في خضمّ النقاشات حول الوطن والقضايا الكبرى، يبرز دوماً تساؤل حول الولاء الحقيقي، هل هو للمبادئ والقضايا الوطنية أم للعلاقات الشخصية والمعارف؟ إن الوطن لا يقبل التجزئة، فهو وجود وأساس لكل ما نحن عليه. حين تكون القضية بحجم الوحدة الترابية للمغرب، وحين يكون النقاش حول مغربية الصحراء التي تُعتبر خطاً أحمر، يسقط كل اعتراف بالشخصيات والعلاقات الخاصة التي قد يَتّخذ منها البعض غطاءً لتبرير مواقفهم المتخاذلة أو الانتهازية. الوطن ليس موضوع جدال ولا مجال مقايضة، بل هو التزام ومسؤولية تفرض على كل فرد أن يختار بين الوقوف مع الحق أو التخاذل في خندق المصالح الضيقة. هناك من يُبرر أحياناً مواقفه بعبارات غامضة وبعيدة عن صلب الموضوع، فيتحدّث عن "أصدقاء" أو "أشخاص عزيزين"، متناسيًا أن الصداقة والأخوة تسقط في ميزان الوطن، وتُصبح لا وزن لها إذا كانت على حساب المبادئ والثوابت الوطنية. الصديق الحقيقي هو من يرفع راية الوطن عالياً، ويجعل مصلحة الأرض والحدود فوق كل اعتبار. على سبيل المثال، حين نسمع أشخاصًا مثل "عزيز غالي" الذي بالرغم من تاريخه المعروف، لم يَسبق أن تجاوز أدب الحوار أو تخطى حدوده في تعامله مع المغرب ورموزه وسيادته، نقف مشدوهين أمام مواقف أشد سلبية من أشخاص نَحسبهم بيننا، يفترض أنهم أكثر التزاماً ووفاءً. الفرق يكمن هنا في النوايا والوضوح: الوطن لا يقبل نصف ولاء، ولا ينفعه من يتلاعب بالكلمات ويستغل العلاقات الخاصة لتمرير رسائل مُبطّنة. ففي النهاية، حين يتعلق الأمر بالوحدة الترابية للمغرب، تنتهي كل الصداقات والمعارف، ويبدأ المبدأ، سواءً كنتَ أخاً، صديقاً، أو شقيقاً. لا خُسران أكبر من خيانة الوطن ولا موقف أرفع من الدفاع عن سيادته وثوابته. الصحراء المغربية ليست شعاراً يُرفع، بل عقيدة راسخة في وجدان كل مغربي حرّ. فالوطن ليس أرضاً نعيش فيها فقط، بل هو كرامة وهوية لا تقبل المساومة. الوطن دين مستحق في قلوب كل المغاربة.