بعد أن سمع العالم بأسره ومن منبر الأممالمتحدة وبدون أدنى تحفظ أو تحوط، عن دولة حثالة مجرمة في حق جيرانها، وذلك على لسان الوزير الأول الحالي لجمهورية مالي الشقيقة الجارة الجنوبية لدولة الحثالة، كما وصفها الوزير المذكور، ها هو البرلمان الأوروبي تدوي أرجاء قبته وقاعته بأوصاف يندى لها الجبين في حق هذه الدولة المجرمة التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء وكل الأخلاق والآداب المرعية في علاقاتها الدولية، فاستحقت أن يتجرأ عليها القاصي والداني والكبير والصغير والقوي والضعيف، جالبة بذلك المهانة لشعبها والإذلال لمؤسساتها، بينما هي تنفخ في كير الحرب وتدق طبوله وتستعرض عضلات مرتخية ومتدلية على صدور عساكر عجزة فاقدين للقدرات التمييزية، حتى باتوا يطلقون الرصاص على أقدامهم. فعلى خلفية استمرار العصابة في اختطاف واحتجاز الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، خارج القانون، وبتهم مفبركة معتادة من العصابة، لم تجد النائبة في البرلمان الأوروبي ماريون ماريشار كلمة ديبلوماسية خفيفة ومناسبة ولبقة في وصف سلوكات وتصرفات دولة العصابة إلا وصف "الدولة المارقة " (l'état voyou) في إشارة إلى اشتغال هذه الدولة خارج القانون، مثلها في ذلك مثل أي عصابة إجرامية من الرعاع وقطاع الطرق، ناهيك عن وصف البرلمانية المذكورة وفي جلسة عمومية هذه الدولة المارقة بدولة "الرعب". يتزامن هذا التصعيد ضد العصابة مع تصعيدها العدواني ضد المغرب، فكلما زادت العصابة من منسوب عدائها للمغرب، كلما سقطت في المحظور وجرت على بلدها وشعبها الويلات، وتخبطت في شر صنيعها، دون أن يبذل المغرب أي جهد في مواجهتها، لعلمه أن الجاهل أو الغبي يصنع بنفسه ما لا يصنعه العدو بعدوه. فقد أرادت العصابة المغرب بلدا مشوه الصورة ممزق التراب مستضعفا متكالبا عليه، فكانت الهدية العكسية إلى المغرب هي رفع قدره بين الأمم، وتحسين مؤشرات أمنه واستقراره ونمائه وتعاونه، واحترام الأمم والدول لمؤسساته وتقديرها لحكمته وتبصره. قطعت أنبوب الغاز ففتح الله على المغرب أنابيب لم تكن لتفتح لولا أن أتاحت لها العصابة الحقودة هذه الفرصة… قطعت الأجواء على الطيران المغربي لعزله والتسبب في خسارة للسياحة المغربية وللرحلات الجوية، فجاء الناس زرافات ووحدانا إلى الوجهة أو القبلة المغربية من كل فج عميق، وتحولت الأجواء الجزائرية المغلقة إلى مجرد مدار ومنعطف في مسار جديد لرحلات الطائرات المغربية… أنشأت حركات انفصالية ومولتها ودعمتها لتمزيق الوحدة الترابية للمملكة وشغلها عن توجهاتها التنموية، لمدة نصف قرن فكانت النتيجة/ الهدية تفكك دولة العصابة وتخبطها في شر أعمالها وإهدار أموال وثروات الشعب الجزائري في قضية خاسرة لا تزال تواصل استنزاف صناديق الدولة، بالإضافة إلى الأضرار التي ألحقتها بصورة الجزائر حاضنة الإرهاب والانفصال والفوضى في المنطقة، فيما بنى المغرب مجده، وقوى لحمته الداخلية، وانتصر لوحدته الترابية، ونمى أقاليمه الجنوبية، وحافظ على مصداقيته وموثوقيته وسمعته في المحافل الدولية، وتهافتت الدول على صداقته وشراكته، وتراجعت الاعترافات بالدمى الانفصالية التي خلقتها الجزائر من وهم سبعينات القرن الماضي، وتسارعت وتيرة فتح قنصليات بالمدن العامرة بالصحراء المغربية وتوطين الاستثمارات الضخمة القادمة من كبرى دول العالم فيها… منعت تداول خريطة المغرب المتضمنة لأقاليمه الجنوبية واحتجت عليها في الرياضة والسياسة ومهرجانات الطبخ والخياطة، فتداول العالم