بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المتقين سيدنا محمد بن عبد الله الأمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين. أخواتي المناضلات إخواني المناضلين ، تحت شعار "من أجل تنظيم ليبيرالي قوي وفعال" يعقد حزب الاتحاد الدستوري بجهة مراكش تانسيفت الحوز مؤتمره الخامس هذا ، مما يعني ضرورة تقوية الحزب من خلال هيكلته ورص صفوف مناضليه بالجهة، وإن حزبنا إذ ينادي بالليبرالية الاجتماعية، لا يفعل ذلك من باب الترف الفكري أو الزهو الإيديولوجي، وإنما اقتناعا منه بفعاليتها في معالجة المشاكل قوتها في تدبير الشأن العام الوطني، وحزب الاتحاد الدستوري مثلما هو معهود فيه دائما، واضح في اختياراته، لا يصطاد في الماء العكر ولا يتغذى على أخطاء الغير، وإنما يحمل تصورا متكاملا وبرنامجا يشمل مختلف الأبعاد الاجتماعية منها والسياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، منطلقا من مرجعية كونية بما يتلاءم والثوابت المغربية وهويتنا الحضارية، مرجعية تتمثل في ليبرالية اجتماعية، أساسها الانفتاح والتسامح وتقبل الاختلاف والاهتمام بكافة الشرائح المجتمعية ، وذلك قصد الرفع من المستوى المعيشي واجتثاث كل أسباب الفاقة والهشاشة والتهميش ، وهو أمر لا يتم إلا باعتماد استراتيجية تمتد في كافة القطاعات وعلى مستوى كل الأبعاد. وهكذا فإن مشروع الاتحاد الدستوري لا يفتدي قطاعا بقطاع، ولا يعالج المشاكل في جانب ليراكمها في آخر، ولا يميل إلى مسألة متناسيا غيرها أو متجاهلا لأخرى، وإنما هو مشروع يلامس كل القطاعات وكل الفئات، بل كل مواطنة ومواطن في البادية أو المدينة، في إطار تنمية شاملة ومستدامة محورها الإنسان. إن مؤتمرنا الجهوي هذا يأتي في إطار عمل الحزب على تجديد هياكل إعادة تنظيمها على صعيد الجهات في أفق المؤتمر الوطني، الذي حدده المجلس الوطني في دورته الأخيرة داخل أجل لا يتجاوز خريف هذا العام، بعدما أنجز محطتين وطنيتين كبيرتين في جو من المسؤولية الديمقراطية، تمثلتا في المؤتمرين الوطنيين الناجحين لمنظمتي الشبيبة والمرأة. ذلك أن الهيكلة والتنظيم أساس الفعالية الحزبية، ومنطلق العمل السياسي الجاد، كما أن الهيئات الحزبية هي المدرسة الأساس للديمقراطية وقيمها، وإن دمقرطة الأحزاب السياسية هي عمدة انتشار هذه القيم في المجتمع . أخواتي المناضلات إخواني المناضلين ، لقد عاش حزب الاتحاد الدستوري بالجهة تحديات كبيرة، إلا أنه استطاع مواجهتها بفعل انضباط مناضليه والتزامهم، بقيادة المنسق الجهوي للحزب الأخ عمر الجزولي، وان ما يعيشه حزبنا بالجهة من حيوية ونشاط لدليل على تغلغله في وسط الساكنة بالجهة، ولدليل أيضا على ثقة المواطنين فيه، ثقة لم تبرح مكانها بل زادت جذوتها اتقادا، إلى أن وصلنا إلى هذه المحطة الكبيرة التي نحن فيها اليوم، مما يبين وبما لا شك فيه إن الالتزام ووحدة الصفوف سمة أساس نتميز بها -نحن المناضلين الدستوريين - ذكورا وإناثا، شيبا و شبابا، غايتنا من كل ذلك خدمة المصلحة العليا لوطننا الحبيب الذي يسير بخطى ثابتة على نهج قويم نحو التقدم والازدهار تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، مما يبوئ وطننا المكانة التي يستحقها بين الأمم، وهاهي ذي التجربة المغربية صارت أنموذجا يحتذى بعد الأحداث والتحولات التي عرفها المحيط الإقليمي، وهذا برهان قاطع على تلاحم العرش والشعب بما لا تشوبه شائبة. وقد أسهم حزبنا بالجهة كما في باقي أنحاء المغرب مثلما هو معهود فيه دائما في تأطير المواطنين وتعبئتهم للمشاركة الفعلية والفاعلة، الواعية والمسؤولة، سواء في الاستحقاقات الدستورية التي أثمرت دستورا ديموقراطيا، استجاب لتطلعات المغاربة خصوصا الشباب، وكان إحدى العلامات الفاصلة في تاريخ المغرب المعاصر، أو في الاستحقاقات التشريعية التي اعترف الجميع بشفافيتها ونزاهتها، مما يضع الأحزاب الوطنية –ومنها حزبنا- أمام مسؤولياتها في تدبير الشأن العام، ونحن مناضلي الاتحاد الدستوري نساء و رجالا، بجهة مراكش تانسيفت الحوز كنا ومازلنا وسنبقى نتحمل مسؤوليتنا الكاملة في تأطير المواطنات والمواطنين ، مؤدين دورنا المنوط بنا على أكمل وجه مع التركيز على فئة الشباب بجنسيه، وهو ما قمنا به فعلا من خلال العناية بالشبيبة الدستورية بالجهة، وكذا من خلال الإشراك الواسع للشباب في المسؤوليات الحزبية جهويا وإقليميا ومحليا. أخواتي المناضلات إخواني المناضلين ، يعيش العالم تحولات كبيرة، أسبابها متعددة على رأسها التطور اليومي الهائل في وسائل الاتصال، مما يعني أن تطورا آخر يلازمه على مستوى الأفكار والرؤى، وهو أمر يقتضي منا كحزب ذي منطلقات حداثية ومرجعية إنسانية ضرورة تجديد الخطاب، اقتناعا منا أن ما لا يتطور يتدهور، خطاب يجب أن يتسم بالقدرة على التغلغل في نفوس الجيل الصاعد، خطاب يفتح الإنسان على العالم وعلى التنوع الثقافي والاختلاف الفكري فيه، وفي الوقت نفسه يشده بقوة إلى مقوماته الحضارية وهويته الثقافية الغنية، إنه خطاب الجمع بين الكونية والخصوصية، علما أن المغرب ظل على مر العصور ملتقى الحضارات وحضن التسامح وموطنا يتحول فيه الاختلاف إلى ائتلاف وقوة، إنه باختصار وطن الغنى الفكري والثراء الثقافي، وطن لا يرفض إلا التعصب والتزمت، يرفض الإقصاء و الدغمائية والتطرف، إنه وطن السلام ووطن الإنسان، كذلكم كان وكذلكم سيبقى آمنا مطمئنا مستقرا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وستتعلم الأجيال اللاحقة والتي تليها أن المغرب فخور بكل مكوناته ومقوماته، يغني بعضها بعضا ويقويه، وتتعلم أيضا أنه متقبل للآخر محاور ومفيد له ومستفيد منه، لا يتزحزح عن مبادئه قيد أنملة، عرشه وشعبه متلاحمان تلاحما أبديا. أخواتي المناضلات إخواني المناضلين ، إن الاتحاد الدستوري يتابع بقلق الأزمة الحكومية منذ أشهر، وقبلها غياب الانسجام بين مكونات الأغلبية، مما يعود سلبا على تدبير الشأن العام الوطني ويعرقل كل الأوراش، و يهدر الزمن بحثا عن انسجام بات مستحيلا، أوتحالف بدا قصيا، تناثرت فيه الشروط ذات اليمين وذات الشمال، وغلب عليه منطق الغنيمة الوزارية و الفيء الحقائبي، بدل تغليب مصلحة الوطن، ويؤخر التفعيل السليم للدستور؛ لذلك فإن حزبنا يدعو إلى تغليب