في إطار الجهود المبذولة لحماية المستهلك وضمان سلامته الغذائية، تمكنت السلطات المختصة خلال عمليات تفتيش مفاجئة من ضبط كميات كبيرة من المواد الغذائية منتهية الصلاحية، التي كانت تُعرض للبيع بأثمنة منخفضة في بعض الأسواق والمتاجر. وتنوعت هذه المنتجات بين مشتقات الحليب، واللحوم المجمدة، والعصائر، والمواد المعلبة، حيث تبين أن بعض التجار عمدوا إلى تسويقها رغم انتهاء صلاحيتها، مستغلين الإقبال الكبير على هذه المنتجات وانخفاض أسعارها لجذب المستهلكين. وكشفت التحقيقات الأولية أن هذه المواد الغذائية يتم إعادة تغليفها في بعض الحالات، أو تخزينها في ظروف غير صحية، مما يشكل خطرا كبيرا على صحة المستهلكين. وفي هذا السياق، شددت السلطات الرقابية على أن بيع المنتجات منتهية الصلاحية لا يقتصر فقط على الأسواق العشوائية. وفي هذا السياق، أكد بوجمعة موجي، نائب رئيس جمعية حماية المستهلك بالدار البيضاء، في تصريح ل"رسالة24″، أن التدابير التي تتخذها السلطات المختصة لمراقبة المنتجات الغذائية قبل وخلال شهر رمضان ضرورية، لكنها تظل غير كافية إذا لم تكن دائمة على مدار السنة. وأوضح أن الممارسات غير اللائقة في هذا القطاع تستوجب تدخلات منتظمة ومستدامة لضمان حماية حقوق المستهلك المغربي وتحقيق سلامته الغذائية. وأشار موجي إلى أن حملات التفتيش والمراقبة تشهد تكثيفا ملحوظا خلال شهر رمضان مقارنة ببقية السنة، وهو أمر إيجابي بالنظر إلى ارتفاع استهلاك المواد الغذائية في هذه الفترة، لكنه شدد على أن هذه الحملات ينبغي ألا تقتصر على الشهر الفضيل فقط، بل يجب أن تكون مستمرة دون انقطاع، لتفادي التجاوزات التي قد تضر بالمستهلك. كما لفت المتحدث الانتباه إلى وجود خروقات قانونية خطيرة، خاصة فيما يتعلق بعدم احترام مقتضيات قانون حماية المستهلك رقم 31.08، الصادر سنة 2011، والذي يتضمن 206 مادة قانونية تهدف إلى تنظيم العلاقة بين البائع والمستهلك وضمان الشفافية في المعاملات التجارية. ومن بين أبرز المخالفات التي لا تزال قائمة، عدم الالتزام بإشهار الأسعار بشكل واضح، حيث أشار إلى أن أكثر من 80 بالمئة من الموردين والباعة لا يحترمون هذا البند، مما يحرم المستهلك من حقه في معرفة الأسعار واتخاذ قرارات شرائية مستنيرة. وأبرز موجي أن الجمعية تطالب بمراقبة دائمة وشاملة للأسواق والمتاجر، وليس فقط خلال المناسبات الموسمية، لضمان التزام التجار بالقوانين وحماية المستهلكين من أي تلاعبات قد تمس بصحتهم أو حقوقهم الاقتصادية. كما دعا الجهات المعنية إلى تشديد الرقابة واتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد المخالفين، بما في ذلك فرض غرامات وعقوبات رادعة، لضمان بيئة تجارية أكثر شفافية ونزاهة. وفي سياق متصل، أكد نائب رئيس الجمعية أن حماية المستهلك مسؤولية مشتركة بين السلطات المختصة، والجمعيات المدنية، ووسائل الإعلام، التي يجب أن تساهم بدورها في توعية المواطنين بحقوقهم وتعزيز ثقافة الاستهلاك المسؤول. كما شدد على أهمية تعزيز التنسيق بين مختلف المتدخلين لضمان استدامة عمليات المراقبة وضمان جودة المنتجات الغذائية المطروحة في الأسواق المغربية. واختتم موجي حديثه بالتأكيد على أن الجمعية