خرائط المغرب الكاملة في المواقع والبوابات الإلكترونية لوزارات خارجية الدول الشقيقة والصديقة وفي الملاعب والمحافل الدولية وفي إعلانات الترويج للتظاهرات الدولية والقارية والعربية في الرياضة والثقافة والاقتصاد والبحث العلمي والتكنولوجي… لا يتسع المجال لذكر كل الهدايا الجزائرية إلى المغرب كلما تحركت عصابتها بعدوان أو استفزاز أو تهور، ينقلب عليها ويفتح الله به على المغرب بابا من الخير كان مغلقا حتى حركت العصابة مفاتيحه. لقد صار معتادا لدى المغاربة حينما يسمعون أن دولة العصابة تستهدفهم بمؤامرة أو تتخذ خطوة استفزازية جديدة ضد بلدهم أو ضد أصدقائه وشركائه، يستبشرون خيرا بتحصيل منفعة وجلب مصلحة وتوسيع مكسب…آخر ما يؤكد هذه القاعدة البشرى، أن الحملة الظالمة الشرسة التي قادتها العصابة وبلا هوادة على رئيس الحكومة الإسبانية السيد بيدرو سانشيز على خلفية اعترافه بمغربية الصحراء، صبت كلها في صالح سانشيز، وفي صالح تقوية الصداقة والشراكة المغربيتين الإسبانيتين وتكريسهما، فبعد أن كانت العصابة تمني النفس بسقوط سانشيز من رئاسة الحكومة بسبب ما روجته حينها من عدم اتفاق الرأي العام الإسباني ومؤسسات البلاد وأحزابها على ما أقدم عليه رئيس الحكومة من خطوة "خاطئة" بالاعتراف للمغرب بالصحراء، صوت الشعب الإسباني من جديد على سانشيز وتكرس اعتراف الدولة والشعب والحكومة في إسبانيا بمغربية الصحراء إلى غير رجعة، في هدية ثمينة من العصابة إلى المغرب، ولنترك جانبا ما رافق تشكيل الحكومة الإسبانية الجديدة والتوجه إلى البرلمان لنيل ثقته، من سعار جزائري يشير كله إلى أن هذا السانشيز لن يحظى بالأغلبية ولن يشكل الحكومة بدون الرضوخ للمطلب الشعبي بمراجعة الموقف الجديد المفاجئ من الصحراء المغربية، وتشكلت الحكومة وصوت البرلمان لفائدتها وصفق لها الشعب الإسباني رغم أنف العصابة وأمانيها. والجديد هذه المرة، أنه يوم الأحد الماضي، وخلال مؤتمر حزب العمال الاشتراكي الإسباني، وبعد تعويل العصابة الحاكمة في الجزائر على ضغط الحزب على سانشيز لإسقاطه في الاستحقاق الانتخابي الحزبي ومن ثمة الترويج لإضعاف الموقف من ملف النزاع حول الصحراء لرئيس الحزب من الحصول على عهدة رابعة، أعيد انتخاب سانشيز وتزكيته على رأس قيادة الحزب وبنسبة 90 في المائة من أصوات المندوبين، عاصفا بذلك بتكهنات العصابة، مسفها أحلامها دون أن يعير أو تعير إسبانيا أي اهتمام أو حتى مجرد اطلاع على سعار وحمى الحثالة بجوارها، والتي تتخيل أن العالم كله يتابعها ويحسب لآرائها وتخرصاتها حسابا، أو يقيم وزنا لقراءاتها البهلوانية القادمة من قصص العالم الآخر الموازي المبني للمجهول. مكسب المغرب من هذه الاستحقاقات الإسبانية هو الدعم الكبير لملف وحدته الترابية ولشراكاته الاستراتيجية القوية مع الطرف الإسباني، والتأكيد على مواصلة الجانب الإسباني بشكل لا رجعة فيه العمل على طي صفحة وبداية صفحة جديدة من التعاون والدفاع عن المصالح المشتركة وعلى رأسها أمن المنطقة واستقرارها وبناء جسر للتبادل الأوروبي الإفريقي تكون إسبانيا والمغرب بحكم موقعهما الاستراتيجي محوره وبوابته. فكم نحتاج من سعار وعويل واستفزاز وحقد من العصابة لمواصلة وتسريع تحقيق مثل هذه المكاسب المتقدمة، وتحويل الأعمال العدائية الجزائرية إلى فرص ثمينة تبيض ذهبا للمغرب. هنا ندرك جيدا معنى الدعاء بتكثير الحساد الذي ذكره جلالة الملك محمد السادس في إحدى خطبه قبل عامين، مشيرا إلى أن "كثرة الحساد تعني كثرة المنجزات والخيرات".