات المتعاقبة على مدى 12 سنة، فيما يخص تطوير سلسلة انتاج الحليب، حيث قال في هذا السياق "حنا كلنا مضرورين ومقصحين منكدبش عليكم، ولكن أنا متذمر فلا يُعقل بعد 12 عام وعقود من العمل نوصلو إلى مرحلة نكبو الحليب فالقوادس". وشدد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أن بناء البلاد وجلب الاستثمارات لا يتم بهذه الطريقة"، في إشارة منه إلى المقاطعة، والتي حذر من خطورة تناميها، ومن أن تشمل قطاعات أخرى، داعيا في الوقت ذاته الأحزاب السياسية إلى "أخذ العبرة مما يقع"، قبل أن يعلن عن أن الحكومة "ستقف إلى جانب الفلاحين وستساندهم في محنتهم". من جهة أخرى، كشف المعطيات الرقمية التي قدمها أخنوش أمام أعضاء لجنة القطاعات الانتاجية، حول تطور "سلسلة الحليب منذ إطلاق مخطط المغرب الأخضر"، أن هذه السلسلة التي تساهم بشكل كبير في النسيج الإقتصادي والإجتماعي، تعد مصدر عيش 14 مليون شخص، حيث تخلق ما بين 400 ألف و 450 ألف منصب شغل مباشر وغير مباشر. وأفاد الوزير بأن 95 في المائة من مربي الأبقار يتوفرون على أقل من 10 أبقار ( صغار الفلاحين )، مشيرا إلى أن حجم الإستثمار الخاص في سلسلة الحليب، يبلغ 5.3 مليار درهم قام بهام مربو الماشية الحلوب ما بين 2008 و 2017. وأكد أخنوش أن سلسلة الحليب تساهم بشكل فعال في الأمن الغذائي نظرا لارتفاع الإنتاج بنسبة 42 في المائة ما بين 2008 و2017، و"هو ما شكل قفزة نوعية من حيث تلبية الطلب الداخلي للإنتاج الوطني بنسبة 96 في المائة"، بحسب تعبيره، موضحا أن تطورها "تم بفضل سياسات مهمة لوزارة الفلاحة منذ العام 2008، حيث أطلق 68 مشروع في إطار مخطط " المغرب الأخضر". وعاد الوزير في عرضه إلى الحديث عن الآثار السلبية لحملة المقاطعة على سلسلة الحليب، حيث قال إن هذه الأخيرة معرضة اليوم ل"ضرر كبير عبر تفككها وعبر تطوير مسالك تسويق غير مهيكلة بالإضافة لانخفاض مداخيلها من حيث رقم المعاملات الفلاحية والمساهمة في الناتج الداخلي الخام الفلاحي بالإضافة للمساهمات الضريبية"، مضيفا أن السلسلة ستتأثر أيضا "عبر فقدان مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة وإغلاق مواقع صناعية مما من شأنه أن يؤثر على المنظومة المحيطة بالقطاع ( النقل والخدمات ). كما نبه الوزير إلى أن توقيف عملية التجميع لدى مربي الماشية الحلوب "سينعكس مباشرة بانخفاض مداخيل الفلاحين وبالأنشطة الفلاحية الأخرى المرتبطة بسلسلة الحليب من زراعات وتربية الأغنام"، محذرا من أن تسويق الحليب في المسلك غير الرسمي "ستكون له عدة انعكاسات في مجال السلامة الصحية"، وذلك عبر تراجع المكتسبات في المجال الصحي والمعايير الصحية، وإنتاج حليب فاسد لا يحترم سلسلة التبريد ومضر لصحة المستهلك، وعبر احتمال ارتفاع الغش في مكونات الحليب لا سيما عبر إضافة الماء ومواد خارجية، يقول الوزير. بدوره، حذر لحسن الداودي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة، المكلف بالشؤون العامة والحكامة من اثار حملة المقاطعة على جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث كشف الوزير أن المغرب سجل خلال هذه السنة تراجعا على مستوى جلب الإستثمارات، بعدما احتل في السنة الماضي المرتبة الأولى كأفضل وجهة للاستثمار بأفريقيا، مشددا أن المقاطعة "لا تخدم صورة المغرب، بل إنها تهدد النمو الاقتصادي وتشجيع الاستثمار". وتابع المسؤول الحكومي أن "مهاجمة الحكومة يظل أمرا طبيعيا، ولكن ضرب الاقتصاد يعد مسألة لا يمكن القبول بها"، مشددا أنه "كلما زادت خطورة المقاطعة إلا وسلط الإعلام الدولي الضوء عليها بشكل أكبر"، مضيفا أن هذا الشكل الاحتجاجي "سيضر كثيرا بالمغرب، خصوصا ونحن نبحث عن تنظيم كأس العالم 2026″، يضيف الوزير، الذي اعترف بأن الإشكالية المطروحة اليوم مرتبطة ب"تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، التي لا تساير الأسعار"، والتي يرى أن حلها يمر عبر "محاربة البطالة والرفع من الاستثمارات الوطنية والأجنبية".