ستواصل جهودها في الدفاع عن حقوق المستهلكين، والمطالبة بإصلاحات جذرية تضمن نزاهة السوق، مشددا على ضرورة التزام التجار بالقوانين المعمول بها لتفادي أي ممارسات من شأنها الإضرار بالمواطنين. في إطار الجهود المتواصلة لحماية المستهلك وضمان جودة المواد الغذائية خلال شهر رمضان، أكد المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية ل"رسالة24″ أنه يتخذ مجموعة من التدابير الاستثنائية لتعزيز الرقابة على المنتجات الأكثر استهلاكا، مثل اللحوم ومشتقاتها، الحليب ومشتقاته، منتجات البحر، العصائر، التمور، الحلويات والزيوت، وذلك بهدف تأمين صحة المواطنين والتأكد من مطابقة هذه المنتجات للمعايير الصحية المعتمدة. تقوم فرق المراقبة المتنقلة التابعة ل"أونسا" بخرجات ميدانية مكثفة خلال هذه الفترة، تشمل زيارة المؤسسات الصناعية الخاصة بالمواد الغذائية، إلى جانب المشاركة في اللجان الإقليمية والمحلية المختلطة المكلفة بمراقبة نقاط البيع والمطاعم الجماعية، وتهدف هذه التحركات إلى ضمان احترام معايير السلامة الغذائية والتصدي لأي مخالفات قد تشكل خطرا على صحة المستهلك. ولتحقيق هذه الأهداف، يعتمد المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية على موارد بشرية وتقنية متطورة، حيث يتم الاستعانة بالمختبرات الجهوية لإجراء التحاليل والأبحاث المخبرية، مما يوفر دعما فنيا ضروريا لعمليات المراقبة، ويساعد في التأكد من سلامة المنتجات الغذائية المطروحة في الأسواق. إلى جانب الرقابة الداخلية، يشدد "أونسا" على مراقبة التمور المستوردة عبر ثلاث مراحل رئيسية، تبدأ بالمراقبة الوثائقية التي تهدف إلى التحقق من صحة الملفات والمستندات المرافقة للشحنات المستوردة، تليها مراقبة الهوية والمراقبة المادية، التي تضمن تطابق التمور المستوردة مع الشهادات والوثائق الرسمية ومدى امتثالها للمعايير المعمول بها، ثم تأتي المراقبة العينية التي تشمل أخذ عينات تمثيلية من التمور وإجراء التحاليل المخبرية اللازمة للتأكد من جودتها وسلامتها الصحية. وفي هذا السياق، يوصي "أونسا" المستهلكين بضرورة التحقق من جودة المنتجات الغذائية قبل شرائها، مع اتباع مجموعة من الإرشادات لضمان استهلاك آمن وسليم، من بينها التسوق من أماكن موثوقة وثابتة لضمان توفر المنتجات على المعايير المطلوبة، والتأكد من مصدر المنتوج، سواء كان محليا أو مستوردا، وقراءة المعلومات الواردة على العلبة بعناية، والتحقق من وجود ترخيص "أونسا" أو اسم وعنوان المستورد، مما يضمن أن المنتج خضع للفحوصات المطلوبة، والانتباه إلى شروط العرض والحفظ، خاصة بالنسبة للمنتجات التي تحتاج إلى تبريد أو تخزين في ظروف خاصة، والتأكد من تاريخ الصلاحية وجودة التغليف لتجنب استهلاك منتجات منتهية الصلاحية قد تشكل خطرا على الصحة. مع ارتفاع الطلب على المنتجات الغذائية خلال شهر رمضان، تؤكد السلطات المختصة التزامها بتكثيف عمليات التفتيش والمراقبة لضمان توفر أغذية سليمة وذات جودة عالية في الأسواق. كما تدعو المواطنين إلى التفاعل مع هذه الجهود من خلال الإبلاغ عن أي مخالفات أو ممارسات مشبوهة، مما يساهم في تعزيز ثقافة استهلاكية مسؤولة وحماية صحة الجميع.