المصلحة العليا للوطن و الإسراع بإخراج النسخة الثانية من الحكومة، والخروج من هذه الأزمة، قصد الانكباب على الإصلاحات اللازمة وانطلاق العمل. وإذا تعذر الحل السريع فإن الحل الأنجع هو انتخابات سابقة لأوانها، وحزبنا على أتم استعداد لخوض غمارها. وان الحزب بما يعرفه من حضور متميز بجهة مراكش تانسيفت الحوز، وبتجربته المهمة والغنية في تدبير الشأن المحلي بالجهة، سواء على مستوى المجلس الجماعي أو مجالس المقاطعات والجماعات، يشيد بكل المجهودات الساعية إلى تنمية الجهة من طرف الساهرين على تدبير الشأن المحلي سواء من حزبنا أو من أحزاب أخرى، داعيا إلى بذل المزيد من الجهود، قصد تنمية الجهة بما يتلاءم والإمكانيات الكبيرة التي تزخر بها جهتنا، وكذا بما يتناسب وتوجه المغرب نحو تفعيل نظام الجهوية المتقدمة والموسعة. كما أن الاتحاد الدستوري يدعو إلى مجموعة من الإجراءات التي يمكنها الإسهام بشكل فعال في التنمية الجهوية نوردها كما يلي: * إعادة النظر في نظام وحدة المدينة، حيث لم يؤد الدور المنتظر منه ، وذلك بسبب القوانين التي تؤدي إلى تركيز مالية المدينة لدى المجلس الجماعي، مما يؤدي إلى غياب المنافسة بين المقاطعات. * العودة إلى نظام البلديات، نظرا لجدواه في تدبير الشأن المحلي، من خلال تكثيف اهتمام كل بلدية بمحيطها. * رفع سقف العتبة الانتخابية، وذلك قصد تجنب البلقنة في المجالس المنتخبة، لأن ذلك يؤدي إلى عسر التدبير وصعوبة الانسجام بين مختلف الشركاء السياسيين، كما أنه سيمكن من تكوين هذه المجالس من حزبين أو ثلاثة ليحد من اتساع دائرة الخلاف. * ضرورة إخراج ميثاق منظم للمدينة، وذلك قصد هيكلتها بما يتناسب ومعمارها من جهة، وتنظيم توزيع مرافقها الحرفية. * خلق مدن كوكبية بإطار قانوني وتصميم للتهيئة مصادق عليه، مع ضرورة توفير كافة المرافق الاجتماعية الضرورية لساكنتها. * المحافظة على المآثر التاريخية وعلى التراث المادي والشفوي، خصوصا أن جهتنا تزخر بالكثير منه، من هنا ندعو إلى تأسيس المجلس الأعلى للتراث، يناط به دور المحافظة على التراث الغني للمملكة، وعلى رأسه ساحة جامع الفنا والمآثر التاريخية المادية، وكذا العناية بالنخيل؛ نظرا لكونه تراثا بيئيا تتميز به المدينة الحمراء ومحيطها. * اقتراح فروع للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، خصوصا في المناطق التي تستعمل فيها اللغة الامازيغية بشكل واسع، وعلى رأسها جهة مراكش تانسيفت الحوز. * تأهيل الشبكة الطرقية بين مناطق الجهة المختلفة، وذلك من خلال العناية بالطرق الثانوية، وضرورة إحداث طريق مزدوج بين مراكش وقلعة السراغنة وباقي مناطق الجهة لربطها ببعضها بعضا و فك العزلة عن كثير من مناطق الجهة ودواويرها. * تأهيل المستشفيات الإقليمية والمستوصفات لرفع الضغط على المستشفيات الإقليمية و المستشفى الجامعي، مما يمكن من الحد من ظواهر سلبية كثيرة، على رأسها: وفيات النساء الحوامل أثناء الوضع، ووفيات الأطفال. * العناية بالمنظومة التعليمية بالجهة، من خلال تأهيل المؤسسات التعليمية، وتأسيس مدارس جماعاتية، مما سيقلص من ظاهرة الهدر المدرسي، خصوصا لدى الإناث، مع ضرورة توفير الحاجيات الأساسية للمدرسين بالمناطق النائية والعناية بالمدارس القرآنية. * العناية بالشباب من حيث التأطير والتكوين، مما يقتضي إيجاد المرافق الضرورية لذلك، في كافة مناطق الجهة، خصوصا دُور الشباب، وإنشاء مراكز شبابية متعددة التخصصات وغيرها. * حل جذري لمشكلة الباعة الجائلين، وذلك من خلال انخراط الجميع، سواء المؤسسات المسؤولة وهيئات المجتمع المدني. * ضرورة الاهتمام بالعالم القروي، خصوصا فئة الفلاحين الصغار، وكذا المرأة القروية التي تعاني من التهميش وضعف التأهيل. * ضرورة معالجة مشكلة الأمن بالجهة، على أنها مشكلة لها أسباب اجتماعية واقتصادية؛ لأن إنجاز ما سبق ذكره كفيل بالإسهام في ذلك، إضافة إلى الاهتمام بفئة رجال الأمن والدرك الملكي والقوات المساعدة ورجال المطافئ وغيرهم. أخواتي المناضلات إخواني المناضلين ، إن حزب الاتحاد الدستوري حزب قوي كما عهدتموه، وفي لمساره و خطه النضالي في خدمة الوطن و المواطنين كما عرفتموه، ذلك منذ تأسيسه قبل ثلاثين عاما، بل إنه أحد المكونات الأساس في الساحة السياسية المغربية، لم يأل جهدا قط في أداء دوره سواء في الحكومات السابقة، أو في المعارضة، بعيدا عن المزايدات السياسوية الجوفاء العنتريات الخرقاء، نائيا بنفسه عن الشعبوية الزائفة، إذ إن قناعته متمثلة في أن الانجازات العملية هي فيصل التفرقة بين الجدية والغوغائية، ومناط حكم التاريخ على أي هيئة سياسية، وها نحن نرى اليوم كيف أن أسلوب حزبنا و طريقة تدبيره للشأن العام صارت مرجعا لدى المواطنين المغاربة، أن واقعيته في تناول القضايا قربه من هموم الناس اليومية صارت على لسان كل ناظر إلى الأمور بموضوعية، قابل للاعتراف دونما حساسية أو تعنت. إن الواقعية في التدبير، والعقلانية في التفكير، رزانة الرؤية بعد النظر هدوء الخطاب وعمق التصور، سمات يتسم بها الاتحاد الدستوري، يجب أن يبقى متمسكا بها يربي مناضليه عليها خصوصا الجيل الصاعد الذي سيتسلم مشعل قيادته مستقبلا، لأن التاريخ لا يفتأ يذكرنا أن هذا المنهج هو الأسلم و الأنفع للوطن والمواطنين، أن ما دون ذلك هشيم سرعان ما تذروه الرياح، وما ينفع الناس يمكث في الأرض. فنحن الدستوريين يجب أن نبقى واقعيين كما كنا دائما، غايتنا الوطن مصلحته، هدفنا المواطن المغربي وحاجياته وكرامته في كل مدينة و بادية، في كل حي كل قرية، بل في كل بيت وزاوية. وجودنا هنا ومع ومن أجل، وجودنا وسط تطلعات المواطنات والمواطنين في حياتهم اليومية، وجودنا لا يبتغي إقصاء ولا يستهدف هيمنة، بل يريد التعاون مع كافة الهيئات الوطنية الديمقراطية ومع كل من يسعى إلى خدمة الوطن فردا كان أو مجموعة تحت القيادة الحكيمة لملكنا الهمام جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، متمسكين بثوابتنا الوطنية وبوحدتنا الترابية، ووجودنا من أجل مغربنا الحبيب ومن أجل كل مغربي في كل زمان و مكان. شعارنا في الماضي والحاضر والمستقبل – الله الوطن الملك- وتحية نضالية وعاش الاتحاد الدستوري حزبا مناضلا وقويا والسلام عليكم و رحمة الله